الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نحن نأكل لحمنا الحى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
علينا أن نعترف بأن الكثير منا أخطأ في حق مصر والمصريين عن قصد وبدون قصد وتاتى على قمة جرائمنا في حق أنفسنا ودولتنا تبوير الأراضى الزراعية وتحويلها إلى عمارات وبنايات سكنية.

ولا أعتقد أنه يوجد عاقل في العالم يفعل ذلك، يقتل الأرض التى توفر له ولشعبه الأمن الغذائى، ولهذا كان الرئيس السيسي على حق عندما أصر على استعادة الأراضى المغتصبة وتجريم البناء على الأراضى الزراعية مع إزالة التعديات بعدما أظهرت الأرقام والإحصاءات التى لا تخفى على أحد ونراها بأعيننا في جميع مدننا وقرانا تقلص رقعتنا الزراعية سنة بعد أخرى فالقاهرة الكبرى لم ترحم أراضيها الزراعية واختفت بنسبة قد تصل إلى ٩٠٪ المزارع المترامية التى كانت تحوط بها والجيزة والدقهلية ونفس الأمر حدث بنسب متفاوتة بجميع محافظات مصر وللأسف وقع هذا في أوقات الأزمات والانفلات الأمني واستشراء الفساد في المحليات.

ومن المعروف أنه من أولويات أمننا أننا كى نامن غدنا ونوفر الاستقرار والعيشة الرغدة لشعبنا أن نأكل مما نزرع ونلبس مما تصنع أيدينا ونستعمل ما تصنعه مصانعنا ولا نعتمد على دول أخرى علما بأننا في بلد نحتاج فيه لكل دولار وقرش.

والسؤال الذى يطرح نفسه هو كيف وصلنا إلى هذه الحالة؟ والإجابة هذا ما اقترفته أيدينا، أكلنا خلالها لحمنا الحى بقلعنا الزرع وإهمالنا تربية الضرع وأصبحنا نستورد غذاءنا ولحومنا.

وحتى لا نجلد أنفسنا حتى الثمالة فعلينا أن نعترف انه قد حدث تقصير كبير من جانب العديد من حكومات مصر على مدى سنوات طويلة بإهمال دعم المزارعين وتوفير الأسمدة لأراضيهم الزراعية والعلف لثروتهم الحيوانية بسعر معقول مع شراء محاصيلهم بسعر مجزى وهو الأمر الذى أثمر عن هجرة الكثير من مزارعينا الزراعة والسفر للخارج بداية من العراق وليبيا ثم دول الخليج أو العمل بمهن أخرى أكثر ربحا كالتجارة والمعمار ناهيك عن أن قسوة المعيشة وحياة المظاهر التى نعيشها مع انتشار المقاهى والكافتيريات ونوادى الفيديو والألعاب الإلكترونية كالبلاى استيشن لم يعد فلاح اليوم كفلاح الأمس من آبائه وأجداده الذين يبدأ عملهم بالأرض بعد صلاة الفجرة مباشرة، أما فلاحو اليوم فقد اعتاد أغلبهم على السهر حتى الساعات الأولى من الصباح والنوم حتى الظهيرة، وهو الأمر الذى تسبب في هجر فلاحينا مهنة الزراعة وخلع الجلباب وارتداء الأزياء العصرية الإفرنجية.

وبأمانة لا حل لمشاكلنا إلا بالمحافظة على الموارد المتاحة ببلدنا من جهة وتعظيمها بتعمير وزراعة المناطق الجديدة التى وفرتها الدولة بسيناء وغيرها واكتشاف موارد جديدة من جهة ثانية، فلا يعقل أن نبدد خير بلادنا بأيدينا ونقف نبكى على اللبن المسكوب بتدمير الأراضى الزراعية بتحويلها عمدا مع سبق الإصرار والترصد في وقت نزداد فيه سكانيا بشكل رهيب إلى بيوت وعمارات وورش ومحلات ومكامن طوب بناء.

يا سادة الوقت يداهمنا وأعداؤنا يتربصون بنا لتجويع شعب مصر، فعلى الأقل ومن الحكمة علينا المحافظة على الرقعة الزراعية التى بأيدينا ونعمل عبر استغلال التكنولوجيا الحديثة في زيادة إنتاج المحاصيل رأسيا علاوة على التوسع في مشروع الصوبات الزراعية التى نفذها الرئيس السيسي وأصبحت أحد دعائم ثروتنا الزراعية بعدما ساهمت بالفعل في استقرار الأسعار بالأسواق وأحيانا في انخفاضها، فالدولة عبر قواتنا المسلحة الباسلة خير أجناد الأرض تسهر على توفير السلع الإستراتيجية كاللحوم والدواجن والفول وخلافه بأسعار معقولة.

وهنا لا بد من تثمين قرار الحكومة الأخير بتشجيع المزارعين على تربية الماشية ومنحها أنواعا مستوردة عالية الإنتاج مع توفير الرعاية البيطرية لها للعمل على توفير اللحوم بأسعار معقولة وهنا لا بد أن تعمل الدولة أيضا على إقامة مصانع بكل المحافظات لتوفير العلف بأسعار رخيصة للماشية وتخفف التلوث ورأينا كيف يمكننا تحويل قش الأرز ومخلفات النخيل والمحاصيل المختلفة إلى أسمدة وعلف وورق للكتابة وأخشاب.