الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نور الشريف الأكثر حضورا رغم الغياب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمر هذه الأيام الذكرى الخامسة لرحيل الفنان نور الشريف أحد أهم المواهب الفنية التى مرت على أفيش السينما أو خشبة المسرح وكاميرات التليفزيون. 
هو "سواق الأتوبيس" الذى عشنا معه "ليلة ساخنة" فى "زمن حاتم زهران".. "المهاجر" الذى حكى لنا "حدوتة مصرية" عن "أخر الرجال المحترمين"، "الحاج متولى" الذى نجح فى "الهروب إلى القمة"، مع "العطار والسبع بنات".
هو "ناجى العلى"، "خامس الخلفاء الراشدين" و"رجل الأقدار"عمرو بن العاص.. وشخصيات أخرى كثيرة كانت وستظل حاضرة بذاكرتنا كشاهد أكيد على موهبة محمد جابر الشهير بنور الشريف.. رمح السينما المصرية "حبيبى دائما" المتفرد بقدرته على تحويل الحروف والكلمات لشخصيات من لحم ودم كانت وستظل حاضرة بوجداننا وبذاكرة الفن أيضا، وهو أيضا أحد أبرز أبناء جيله الذى نجح فى الاحتفاظ بمكانته على الخريطة كأحد أهم نجوم الشباك ولفترة طويلة على الرغم من تغير "المناخ الفنى"، نظرا لقدرته على التبدل بين أنماط وألوان فنية عديدة وببراعة، رافعا راياته تارة كممثل وأخرى كمخرج وثالثة كمكتشف للعديد من الوجوه الجديدة التى منحها بوابة العبور للنجومية سواء فى مجال التمثيل (عمرو يوسف، حسن الرداد، منال عفيفى وغيرهم)، وعلى مستوى الإخراج أبرزهم (محمد خان، سمير سيف، ومحمد النجار).
المؤكد أن نور كان طاقة لا تكل ولا تمل من العمل والبحث، وكان أكثر نجوم جيله اهتماما برسم ملامح الشخصية شكلا وموضوعا وبما يتوافق وطبيعة الأحداث الدرامية، باختصار لم يكن مجرد ممثل قدير وفقط، بل هو "أخطبوط تمثيل" مارس أشكاله المتعددة وترك بصماته المختلفة من إسماعيل فى "الكرنك" لإبراهيم العاشق حتى الوله الموجوع حتى الذبح فى "حبيبى دائما"، وهو نفسه شطا الحجرى فى "الشيطان يعظ"، خلف الله فى "الرحايا" أو دوره الخالد والمميز فى "سواق الأتوبيس" وصرخته فى وجه "ولاد الكلب" لصوص هذا الزمان الذين أفسدوا الحياة وقلبوا الموازين الاجتماعية وشخوص أخرى قدمها بخصوصيتها وسحرها فمنحته هذا الحضور الدائم فى وجدان وذاكرة الجماهير.
ولد الشريف فى 28 أبريل من العام 1946، وعرف طعم "اليتم" منذ صغره، إذ تربى فى كنف عمه وعمته بحى السيدة زينب بعد رحيل والده.
أحب كرة القدم فى طفولته وصباه وكان بالفعل أحد أشبال فريق كرة القدم بنادى الزمالك الرياضى، ولولا أن "نداهة الفن" أخذته من الكرة لسطر اسمه من نور على البساط الأخضر.
اتبع نور هواه والتحق بالمعهد العالى للفنون المسرحية، وبالفعل نجح ليس فقط فى أن يكون أول دفعته فى العام 1967، ولكن من خلال أكثر من دور لفت الأنظار لموهبته فى حينها، لعل أبرزها دوره بفيلم "قصر الشوق" للمخرج حسن الإمام، ومسلسل "القاهرة والناس" مع المخرج محمد فاضل، لينطلق بعدها سينمائيا ومسرحيا وتليفزيونيا، وعبر مجموعة متميزة من الأدوار كانت وستظل محفورة فى وجداننا.
قدم نور الشريف ما يقرب من 300 عمل فنى متنوع، وكان معروفا عنه تأثره بأدواره والشخصيات التى قدمها على الشاشة (معظمها)، وهو ما يمكن تلمسه بوضوح عبر أدوار مثل دوره المميز فى بداية مشواره الفنى كمال عبد الجواد فى ثلاثية محفوظ والتى وصل فيها إلى مشارف الشيخوخة فى حين كان لا يزال شابا فى العشرينيات من عمره، أو فى تجسيده لشخصية إبراهيم عبد الله فى مسلسل "أديب" حتى أن انحناءة ظهر الشخصية وطريقة سيرها أثرت عليه فى حياته العادية، وحتى عندما قدم شخصية خامس الخلفاء الراشدين عمر بن العزيز فى المسلسل المعروف لاحظ المحيطون به أنه كان يتصرف بأسلوب مفرط فى السماحة والعدل وكأنه تقمص الشخصية فى الواقع.
فيما تبقى تجربته مع الراحل يوسف شاهين متفردة، حيث اختاره ليجسد دوره هو شخصيا فى "حدوته مصرية"، ورغم ذلك أصر نور على أن تكون له بصمته المميزة على الدور، لم يقبل أن يكون مجرد استنساخا أو بالأحرى "مسخا"، وهو ما تكرر مجددا فى تجربتهم الثانية "المصير" حيث قدما قراءة متأنية فى حياة وأفكار ابن رشد من وحى لحظة معاصرة متشابهة، تحديدا الفهم المغلوط للدين واستخدامه للوصول إلى السلطة.
على مدى مشواره الطويل حصد الشريف العديد من الجوائز لعل أبرزها جائزة من مهرجان نيودلهى عن فيلم سواق الأتوبيس، وعلى جائزة أحسن ‏ممثل عن دوره فى فيلم "ليلة ساخنة" فى مهرجان القاهرة السينمائى عام 1995، كما حصل على جائزة أوسكار السينما لأفضل ممثل عن دوره الرائع فى أخر أفلامه "بتوقيت القاهرة".