الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"عداد لا يتوقف".. "الإحصاء": 500 ألف نسمة زيادة في عدد السكان خلال 4 أشهر.. "دراسة" تكشف إمكانية الاستفادة من "تنظيم الأسرة" اقتصاديًا.. ومتخصصون: "الحوكمة الحل"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم جهود الدولة المبذولة للتوعية بأهمية تنظيم الأسرة، باعتبارها تساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق التغطية الصحية الشاملة، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مؤخرًا وصول عدد سكان مصر إلى 100 مليون وخمسمائة ألف نسمة وفقا للساعة السكانية، وهو ما جاء بمثابة صدمة كبيرة.

أوضح تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أنه هناك زيادة في عدد السكان بواقع 500 ألف نسمة خلال نحو 4 أشهر "125 يومًا" تحديدًا، مشيرًا إلى أن عدد السكان في 11 فبراير الماضي، 100 مليون نسمة، وبمتابعة معدلات الزيادة السكانية زادت في نفس اليوم من الشهر التالي (11 مارس 2020) إلى أكثر من 100 مليون و117 ألف نسمة، وهذا يعني أن الزيادة السكانية خلال شهر واحد كانت أكثر من 117 ألف نسمة.
وتابع، أنه في الشهر التالي (11 أبريل 2020)، ارتفع العدد لأكثر من 100 مليون و237 ألف نسمة، بزيادة أكثر من 237 ألف نسمة خلال شهرين، وفي 11 مايو من هذا العام ارتفع عدد السكان لأكثر من 100 مليون و364 ألف نسمة، مما يعني ارتفاع الزيادة السكانية لأكثر من 364 ألف نسمة خلال ثلاثة أشهر فقط، وفي 15 يونيو بلغ عدد الزيادة نصف مليون نسمة.
تنظيم الأسرة
كما أنه هناك دراسة حديثة أجراها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، بشأن أهمية الانفاق على برامج تنظيم الأسرة، لتجنب الزيادات السكانية، مؤكدة أن تنظيم الأسرة هو أهم محدد للزيادة السكانية في مصر، حيث تتجنب مصر زيادة سنويًا نحو 4 مليون حالة حمل غير مخطط له، ونحو 1.6 مليون حالة إجهاض غير آمن بفضل استخدام وسائل تنظيم الأسرة وفقا لبيانات 2019.
وأوضحت الدراسة، أن التأثير الاقتصادي للزيادة السكانية وتداعياتها على جودة رأس المال البشري في مصر يجعل تنظيم الأسرة في واقع الأمر استثمارا اقتصاديا ذا عوائد إيجابية تؤثر على الأجيال الحالية والمستقبلية شأنه في ذلك شأن الإنفاق على دعم الصادرات، مضيفة أن كل جنيه تنفقه الدولة على تنظيم الأسرة يوفر لها 151.7 جنيه، لأن الدولة ستتجنب إنجاب نحو 43.3 مليون مواطن خلال الفترة من (2015- 2045)، ومن ثم ستتجنب تكاليف تقديم الخدمات الحكومية لهم مثل: "التعليم والصحة ودعم الغذاء والإسكان والمرافق الاجتماعية"، وهو ما يعكس الأهمية الشديدة لتنظيم الأسرة في مصر.
طالبت الدراسة، بالتوسع في توزيع حبوب منع حمل الطوارئ على نطاق واسع من خلال الصيدليات ووحدات الرعاية الصحية الأولية والجمعيات الأهلية والقطاع الخاص، مشددة على ضرورة إدارة ملف السكان من خلال فصل تبعية المجلس القومي للسكان عن وزارة الصحة وجعله جهة مستقلة تتولى وضع الخطط والسياسات وتنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية بالقضية السكانية ومن بينها الجهات المعنية بتنظيم الأسرة، فضلًا عن إمكانية تشكيل لجنة شراء موحدة للحصول على وسائل تنظيم الأسرة بسعر أفضل.

التخطيط القومي
وبدوره، يقول الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان سابقًا، إن حل المشكلة السكانية هو مفتاح التخطيط القومي لمصر، ولن تنطلق مصر وتحقق شخصيتها الكامنة بوجهها الحقيقي، إلا إذا تحررت من عبء الزيادة السكانية، كما تحررت من فيضانات النهر العشوائية ببناء السد العالي، وتحرر قرارها السياسي بإنتاج السلاح وتنويع مصادره، والعمل على زيادة الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء، مؤكدًا أن خفض النمو السكاني الكبير يجب أن يكون هو كلمة المستقبل، وأن يكون شعارنا الاجتماعي "الحياة الكريمة قبل الجديدة".
ويواصل حسن، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن التخطيط السكاني من أول وأهم فصول التخطيط القومي لمصر، ويتطلب حل مشكلة الزيادة السكانية وعي واهتمام ورؤية وعمل جاد، وأيضًا يتطلب مواجهة مواطن القصور والاعتراف بها لكي نضع لها الحلول المنطقية، موضحًا أن المصريين قادرون على تحدي الصعاب والنجاح في أي مهمة مهما كانت صعبة أو مستحيلة والتاريخ شاهد على ذلك، لافتًا إلى أن حل هذه المشكلة قد يتم وفقًا لإطار مؤسسي يُديره المجلس القومي للسكان من خلال رسم السياسات ووضع الخطط وتنظيم الأدوار ومتابعة التنفيذ، بجانب مشاركة الوزارات المعنية في تنفيذ الخطط كفريق عمل واحد وفقًا للرؤية التي وضعها المجلس، مضيفًا أن الدولة قد دخلت في مواجهة المشكلة السكانية منذ عام 1965، خضعت خلالها للمراجعة والتقييم، فإن ما تحقق لا يتكافأ مع ما كنا نطمح إليه.
ويؤكد، أن الفقر إذا كان نتيجة لزيادة عدد السكان، فإنه سببًا أيضًا، فهناك الآن خيارين إما تنظيم الإنجاب أو زيادة الفقر أو الجوع، فإن مصر لديها فائضًا ضخمًا من السكان يزيد على إمكانيات البلد الراهنة، فالمجتمع المصري يتناسل بصورة مذهلة تحرمه من أن يتمتع بمستوى معيشة المجتمعات العصرية، مشيرًا إلى أنه وفقًا لمكتب المرجع السكاني في الفترة من عام 2018 إلى 2050 فإن عدد السكان سيزيد بـ 69.5 مليون نسمة وستكون مصر سابع أعلى دولة في العالم تحقق زيادة سكانية في هذه الفترة، وسيقفز ترتيب مصر على مستوى العالم من حيث عدد السكان من المركز الـ14 إلى المركز الـ11.
وتابع، أنه في الفترة من عام 1985: 2002، شغل الدكتور ماهر مهران منصب مقرر المجلس القومي للسكان، لمدة 16 عامًا، وساعد ذلك على استقرار إدارة الملف السكاني، مما كان له أكبر الأثر في تحقيق إنجاز غير مسبوق في خفض معدل النمو السكاني في مصر، ولكن منذ عام 2011 وحتى 2019، تعاقب على منصب مقرر المجلس القومي للسكان ما يقرب من 8 مقررين، وتسبب ذلك في عدم استقرار إدارة الملف السكاني، مما انعكس بالسلب على جهود الدولة في خفض معدل النمو السكاني، مؤكدًا أن "الحوكمة" هي الحل، ففي عام ١٩٨٠ كان معدل الإنجاب الكلي ٥.٣، وفي عام ١٩٩١ وصل لـ ٤.١، وفى عام ٢٠٠٠ حققنا نجاح بالوصول إلى معدل إنجاب يساوى ٣.٥، وواصلنا النجاح عام ٢٠٠٨، وأصبح المعدل ٣، ولكن للأسف بدل من الوصول إلى المعدل المتوقع وهو ٢.٤ حدثت ردة وعدنا مرة أخرى فب عام ٢٠١٤ إلى معدل إنجاب يساوى ٣.٥ مثل الذى تحقق في عام ٢٠٠٠، مما يعني عدم تحقيق أي تقدم يُذكر في هذا الملف لمدة ١٤ عامًا، وفي عام 2020 وصلنا إلى 3.07، مطالبًا بوضع نظام متابعة وتدقيق ومراقبة للحفاظ على المكتسبات والانطلاق بخطوات ثابتة في هذا الملف الهام.
وأوضح، أنه عند وضع أهداف وأنشطة الإستراتيجية القومية للسكان والتنمية (٢٠١٥ - ٢٠٣٠) كان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى وصول عدد السكان في مصر في 2020 إلى 94 مليون نسمة، ولكن الواقع أن عدد السكان وصل إلى 100 مليون نسمة في 11 فبراير 2020 أى بواقع زيادة 6 ملايين نسمة عما كان مخطط له، وكان من المتوقع وصول عدد السكان إلى 110 مليون نسمة في عام 2030، ولكن التوقعات الحالية تشير إلى أن عدد السكان سيصل إلى 119 مليون نسمة بحلول 2030 وهذا بزيادة 9 مليون نسمة عما هو مخطط له، وهذا يطلق جرس الإنذار بضرورة تضافر جهود الدولة، وأن تتبنى القيادة السياسية هذه القضية، مضيفًا أن ضبط الإطار المؤسسي لملف السكان وحوكمته بشكل جيد يمكنه تحقيق الاستدامة في كل من الإرادة السياسية والتمويل أيضًا، إذ يستطيع الإطار المؤسسي الفعال تنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية بالقضية السكانية بما يضمن عدم تغير السياسة السكانية المتبعة بتغير القيادة السياسية أو الحكومة من ناحية وعدم إهدار الموارد الناتج عن تضارب المصالح وتعارض الجهود من ناحية أخرى. 
واستكمل، أن مشروع تنظيم الأسرة يعد أكبر مشروع استثماري إذا تبنته الدولة سيحقق استثمارات هائلة، مطالبًا وضع نظام منضبط للمتابعة والتقييم مبني على مؤشرات أداء حقيقية، وضمان التنفيذ المتوازن لجميع أبعاد القضية السكانية، وألا يقتصر التركيز على البعد العددي وتنظيم الأسرة فقط، ورصد أي قصور على صعيد المؤشرات الاقتصادية والتنموية كالتعليم والصحة وتوزيع السكان واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة بسرعة، وأن يؤدى ذلك إلى تنفيذ برنامج سكاني فعال كما نص الدستور المصري، لذلك يجب أن يكون المجلس القومي للسكان هو الجهة المعنية بوضع الخطط السكانية وكذلك مؤشرات المتابعة والآداء التي سيتم بناء عليها تقييم أداء جميع الجهات التنفيذية.

برامج توعية
ومن جانبه، يرى الدكتور حسين عبد العزيز، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، مستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أنه يتم تحقيق نتيجة من خلال حملات تنظيم الأسرة ولكن هذه النتيجة ليست على المستوى المطلوب، فإن الدراسة التي تم عملها العام الماضي كشفت أن متوسط عدد الأفراد في الأسرة انخفض من 3.5 طفل لكل سيدة إلى نحو 3.1، مشيرًا إلى أنه من خلال تكثيف العمل في برامج الأسرة يتحقق النجاح، ولكن هذا النجاح ليس هو الذي تسعى إليه الدولة بشكل كامل، فإن مشكلة الزيادة السكانية والتي تعني الضغط والزيادة في قوة العمل وغيرها، وبالتالي لا بد من العمل على بعدين البعد الأول هو الزيادة التي تحدث يتم استيعابها في أعمال منتجة اقتصاديًا وتحويلها من طاقة بشرية إلى ثروة.
وأضاف عبد العزيز، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن أما البعد الثاني يتم من خلال العمل على تنظيم الأسرة، بحيث يمكن تقليل الزيادة السكانية المستقبلية، وهو ما تسعى إليه الدولة حاليًا، من خلال وجود برنامج تنظيم أسرة قوي وفعال وكفء يستطيع أن يحقق الهدف، ولكن في إطار حرية الاختيار للأسرة وتوقيت الحصول على الأطفال ولكن في حدود المسئولية، بما يعني في حالة عدم سماح إمكانيات الأسرة للحصول على أطفال عديدة فلا يمكن عمل عكس ذلك، فضلًا ع تحقيق عوامل الصحة والسلامة للطفل والأم.
ويشير إلى أن المجلس القومي للسكان في بدايته عام 1985 كان تحت رئاسة رئيس الجمهورية، ثم رئيس مجلس الوزراء، ثم أصبح حاليًا تابعًا لوزارة الصحة والسكان، فإن مجلس النواب يوضح أهمية الفصل ما بين الجهة المنفذة والجهة المسئولة عن تقييم ووضع الإستراتيجية، وبالتالي يجب أن يكون المجلس مستقل عن وزارة الصحة، حتى يستطيع أن يقوم بدوره في دعم وتقييم برنامج تنظيم الأسرة والتعامل مع الوضع السكاني بصفة عامة، فإن المشكلة السكانية ليست مشكلة صحية وإنما مشكلة مجتمعية، بما يعني أن جميع الوزارات لها دور فيها مثل "الصحة- التربية والتعليم- التعليم العالي- التضامن الاجتماعي- الصحة" وغيرها، وكذلك منظمات المجتمع المدني والجميعات الأهلية، ولهم دور كبير في دعم البرنامج القومي لتنظيم الأسرة.