الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر والعثمانيون والإخوان والفرنسيون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاحتلال العثمانى لمصر استمر٤٠٠ سنة، والحملة الفرنسية على مصر لم تستمر إلا ٣ سنوات فقط..إلا أن الفارق رهيب بين ما ارتكبه العثمانيون في مصر من أهوال وفظائع، وبين ما قدمته الحملة الفرنسية من تقدم ونهضة وتحديث..
ومن وحى الدراسة التى كتبها الباحث الكبير محمود حسنى رضوان أهديها لجماعة الإخوان الخائنة التى لا تخجل من المجاهرة بخيانتهم لمصر وتأييدهم للخليفة أردوغان..
يروى المؤرخ المصرى الشهير محمد بن إياس في كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور» مشاهد مفزعة للغاية للفظائع والأهوال التى ارتكبتها الدولة العثمانية في حق الشعب المصرى.. يقول ابن إياس إن العثمانيين قد قتلوا من عامة المصريين ١٠ آلاف مصرى في يوم واحد فقط !!. ولم يكتف العثمانيون بذلك، بل إنهم إمعانا في إذلال المصريين، فقد أجبروهم على خلع ملابسهم والسير عرايا في الشوارع، وربطوهم بالحبال من رقابهم وجروهم كما تجر البهائم !!.

وتعتبر شهادة إبن إياس من أهم ماكتب في هذا المجال، باعتباره كان معاصرا لتلك الأحداث الخطيرة، فيشرح بالتفصيل كيف هاجم العثمانيون بيوت الأمراء والتجار والأعيان ونهبوها، ثم توجهوا إلى الطواحين واستولوا على البغال والحمير، وهاجموا شون القمح في بولاق واستولوا على مابها من قمح، ودخلوا الأحياء السكنية ونزعوا الشبابيك والأبواب الحديدية، وحملوها على الإبل لبيعها في الأسواق، وخطفوا الأطفال والنساء والعبيد السود من الشوارع..

وفى كتاب «قاهريات مملوكية» قال الراحل جمال الغيطانى: «إن سليم الأول قام بنقل أمهر عمال مصر وكبار مبدعيها وأرباب الحرف من مصر إلى إسطنبول، وأن هذا قد تسبب في القضاء على جميع الصناعات التى اشتهرت بها مصر، وانقراض أكثر من ٥٠ حرفة مصرية في كافة المجالات، وهذا معناه ببساطة أن سليم الأول قد نقل ثقافة متكاملة إلى عاصمته إسطنبول، لتبدأ نهضة تركيا على حساب نهضة مصر..

ويقول الباحث والمؤرخ د. عماد أبو غازى في كتابه «الاحتلال العثمانى لمصر»: «إن سليم الأول لم يكن فاتحا إسلاميا وإنما مجرم حرب، وأن الاحتلال العثمانى قد قطع الطريق على التحولات الاجتماعية التى كانت آخذة في التطور.

ويقول د. جمال كمال محمود في كتاب «الفلاح المصرى في العصر العثماني» إن العثمانيين قد فرضوا على المصريين عددا هائلا من الضرائب.. وقد أحصى منها ٩٧ نوعا مختلفا من الضرائب.. مثل ضريبة «القدوم» وكان يدفعها المصرى عند استلام الوالى الجديد لمنصبه.. وضريبة تسمى «علمانية» وكان كل مصرى يدفعها عندما يرزق بمولود.. وضريبة تسمى «عيدية» وكانت تدفع في الأعياد.. وضريبة تسمى «خميسية» وكانت تدفع كل يوم خميس.. وضريبة تسمى «عزوبية» ويدفعها الشاب غير المتزوج.. وضريبة «زواج» ويدفعها الشاب عند الزواج......إلخ.

كانت هذه بعض جرائم الاحتلال العثمانى بحق مصر طوال ٤٠٠ سنة.. ولكن على النقيض من ذلك كانت النقلة الحضارية التى أحدثها الاحتلال الفرنسى بمصر في ٣ سنوات (مع التسليم بأنه احتلال):

■ جاء نابليون بونابرت إلى مصر يرافقه ١٦٠ عالما متخصصا في كافة المجالات: طب، هندسة، فلك، جغرافيا، لغات، موسيقى...إلخ وذلك بالإضافة إلى ٢٠٠٠ فنان في جميع الفنون.. وعكف هؤلاء على دراسة كل شيء في مصر: تربة مصر، ونباتها، وحيوانها، وطيرها، ونيلها، ومعادنها، وأسواقها، وآثارها...إلخ.. وفى النهاية أخرجوا لنا التحفة الخالدة موسوعة «وصف مصر».

■ يعتبر اكتشاف حجر رشيد في يوليو ١٧٩٩ على يد الضابط الفرنسى بيير فرنسوا واحد من أكبر الاكتشافات الأثريّة في تاريخ مصر.. ويرجع الفضل الأكبر في فك رموز الحجر، وفهم اللغة المصرية القديمة للعالم الفرنسى شامبليون.. وقد أدى هذا لقراءة تاريخ مصر القديمة وفهم الحضارة الفرعونية العظيمة.

■ أنشأ الفرنسيون في مصر المجمع العلمى على غرار المجمع العلمى في فرنسا، الذى كان نابليون نفسه عضوا به.

ومن العار أن بعض الهمج من المصريين قد أضرموا النيران في المجمع العلمى في ٢٥ يناير، وأحرقوا ٢٠٠ ألف من المجلدات القديمة والكتب النادرة والخرائط والبرديات واللوحات التى لا تقدر بثمن، بما في ذلك النسخة الأصلية من موسوعة وصف مصر!!

■ جاء الفرنسيون إلى مصر ومعهم المطبعة، وكانت تطبع بثلاث لغات مختلفة ومنها اللغة العربية.. وهكذا عرف المصريون الطباعة.. وبعد رحيل نابليون عن مصر ترك المطبعة في الإسكندرية ولم يأخدها معه.

■ أنشأ الفرنسيون المستشفيات للعناية بالصحة العامة.. والفرنسيون هم أول من حولوا قصر العينى إلى مستشفى، واستمر إلى اليوم مركزا متميزا للأبحاث الطبية..

■ أدخل الفرنسيون بعض الأنظمة الإداريّة الحديثة، مثل عمل سجلاّت للمواليد والوفيات، وكانوا أول من أجرى تعدادا دقيقا لسكان مصر.. وعلماء الحملة الفرنسية هم أول من فكروا في حفر قناة السويس، وهم أول من أدخلوا على المجتمع المصرى فكرة المسرح، وقدموا الأوبرا والروايات الكوميدية والتراجيدية، وأدخلوا كثيرًا من وسائل الترفيه مثل المقاهى والملاهى، وأكشاك الموسيقى والمطاعم على الطراز الفرنسى..

وما زال الإخوان المجرمون يهتفون بحياة الخليفة المنتظر «أردوغان».