الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عادل عبدالرحيم يكتب: الرضا مفتاح السعادة.. "كورونا" أثبتت هذا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل نحو 7 شهور من الآن.. وفي ظل اجتياح وباء كورونا لأغلب دول العالم، ومع ما صاحب هذه الحالة "الكورونية" من ذعر وشعور باقتراب نهاية كوكب الأرض، كانت هناك ملموسة من الزهد في الحياة والإحساس بأنَّ لا قيمة لأي شيء نملكه، فجميع مليارات العالم تضاءلت قيمتها أمام (كوفيد-19)، وأمهر أطباء العالم يموتون وهم يحاولون إنقاذ المصابين بالفيروس.

ولم تكن امبراطوريات التقدم العلمي والتكنولوجي مثل أمريكا وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وغيرها من كبريات الدول، التي كانت الملاذ الآمن للمليونيرات للعلاج من أعتى الأمراض، لم تكن هذه الدول الراسخة في العلم والمال بمأمن من الفيروس القاتل؛ بل كانت هي الأكثر نكبة وابتلاءً.

عند هذه النقطة، تضاءل كل شيء في عيون من كانوا يعطون للدنيا أمانًا اعتمادًا على ثروة أو سلطة، فالكل أمام الله سواء، وأصبح كل ما نتمناه السلامة والنجاة بفعل غريزة الحياة.. وكان منتهى السعادة أن يمر يوم وأنت ومن تحب في أمان، لذا سادت روح جميلة بين البشر، فأصبح سعي الجميع النجاة من الوباء باللجوء إلى الله، الأمر الذي قلب كل موازين وتعريفات السعادة التي لم تعد في قصر أو ثروة تملكك قبل أن تملكها، ومن هنا تغير مفهوم السعادة الإنسانية.

ولعل أصعب سؤال يمكن أن يواجهك: هل انت سعيد؟، ومنبع الصعوبة هنا يكمن في تقلب المشاعر والأحاسيس من وقت لآخر ومن عمر لآخر، فما كان يسعدك وأنت صغير قد لا تشعر بأي تعاطف معه حين تكبر، بل إن ما يشرح قلبك في الشتاء ربما لا تطيقه في الصيف، ومن باب أولى، فإن ما يجلب لك الفرح قبل أمر، قد يكون مصدر شقائك بعده.

ظل تعريف السعادة، ووضع نموذج موحد أو قالب ثابت لها من المستحيلات، لأنها نسبية، ولا تختلف فقط من شخص لآخر، بل تختلف أيضًا داخل الإنسان نفسه.

وقبل نحو عامين أصابت حالة من "الاندهاش" إخواننا "نوشتاء" مواقع التواصل الاجتماعي والإخوة "الحكوكيين" الذين قرأوا خبر استحداث وزارة السعادة ووزارة أخرى للتسامح بدولة الإمارات الشقيقة، حيث توالت التهليلات والتكبيرات، وهذا في الواقع ما أصاب كاتب هذه السطور بحالة تشبه "الاعتياش بالمكارثية" التي حدثنا عنها الدكتور عمرو حمزاوي التي تعتبر إرهاصًا طبيعيًا لكل مكنونات التمحور والانبعاج التي يعيشها أمثالنا ممن لحست السياسة والإعلام عقولهم.

والواقع أنني لم أر أي باعث للذهول والدهشة التي عكستها تعليقات "العالم الفاضية" بتوع "فيس توك" و"طويطر" ولا "الانستجراب"، وذلك لسبب بسيط جدًا، وهو أن من حق الإمارات أن تفعل ما تشاء.

ذات مرة، لدى حضوري أحد المؤتمرات الإعلامية المنعقد بإمارة دبي صادفت خبرًا غاية في الطرافة بعنوان "إعفاء المتعثرين من سداد الديون للبنوك حتى 4 ملايين درهم". وكان استقبال المواطنين للخبر بحالة من الفتور والعادية التي كدت أفقد عقلي أمامها، فلنا أن نتصور إذا كان هذا الخبر في مصر كيف تكون الحالة، أعتقد أقل رد فعل الناس المديونة كانت هتمشي في الشارع خالعة رأسها وهدومها وأسنانها وكل ما يمكن خلعه.

أما إخواننا الذين لم يحالفهم الحظ بالحصول على قروض من البنوك والذين حرمتهم أقدارهم من هذه "الغنيمة" فكانوا بكل تأكيد سيخرجون للشوارع أيضًا وهم يلطمون خدودهم ويشقون جيوبهم ويرقعون بالصوت الحياني: "لأأأأأأأأأأ".

 

 وأنا بكل تأكيد كنت سأعترض على كلا الفريقين ليس من باب الزهد والقناعة والترفع، وإنما من باب: "الشهر اللي ماليكش فيه ما تعدش أيامه ولياليه"، فيعلم الله العلاقة بيني وبين الفلوس حدودي بها تنتهي عند علاقة الستر وعدم وجود ديون، إعلاءً لمبدأ "فقر بلا دين هو الغنى الكامل".

ولمن يحتاج المساعدة على السعادة، نقول له إن السعادة طاقةٌ من الرّضا تعين الإنسان على تقبل الواقع؛ لأنّه إرادة الله، ولا نملك إلا العمل على تحسينه بالأسباب الّتي خلقها الله لنا لتحسين أوضاعنا في الكون.

السّعادة أن يطمئن القلب وصّدرك وبالك، هي الرّضا بكلّ شيء عن إيمان نابع عن القلب، السعادة هي إحساس بالمتعة.

ولعل كلمة السعادة من بين الكلمات التي اختلف الناس حولها؛ فمنهم من يراها قرينة اللذة أو الراحة أو المال أو المنصب أو الشهرة.. إلخ، وبذلك يفني كثير من الناس حياتهم في دروب شتى بحثًا عنها، نعم.. السعادة هي شعور ينبع من داخل النفس إذا شعرت بالرضا والغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة.

اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم، فبعضهم يراها في المال أو السكن أو الجاه أو الصحة، وآخرون يرونها في الزوجة أو الأولاد أو العمل أو الدراسة، وربما يراها آخرون في القرب من الحبيب أو في التخلص من مزعج أو في تبتل روحي أو مساعدة مسكين وفقير.

لكن العجيب عندما تسأل كثيرًا من الناس: هل أنت سعيد حقًّا وصدقًا؟ تكون الإجابة بالنفي!

ولا تندهش حين تسمع أن بعض الأشخاص يجدون سعادتهم المادية في التهام "قرص طعمية" أو حتى كوب شاي بحليب ومن فضل الله أن هذا متاح لجميع فئات الشعب المصري، أما السعادة الروحية فيمكن تلخيصها في الرضا بما قسمه الله والاطمئنان ومشاهدة ابتسامة رضا في عين حزينة، أما ابتعادك عن إيذاء الآخرين، وإن استطعت رفع البلاء عنهم هو منتهى باللذة لدى الواصلين بالمحبة إلى الله.