الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

نجاح اجتماع جنيف ضربة جديدة لتركيا سيناريو تحركات أردوغان لإجهاض مشاورات المغرب.. ورد مصري حاسم.. وخبراء: استمرار الصراع العسكري حيلة أنقرة الوحيدة لتضمن مكاسبها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يتوقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن ممارسة جميع الأعمال غير المشروعة، التي من شأنها إجهاض جميع الجهود الإقليمية والدولية المبذولة، من أجل إنهاء الصراع في ليبيا، وتثبيت وقف إطلاق النار، وإيجاد توافق سياسي يفضي إلى عودة جميع الأطراف لطاولة المفاوضات مجددا.


الفترة الأخير شهدت اجتماعات مكثفة في مدينة بوزنيقة المغربية، شارك فيها ممثلين عن الأطراف الليبية المتنازعة، من أجل البحث عن توافق، يقضي على نقاط الخلاف، ويسمح يإيجاد أرضية مشتركة تنطلق منها مفاوضات سياسية مثمرة، تفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، تنتهي بموجبها الفترة الانتقالية العصيبة التي تعيشها ليبيا. 
وكعادته حاول أردوغان توجيه ضربة للجهود الإقليمية والدولية الحثيثة التي تبذل من أجل إنهاء الصراع العسكري الدائر في ليبيا، وذلك عن طريق إفشال مشاورات بوزنيقة المغربية، التي جمعت ممثلين عن مجلس النواب بشرق البلاد، وعن المجلس للدولة، من أجل إيجاد توافق ينهي النقاط الخلافية التي تعرقل التسوية السلمية للنزاع. 
معلومات نقلتها وسائل إعلام دولية، عن مصادر اطلعت على المشاورات، أفادت بأن إعادة هيكلة المؤسسات وتوزيع المناصب السيادية، لم تحظ بالتوافق الذي يعزز آمال إطلاق حوار سياسي شامل، لا سيما بعد أن تلقى السراج تعليمات من حليفه أردوغان بإصدار عدد من القرارات الاستباقية بتغيير قيادات العمل بحكومته، حتى يفوت الفرصة على مشاورات المغرب للتدخل في اختيار شاغلي أي من هذه المناصب.

سيناريوهات خبيثة
استمرار السياسة التركية في حشد المرتزقة والإرهابيين، ومد ميليشيات السراج بالسلاح، يؤكد أن أنقرة تسعى لإفشال جميع محاولات التقريب بين أطراف النزاع، وتدفع باتجاه استمرار حالة الاحتراب الأهلي باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي تضمن لأنقرة بقاء نفوذها لحين الاستيلاء على موارد الدولة الليبية، ولا سيما في مجال الطاقة، هذا ما أكده الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.
وأيرى بدر الدين أن مصير مفاوضات المغرب، تتحمله تركيا في ضوء تعنتها وإصرارها على عرقلة كل المحاولات التي تدفع نحو تثبيت وقف إطلاق النار، وبدء عملية تفاوضية متكاملة، مشيرا إلى أن السيناريوهات الخبيثة لأردوغان تتضمن العمل من أجل استمرار الصراع العسكري، دعما لرغبة أردوغان في اجتياح مدينة سرت، والسيطرة على منابع النفط الليبي، بالإضافة إلى ضمان البقاء في ليبيا، حتى يكون له ذراع في شرق البحر المتوسط.

تحذيرات مصرية
في المقابل، ردت مصر بشكل حاسم على السيناريو التركي لإفشال مشاورات المغرب، التي حظيت بدعم إقليمي، ودولي كبيرين، وهو ما وضح في كلمة وزير الخارجية سامح شكري، التي أدلى بها أمام الدورة العادية رقم 154 لمجلس جامعة الدول العربية، بشأن التدخلات التركية في المنطقة برمتها، والتي أكد خلالها أن استمرار الأزمة في ليبيا ينعكس بشكل مباشر على الأمن القومي المصري.
سامح شكري قال إن الجميع رأى ورصد التدخلات التركية المزعزعة لاستقرار ليبيا، والتي تنطوي على ممارسات من شأنها إطالة الصراع في ليبيا والمنطقة بأسرها، مؤكدا أن تركيا تنقل المرتزقة والعناصر الإرهابية من سوريا إلى ليبيا لاستنساخ ما فعلته في سوريا، سعيًا وراء أمل زائف باستعادة ماض لم يحمل لمنطقتنا سوى عدم الاستقرار.
وشدد شكري على أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أطماع تركيا في شمال العراق وسوريا وليبيا بشكل خاص، مشيرا إلى أن القاهرة سبق وأعلنت الخط الأحمر في سرت والجفرة، وبجانب ذلك دعمت المسار السياسي بإعلان القاهرة في شهر يونيو الماضي. 
وفي الإطار ذاته قال الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حسام زكي، إن هناك تفاؤلا حذر بشأن الأزمة الليبية، مطالبا بوقف التدخلات التركية والإيرانية المعيبة في الشأن العربي لتحقيق مكاسب على حساب العرب، مشددا على الضيق العربي الشديد من هذه التدخلات.

وبالتزامن مع التحذيرات العربية، طالب قائد القوات الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" استيفن تاونسند، خلال لقائه مع صلاح الدين النمروش، وزير الدفاع بحكومة الوفاق الوطني، بالحد من حالة الحشد العسكري في وسط ليبيا، وبخروج جميع القوات العسكرية والمرتزقة الأجنبية من البلاد، إلى جانب تمسك بلاده بمسار الحل السياسي للأزمة والوقف الدائم لإطلاق النار في عموم البلاد، وهو ما يعلق عليه طه على، الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، بالقول: "إن أنقرة أصبحت مكشوفة أمام العالم، ولم يعد باقيا إلا محاسبتها على جرائمها بحق الليبيين، في ظل إصرارها على إطالة أمد النزاع العسكري، لضمان استقرار مصالحا.
ولفت " على " إلى أن تركيا أصبحت تتحمل بمفردها مسئولية وجود معوقات أمام حل النزاع الليبي، في ظل رضوخ السراج وحكومته، وكذلك المجلس الأعلى للدولة الذي يقوده الإخواني خالد المشري، لإملاءات أنقرة دون تردد أو تفكير. 
اجتماع جنيف
في المقابل حاولت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، استباق تركيا بخطوة، فأعلنت عن تنظيم اجتماع يضم جميع أطراف النزاع الليبي، في مدينة جنيف السويسرية، يحضره ممثلين عن: حكوم الوفاق، والمجلس الأعلى للدولة، وكذلك ممثلين عن مجلس النواب المنتخب، بالإضافة إلى ممثلين للدكتور سيف الإسلام القذافي والنظام الجماهيري، وكذلك شخصيات مستقلة، بغرض إيجاد تسوية حقيقية للأزمة الليبية، بالتوازي مع مشاورات المغرب، وخوفا من نجاح محاولات تركيا لإجهاضها.

وقال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن اجتماع جنيف شهد نجاحا ملحوظا في ضوء ما صدر عنه من توصيات.
وأوضح فهمي أن اجتماع جنيف صدر عنه بيان ختامي نص على اعتبار المرحلة التمهيدية للحل الشامل، مهلة زمنية للاعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعد لايتجاوز 18 شهرا، وعلى أساس قاعدة دستورية متفق عليها 
كما تضمنت التوصيات التأكيد على أهمية العمل على مسار المصالحة الوطنية، والاجتماعية الشاملة، بدءًا بإنهاء ظاهرة الاحتجاز غير القانوني، والإدانة لأسباب سياسية، وتفعيل قانون العفو العام عن السجناء السياسيين والعمل على العودة الآمنة للمبعدين والنازحين. 
ولفت فهمي إلى أن البيان الختامي، تضمن عددا من النقاط والمحاور، التي ترسم بصورة واضحة ملامح المرحلة المقبلة، والتأكيد على أن الخارطة السياسية لا بد أن تستوعب الجميع وفي مقدمتهم أنصار النظام الجماهيري، الذين كان إبعادهم في الفترة الماضية عن الفعاليات السياسية خطأً كبيرًا باعتراف إقليمي ودولي.
ومن أبرز النقاط الأخرى في البيان الختامي تقييم ومتابعة عمل السلطة التنفيذية، ومدى إنجازها لمهامها، مع دعوة مجلسي النواب والدولة للاتفاق بخصوص المناصب السيادية، كما تضمن انتقال المؤسسات التنفيذية إلى مدينة سرت خلال المرحلة التمهيدية
وفي نهاية البيان الصادر عن الاجتماع، حمل المشاركون المجتمع الدولي المسئولية كاملة في اتخاذ ما يلزم لضمان استقرار ليبيا من خلال الالتزام بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالسيادة الليبية وضرورة دعم العملية السياسية.

بدورها أشادت استيفاني ويليامز، مدير البعثة الأممية في ليبيا بالإنابة، بنتائج اجتماع جنيف، موضحة أنها تمثل نقطة تحول حاسمة في البحث عن حل شامل للأزمة الليبية.
وأشارت إلى أن تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية وتفشي وباء كورونا تجعل الحل السلمي للأزمة الليبية أكثر إلحاحا، مشددة على أن اجتماع جنيف شهد إبداء حسن النوايا من المشاركين، مرحبة بما وصفته بأنهم "انتهزوا الفرصة لتنحية خلافاتهم والتوصية بحل ليبي ليبي، يُستأنف بموجبه الحوار السياسي".
ولفتت ويليامز إلى وجود توافق بين المشاركين في اجتماعات جنيف، على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نهاية فترة مدتها 18 شهرًا، وفي إطار دستوري يُتفق عليه.
وأوضحت أن فترة الـ18 شهرا ستشمل إصلاح المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة تعمل على تقديم الخدمات وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات الحكومة الجديدة،
ستعمل على تنفيذ قانون العفو الذي أقره البرلمان، وتسهيل عودة النازحين كخطوة ضرورية لتحقيق المصالحة الوطنية.
ولفتت إلى البعثة الأممية للدعم في ليبيا ترحب بنقل الوظائف والمكاتب الحكومية الرئيسة إلى سرت، وإطلاق الترتيبات اللازمة لاستئناف منتدى الحوار السياسي الليبي الشامل بناء على نتائج اجتماع جنيف ومشاورات المغرب، كما دعت ويليامز المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في دعم العملية الحالية والاحترام المطلق لحق الشعب الليبي السيادي في تقرير مستقبله.