الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس عيد صلاح يكتب.. موقف الإنسان في وسط الفساد الأخلاقي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المزمور الأول: "​1 طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. 2 لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا. 3 فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِ الْمِيَاهِ الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ. 4 لَيْسَ كَذَلِكَ الأَشْرَارُ لَكِنَّهُمْ كَالْعُصَافَةِ الَّتِي تُذَرِّيهَا الرِّيحُ. 5 لِذَلِكَ لاَ تَقُومُ الأَشْرَارُ فِي الدِّينِ وَلاَ الْخُطَاةُ فِي جَمَاعَةِ الأَبْرَارِ. 6 لأَنَّ الرَّبَّ يَعْلَمُ طَرِيقَ الأَبْرَارِ أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتَهْلِكُ."
هذا المزمور له مقابلة أخرى وردت في سفر (إرميا 17: 5- 8)
"5 هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: [مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ. 6وَيَكُونُ مِثْلَ الْعَرْعَرِ فِي الْبَادِيَةِ وَلاَ يَرَى إِذَا جَاءَ الْخَيْرُ بَلْ يَسْكُنُ الْحَرَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْضًا سَبِخَةً وَغَيْرَ مَسْكُونَةٍ. 7مُبَارَكٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ وَكَانَ الرَّبُّ مُتَّكَلَهُ. 8 فَإِنَّهُ يَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مِيَاهٍ وَعَلَى نَهْرٍ تَمُدُّ أُصُولَهَا وَلاَ تَرَى إِذَا جَاءَ الْحَرُّ وَيَكُونُ وَرَقُهَا أَخْضَرَ وَفِي سَنَةِ الْقَحْطِ لاَ تَخَافُ وَلاَ تَكُفُّ عَنِ الإِثْمَارِ."

في عصر جائحة كورنا وما بعدها يخاف الناس من المستقبل، ويعيشون حياة الخوف واليأس، فالبعض فقد الأحبة، والأخرون خافوا على أنفسهم وذويهم من العدوى فعاشوا في هلع، والبعض فقد المعنى للحياة، وآخرون تضرروا ماديًا. وتكون الرسالة من خلال الكلمة المقدسة كيف يعيد الناس الأمل من جديد؟ وكيف يعيشون الحياة بصورة مختلفة عن ذي قبل؟ وقد حوت المزامير مشاعر مختلفة، ففي الوقت الذي يسأل المرنم: لماذا أنت منحنية يا نفسي ولماذا تئنين في؟ ترجي الله مزمور 42: 5، وأسئلة أخرى كثيرة قد لا نجد عليها إجابات في الحياة، نجد أنَّ سفر المزامير يقدّم لنا صورة أخرى إيجابية عن الحياة يمكن أن تعاش في التركيز على كلمة "طوبى" التي بدأت بها المزامير، وهذا هو الموضوع الذي سوف نركز عليه خلال الأيام القادمة كيف نعيش السعادة وكيف نسير في طريق السعادة؟
يمثل المزمور الأول عصارة خبرة الإنسان في الحياة، وهو المزمور الافتتاحي للمائة وخمسين مزمورًا. ويبين لنا هذا المزمور معنى الحياة، وفي نفس الوقت يبرز لنا عبثية الحياة في البعد عن الله، فالقيمة والمعنى في القرب من الله والتمسك بكلمته.
يبدأ هذا المزمور بكلمة طوبى التي تأتي 25 مرة في سفر المزامير، وتعبر في معناها عن السعادة الفرح والبركة، ويكون المعنى العام هو السرور للإنسان أي إنسان من حيث الجنس (رجل أو امرأة)، من حيث الدين أو العقيدة، من حيث الشكل (أسود أو أبيض). وقد جاءت في الترجمة التفسيريَّة "طوبى للإنسان..."
نلاحظ التركيز الإيجابي الحلو في بداية المزمور الأول، فالبداية طيبة مفرحة ومشجعة، كما يقولون: بشّر ولا تنفّر. وهو نفس المنهج الذي استخدمه الرب يسوع في تعاليمه في الموعظة على الجبل باستخدامه لكلمة طوبى (متى 5: 3- 12)، حتى أن سفر الرؤيا يحوي على 7 تطويبات، وهذا له دلالة عميقة في الاتجاه التعليميّ والوعظيّ الذي لا بد وأن يركز على ما هو إيجابي وبناء. وهذا ليس معناه أن نبعد أنفسنا عن السلبيات ولكن إبراز العامل الحسن هو في ذاته يكشف السلبيات ويحاول تفاديها. فالكنيسة التي أحبها هي الكنيسة كما يقول خوان كارلوس: التي تتكلم عن المسيح أكثر من الشيطان، والحياة أكثر من الموت، والسعادة أكثر من الحزن، والأمانة أكثر من السرقة، والنور أكثر من الظلمة، والصدق أكثر من الكذب. فالتعليم الإيجابي هو الذي يستمر، وكلمة طوبى ترسم لنا صورة إيجابية طيبة للإنسان، وإذا أخذنا معًا كل التطويبات الواردة فقط في سفر المزامير نجد أنها تعطي صورة متكاملة عمن هو الإنسان المطوب السعيد؟ فنجد البعد الأخلاقي الواضح لإنسان المنتمي إلى الله في المزمور الأول
"طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ." (مزمور 1: 1)، والمتكل عليه في المزمور الثاني: "طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ." (مزمور 2: 12)، والمغفور له في المزمور الثاني والثلاثون: "طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُلٍ لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ." (مزمور 32: 1- 2)، وفي (مزمور 33: 12) "طُوبَى لِلأُمَّةِ الَّتِي الرَّبُّ إِلَهُهَا الشَّعْبِ الَّذِي اخْتَارَهُ مِيرَاثًا لِنَفْسِهِ." وفي (مزمور 41: 1) "طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ." يتوافق مع هذا الاتجاه (مزمور 106: 3) "طُوبَى لِلْحَافِظِينَ الْحَقَّ وَلِلصَّانِعِ الْبِرَّ فِي كُلِّ حِينٍ." وفي (مزمور 112: 1) "طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَّقِي الرَّبَِّ الْمَسْرُورِ جِدًّا بِوَصَايَاهُ." ونجد في (مزمور 119: 1- 2) "طُوبَى لِلْكَامِلِينَ طَرِيقًا السَّالِكِينَ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ. طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ."
هذه هي الصورة العامة للإنسان المطوب، فهو شخص مرتبط بالله ومنتمي إليه، ومتكل عليه، خطاياه مغفورة، يحفظ الحق ويصنع البر، يتقي الرب ويسر بوصاياه، طريقه طريق الكمال. وبالإجماع نجد أن كلمة طوبى في سفر المزامير طوبى ترسم صورة للإنسان الذي له علاقة طيبة بالله وكلمته، وفي نفس الوقت له علاقة طيبة بالآخرين، هذا الإنسان يمثل ثروة حقيقة للمجتمع الذي يعيش فيه.
الطريقان
يوضح المزمور الأول بجلاء أنَّ الإنسان بين طريقين لا ثالث لهما، وهما: طريق الأبرار وطريق الأشرار وكل له مواصفاته ومكافأته. فطريق الأبرار شجرة، وطريق الأشرار عصافة (القشرة التي تغلف حبة القمح في السنبلة) والفرق بين الاثنين شاسع.
طريق الأبرار بنيان مستمر " تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ" وطريق الأشرار خراب تام " أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتَهْلِكُ." طريق الأبرار أوراقه سليمة وجذوره متأصلة والمكان الذي ينبت فيه أرض صالحة، ولعل المقارنة التي وردت مع المزمور الأول في (إرميا 17: 5- 8) يبين لنا أن الأرض هي " أَرْضًا سَبِخَةً وَغَيْرَ مَسْكُونَةٍ." وحسب ما هو معروف أن النبات لا ينمو في الأرض السبخة التي تقتل كل ما فيها من زروع ونباتات. ومن الواضح من خلال المقابلات أنَّ المزمور الأول يضع أمامنا مفهومًا للسعادة وللحياة وللبر، ويجعلنا نفهم الواقع المعاش من خلال نظرة الله. فهو يوضح لنا:
1- طريق السعادة والنجاح.
2- طريق الفشل والدمار.
أولا: طريق السعادة والنجاح
​في هذا الطريق قد نجد عثرات كثيرة فهو ليس مفروشًا بالورد والرمال ولكن قد توجد فيه الأشواك والمعطلات. فنحن نعيش وسط ثلاثة نماذج مقلقة ومربكة وهم: الأشرار، الخطاة، المستهزئين. والنجاح المقصود به هنا كيف نحيا حياة التميز وسط هؤلاء؟ وما هو انتمائي الحقيقي؟ لمن أنا؟
​تأتي صورة الرجل المطوب السعيد هو بطريقة سلبية في العدد الأول، وبطريقة إيجابية في العدد الثاني:
طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي:
1- لا يتدرج في طريق الخطأ عبَّرَ عنها بالأفعال الآتية: يسلك، يقف، يجلس) سبقتها أداة النفي لم تعبر عن عدم الانحدار الأخلاقي. 
لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ،
وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ،
وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ.

2- في التعبير عن عدم الانحدار أيضًا في استعماله لكلمة (مشورة، طريق، مجلس) وهي تعبر بجملتها أنَّ الخطأ قد يبدأ بمشورة خاطئة تجر إلى طريق ثم يقود الطريق على مجلس.
لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، 
وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ،
وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ.

3- أنواع الناس الذين نتعامل معهم يقسمون على ثلاث فئات وهم: الأشرار، الخطاة، المستهزئين.
لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ،
وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ،
وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ​

الانحدار يبدأ من السير في طريق الخطأ، ثم الوقوف فيه، ثم الجلوس. الرجل الذي ينسلخ من هؤلاء فطوباه لأن "لاَ تَضِلُّوا! فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ." (1 كورنثوس 15: 33). و"اَلذُّبَابُ الْمَيِّتُ يُنَتِّنُ وَيُخَمِّرُ طِيبَ الْعَطَّارِ." (جامعة 10: 1)
الواقع اليومي والحياتي، وصفحات الحوادث، وسجون الأحداث تخبرنا أن الانتماء لشلة فاسدة، والاستماع لمشورة شريرة، يقود على الضياع، فلمن أنتمي تعرفني نهاية الطريق منذ بدايته.

مصدر الحماية:
"لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا."
"طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَّقِي الرَّبَّ الْمَسْرُورِ جِدًّا بِوَصَايَاهُ." (مزمور 112: 1)
هذا الرجل الذي لم ينحدر في مواقف أخلاقية مشينة هو ذاته الذي يرتبط بكلمة الله كمصدر للحماية له، وهو لا يتعاطى مع كلمة الله كفرض أو واجب ولكن يتعامل معها بكل سرور وحب، وتذكر دائم. قال الرب يسوع وهو أصدق من قال: "...طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ." (لوقا 11: 28). ونتذكر أهمية كلمة الله في حياتنا اليومية والتعليمية والسلوكية كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (2 تي 3: 16) ولكلمة الله لها تأثير وفاعلية كبيرة: "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ." (عبرانيين 4: 12).

النتيجة:
تتعدد النتائج للإنسان المطوّب الذي يحفظ نفسه أخلاقيًا، والذي يرتبط بكلمة الله بحب ووعي وفهم. فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِ الْمِيَاهِ،
الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ،
وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ.
وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ.
ونستطيع أن نجمل النتائج في الأتي:
1- الثبات والاستقرار: "فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِِ الْمِيَاهِ." الشجرة المغروسة عي المتأصلة في الأرض بجذور قوية ومتينة لا تخشى الرياح أو الهواء أو الزوابع من حولها، ففي أصالتها تعطي الثبات والاطمئنان. وهذا بخلاف العصافة التي تذريها الريح، والعصافة هي القشرة الغلاف التي تغلف بها الحبة في السنبلة، وأمام الريح هناك فرق كبير بين العصافة والشجرة.
2- النمو المتزن (على مهل): "الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ." تخضع للنمو الطبيعي في الحياة وفق فصول السنة المختلفة، النمو في هدوء واتزان، لا تتعجل النجاح السريع، أو الدعاية المبهرة، ولكنها تعمل في هدوء وصمت.
3- الحيوية في الأداء والعطاء: "وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ" ليس هذا معناه أن هذه الشجرة تعمل ضد فصول السنة، فهي تخضع للخريف والصيف والربيع، ولكنها لا تفقد الحيوية أبدًا، وهذا معناه إمكانية النماء المستمر.
4- حتمية النجاح: "وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ" النجاح فكل الاتجاهات، وعلى جميع الأصعدة فالنجاح كل لا يتجزأ ولعلنا نتذكر يوسف الذي سجل عنه الوحي النجاح "وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلا نَاجِحًا" (تكوين 39: 2) وكانت طلبة يوحنا إلى غايس أن يكون ناجحًا " أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ." (3 يوحنا 2)

الطريق الثاني: طريق الفشل والدمار
أما عن الطريق الثاني فحدث ولا حرج فهو نهايته الهلاك والدمار "الأشرار، والخطاة، والمستهزئين، هم كعصافة تذريها الريح قد يكون نجاحهم سريع، وبضاعتهم مغرية، ولكن نهايتهم أليمة. والتضاد واضح بين الجزء الأول من المزمور في الأعداد 1- 3 والجزء الثاني من الأعداد 4- 6، مختلف في المعنى والمبنى والاتجاه والنتيجة.

ماذا نستفيد من قرأتنا للمزمور الأول في حياتنا المعاصرة؟

1- التأكيد على أهمية كلمة الله في الحياة في فهمها ودراستها وفحصها، لا نهمل قراءة الكتاب ولا نهمل درس الكتاب. يذكر سفر أعمال الرسل جماعة أهل بيرية الذي لقبهم الكتاب بالشرفاء لماذا؟" وَكَانَ هَؤُلاَءِ أَشْرَفَ مِنَ الَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي فَقَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هَذِهِ الْأُمُورُ هَكَذَا؟" (أعمال الرسل 17: 11).
2- مواجهة التحديات والمغريات التي تأتينا من الطرق الشريرة، ومهما كانت المغريات سهلة، لذيذة، مربحة، حلوة، فندرك أنَّ نهايتها الهلاك.
3- الدور الرقابيّ والإشرافيّ على أولادنا، وبناتنا، وأحفادنا، مع من يسيرون (الشلة)، والتوعية المستمرة لهم لكيلا ينزلقوا في طريق الخطأ.
4- التأكيد على واقعية الحياة من حولنا، ومحاولة شق طريق مختلف قد يكلف، وقد يتعب، ولكنه، مطوب.
5- لا للتنازلات في الحياة، ولا للمساومات على الأخطاء.
6- محاولة إحياء القيم الإيمانية والمجتمعية، وإبرازها، وتزكيتها، وتشجيع العمل بها.
طوبى لك وأنت تحاول أن تتمسك بكلمة الله وتحافظ على نقائك في وسط الفساد الأخلاقيّ المحيط بنا، هي خبرة قاسية لكنها ممكنة.