الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الالتحاق بالجامعة والسؤال الصعب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الهمّ العائلى السنوى يأتى في شهر أغسطس من كل سنة، تُسخرّ العائلات حياتها للبحث عن موقع مناسب لأبنائها من خريجى الثانوية العامة، ويصبح السؤال المهم، ما هو أنسب تخصص في ظل حالة الندرة بالوظائف، والأفضل في سرعة للالتحاق بقافلة العمل، بدلا من الانضمام لطابور البطالة الممتد إلى ما لانهاية.
وتصبح الإجابة أكثر صعوبة، على السؤال الذى نتلاقاه على مدى ساعات اليوم من عشرات الأشخاص بين قريب وجار وصديق وزميل، وصعوبة الإجابة، لكون الوظائف غير متوفرة، وغير مضمونه، نظرا للوضع الاقتصادى الصعب، ليس في البلاد فقط، بل في العديد من دول العالم، حتى أن فرص السفر للعمل بالخارج أضحت هى الأخرى أكثر صعوبة، مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، خصوصا تلك التى فرضتها جائحة كورونا، والتى دفعت العديد من الدول المستقبلة للعمالة المصرية، لاتخاذ إجراءات من شأنها تخفيف أو تخفيض، بل ربما وقف تدفق العمالة من الخارج.
ويتجه أولياء الأمور إلى الجامعات الخاصة لعل الأمل فيها، إلا أنها تحولت بدورها إلى حالة ذات خصوصية، لتحقيق أعلى معدل استفادة من راغبى الالتحاق بكلياتها، بعيدا عن ضمان حجز كرسى على مقاعد الدراسة، وتتسع هنا ظاهرة "ابليكيشن" تقديم طلب الالتحاق، والذى في أقله بـ500 جنيه، ويصل إلى 3000 جنيه، والمضطر يركب الصعب.
ولكن يبقى السؤال الذي يطرحه الجميع.. ما هو المجال الأكثر راحة لقلوب أولياء الأمور لتحديد مستقبل أولادنا، وأحفادنا، وكيف نضمنه بعد المولى سبحانه وتعالى؟.
الإجابة ستظل حتما صعبة، وربما هذا ما نراه من حالة الإقبال على الكليات العسكرية، والشرطية، فبعيدا عن المسئولية الوطنية في مثل هذه الكليات، يبقى جزء مهم لحالة الطلب عليها، هو ضمان وظيفة، من لحظة الالتحاق بها، وضمان مستقبل مختلف عن القطاع المدنى.
ولتوضيح جزء من الإجابة على السؤال المُعضلة، يجب أن نحدد ماذا يحب أن يدرس الطالب؟، طالما ابتعد عن الالتحاق بكليات القمة، والتى من المؤكد أيضا لا تتضمن للخريج منها فرص عمل مؤكدة، فليس كل حامل بكالوريوس طب بمختلف تخصصاته، وصيدلة، وهندسة، قد أمسك بمفاتيح الوظائف، فالقضية أصعب من ذلك بكثير.
والوقوف على تحديد ما يحبه الطالب في المجال الدراسي، ربما تخفف مستقبلا من إمكانية توفير فرصة عمل، بمعنى أن دراسة أبنائنا تخصصات يحبونها، من الوارد أن تدفعهم إلى مزيد من الدراسة، والبحث، وتأهيل أنفسهم لسوق عمل صعب، ومفترس، يضيع فيه الضعيف، بل تهرسه وتطحنه المحسوبيات.
دعونا نخطو خطوة جديدة في تعليم أبنائنا وأحفادنا، أن نحفزهم من بدايات الدراسة قبل الجامعية أن يختاروا تخصصات يبدعون فيها، ليس بالطبع أن تكون طبًا وهندسةً، بل ممكن أن تكون قانونية، وتجارية، وأدبية، أو في مجال التدريس والعلاقات العامة، والخدمات الاجتماعية، فدائرة العمل أوسع بكثير، من التخصصات التقليدية.
ثم أن هناك تخصصات مهنية جديدة وتجارية وحرفية، دخلت السوق، تؤهل طالب العمل، في تأسيس مشروعه الخاص، بتكاليف ليست بالكبيرة، وربما هذا مجال لم نهتم به كثيرا في التعليم، بل لم نهتم به كأولياء أمور في تعريف أبنائنا به، وظللنا متقوقعين داخل البحث عن الوظيفة، والمرتب الذى يأتي آخر الشهر، وهو ما أمات وكاد يندثر معه الإبداع والابتكار في البحث عن مصادر عمل غير تقليدية.
في دول كثيرة، تعتمد في اقتصادها على المشروعات الصغيرة، التى تمثل الجانب الأكبر في توفير فرص العمل، لصاحب العمل نفسه، ولعدد وإن كان محدودًا، معه، وهذا القطاع الذى بدأت تهتم به الدولة في السنوات الأخيرة، قد يكون مجالا لمستقبل واعد لتحجيم حجم البطالة.
قد يقول البعض أن الأوضاع صعبة، وهذا صحيح وزاد مع جائحة فيروس "كورونا"، إلا أن هذه الجائحة هى ظرف طارئ، وستزول تأثيراتها وتداعياتها، وإن طالت لبعض الوقت، فالأزمات المرضية والصحية في كل تجارب العالم، مهما كانت صعوبتها فهى تزول مع الوقت، وتصبح جزءًا من التاريخ.
رغم ذلك لن يتوقف سؤال أولياء الأمور، ما المجال الذى يضمن لأبنائنا مجال عمل مناسب وسريع، حتى لا يتحولون إلى خريجين بلا عمل وعبء على أبائهم، وعلى المجتمع، ودون مستقبل.
القضية حتما مسئولية مشتركة، من خلال توجه الدولة لخلق مجالات إنتاج تستوعب خريجين من مختلف التخصصات، خصوصا في المجال الصناعى، والسياحى وما يتعلق بهما، وهذا من شأنه أن يسهم في تنشيط قطاعات ذات صلة بالتسويق والتجارة والنقل، والخدمات اللوجستية، والإمداد والتموين.
والمسئولية الثانية، أن يتوجه أبناؤنا إلى تخصصات يبدعون فيها بحب حقيقى.