الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شيوخ أم لوردات!؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعت مع الملايين من الشعب المصرى، استحقاقات أول انتخابات تجرى فى مصر لمجلس الشيوخ ،التى تم إعلان نتائج الجولة الأولى لها الأربعاء الماضى، فيما تجرى انتخابات الاعادة بين مرشحى المقاعد الفردية فى سبتمبر المقبل.
وتابعت الانتقادات التى وجهها البعض لهذه الانتخابات، التى عانى منها المرشح والناخب فى نفس الوقت، بسبب اتساع الدوائر الانتخابية التي أصبحت محافظة كاملة.
وعمليا ومنطقيا من الصعب ان يصل المرشح لمعظم الناخبين فى كل الدائرة ،خاصة ان الفترة التى كانت مخصصة للدعاية الانتخابية نحو أسبوعين فقط، أو يزيد قليلا ،وهى فترة غير كافية لكي يصل المرشح لناخبيه وجمهوره في محافظته وهو ما يعتبر ظلما لكليهما، فلا استطاع المرشح ان يقنع ناخبيه ببرنامجه الانتخابي ،ولا استطاع الناخب ان يتعرف على كل مرشحيه بشكل كاف.
وهو ما أثار جدلا حول ضرورة إنشاء غرفة أخرى للبرلمان "غرفة الشيوخ " لا تختلف كثيرا عن الغرفة الرئيسية فى طريقة الاختيار ،وهى غرفة "مجلس النواب" ولماذا لا يتم اختيار اعضائها بشكل آخر، يحقق الغرض الأساسى من ورائها.
وكان مجلس "أهل الحل والعقد" فى الفقه الإسلامى نموذجا ماثلا وواضحا خاصة أنه كان يضم أهل العلم والفضل فى كافة المجالات الذين اكتسبوا خبرات عملية وعلمية وأصبح لديهم الكفاءة فى الحكم على الأمور بما اكتسبوه من خبرات وآراء سديدة.
وكان يتم تعيين "أهل الحل والعقد" من جانب مؤسسة الحكم في التاريخ الإسلامى متوخية ان يكون هؤلاء المختارون ممن امتلكوا الحكمة للحكم ،والاستنارة فى الرأى، والاخلاص في النصيحة ،وهى أمور قد أخذت بها بريطانيا منذ وقت مبكر مع بعض التطوير فيما سمى بمجلس "اللوردات" وهو مجلس يتم تعيينه تقريبا من نخبة المجتمع البريطانى رغم ما يلاحظ عليه من وجود بعض الأعضاء بالوراثة عن اجدادهم النبلاء منذ عهود الاقطاع.
ويعتبر مجلس "اللوردات" هى الصورة الأقرب لمجلس "الحل والعقد"، وهو يختلف عن مجلس "العموم" المنتخب من الشعب البريطانى على نموذج الديمقراطية الغربية المعروفة، و"العموم" يعتبر مجلس التشريع، الذى يحق له وحده إصدار القوانين ،أما مجلس اللوردات ،فمهمته دراسة القوانين المحالة اليه ،دون ان يكون له الحق فى إلغائها أو استصدار غيرها.
ولكي يقوم مجلس "اللوردات" بدوره فى دراسة القوانين بشكل يتوافق مع الدستور فقد تم ضم عددا كافيا من شيوخ رجال القضاء والقانون ،بجانب عدد آخر من رجال الدين المسيحى أو ما يطلق عليهم "الآباء الروحانيين" ،كما يضم عددا كبيرا ،من رجال العمل العام ذوى الإسهامات الكبيرة فى تنمية المجتمع البريطانى، أو أصحاب الأيادى البيضاء فى خدمة أوطانهم ،سواء كانت اسهاماتهم علمية، أو خدمية لخدمة المجتمع ورقيه.
وأعتقد أن نموذج "اللوردات " هو الذى كان يمكن أن يحقق الغرض الذى من أجله تم إنشاء مجلس "الشيوخ"، بما يحمل اسمه من دلالة فى حكمة وخبرة أعضائه ،و كان يمكن أن تتوج إذا تم اختيار أعضائه ممن يملكون ملكة "الحل والعقد" ،بعلمهم وخبراتهم وفضلهم وإسهاماتهم في خدمة أوطانهم ومجتمعاتهم.وبما يملكونه من قدرة على وزن الأمور بميزان عادل ،يقدمون الخبرة القانونية بما يملكون من فقه، فى القانون والشريعة.
ولعل اختيار ثلث أعضاء مجلس "الشيوخ" إشارة من المشرع إلى أهمية أن يكون لأصحاب الخبرة والعلم مكانا ملائما فى غرفة "الشيوخ" ،خاصة أن هذه الفئة من العلماء والفضلاء ،دائما ما تتجنب معترك الانتخابات، لما فيها من جهد بدنى ومادى ،قد يكون فوق طاقة معظمهم، وبالتالي فإن الاستفادة من حسن آرائهم ،وفضل علمهم، جدير بأن نضعهم فى موقع يمكن أن يحقق الاستفادة مما يملكونه ،من علم نافع أو نصيحة مخلصة.