الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الخيانة والجاسوسية.. كيف تحصل أجهزة المخابرات على المعلومات؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كعادة أولئك الـ«قابعين خلف جدران الصمت»، كما أسماهم الراحل الكبير صالح مرسى في كتاباته، تهيأ محمود إسماعيل الخولى جيدًا قبل أن ينشر حرفًا عن العالم الذى قضى عقودًا من حياته مُلتزمًا بقواعده الصارمة. هكذا اختار موضوعاته بعناية، وتأكد من توافر المصادر المُتاحة، ليخرج لنا بكتابه «قضايا الخيانة والجاسوسية.. الجاسوسية والوعى الأمني»، والذى استعرض فيه صورة سريعة عن عالم المخابرات، ضاربًا أمثال من قضايا شهيرة، وشارحًا طرق تثقيف الوعى الأمني وأهميته في إطار الحفاظ على مصالح البلاد.

للوهلة الأولى قد يبدو اسم الكتاب تقليديًا مثل عشرات الكتب المنتشرة على الأرصفة في وسط البلد، أو اسمًا لمنتدى على الإنترنت يقوم أصحابه بنقل قصص مُترجمة عن ذلك العالم الغامض؛ لكن تكمن أهمية الكتاب الصادر مطلع العام الجارى عن العربى للنشر في كون صاحبه ينتمى إلى ذلك العالم وليس مجرد قارئ مطلع كما اعتدنا على مؤلفى مثل هذه النوعية من الكتب في عالمنا العربى.
أوضح الخولى، ضابط المخابرات المصرى السابق، في مقدمة الكتاب، أن تناول عالم المخابرات -بأساليبه وقواعده- بشكل علمى هو أمر موجود بشكل أبرز وأكثر إتاحة في العالم الغربى، والذى يسمح لضباط المخابرات المُتقاعدين بسرد مذكراتهم وتناول وقائع بعينها في كتب، ضاربًا أمثلة بعدد من أشهر ضباط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA وكذلك ضباط سابقين في جهاز الاستخبارات الإسرائيلى Mossad ؛ مُشيرًا إلى أن هناك الكثير من المصادر العلنية التى يُمكن للقارئ الذى يرغب في معرفة المزيد في الوصول إليها، وهى في الوقت نفسه تُعتبر منبعًا مهمة لهذه الأجهزة نفسها.
افتتح الخولى كتابه الواقع في ٢٣٩ صفحة من القطع العادى بإهداء إلى زملائه العاملين في جهاز المخابرات العامة وكل من يعمل في الحفاظ على الأمن القومى للبلاد، وتناول في ثلاثة أقسام هى محتويات كتابه، أجهزة المخابرات وأساليب عملها، وعدد من أشهر قضايا الجاسوسية في الألفية الجديدة، واختتم بفصل عن الوعى الأمني وأهمية نشره كثقافة عامة.

في قسمه الأول تحدث الخولى عن أساليب عمل أجهزة المخابرات لتوفير مصادر معلومات في كافة أنحاء العالم، متناولا مصطلحات أساسية في هذا العمل، مثل «مواصفات المعلومة» و»الأشخاص غير المرغوب فيهم» و«العمليات الإيجابية»، والفرق بين التخابر ومكافحة الجاسوسية.
يُركز القسم الثانى على الولايات المتحدة، ساردًا إخفاقات تاريخية لأشهر جهاز مخابرات في العالم CIA ومكتب التحقيقات الفيدرالى FBI، وهى قضايا أخذت أبعادًا وشهرة عالمية، منها ما بدأ في نهايات الحرب الباردة مع جهاز المخابرات السوفيتى KGB وامتد لخليفته الروسى SVR مثل قضية أولديتريتش إيمز وروبرت هانسين؛ وقضية الجاسوس الإسرائيلى الأشهر جوناثان بولارد الذى رفض كافة رؤساء الولايات المتحدة الإفراج عنه، وأيضًا التسريب الكارثى الذى قام به إدوارد سنودن لعدد من أجهزة المخابرات العالمية من خزائن أسرار المخابرات المركزية، والتى تولى حمايتها رقميًا لفترة كبيرة.
تابع وكيل المخابرات المصرية السابق حديثه في قسم الكتاب الأخير عن الوعى الأمني وأهميته ودرجاته، والإجراءات التى يجب اتخاذها من أجل حماية المعلومات المهمة والحيوية المُتعلقة بمصالح البلاد، وما يُمكن فعله من أجل ترسيخ هذا الوعى لدى عامة الناس، ومن ضمن هذه الأساليب إنتاج الأعمال الدرامية التى تتناول بعض الملفات التى أفرجت عنها الأجهزة الأمنية؛ وكذلك يتناول الأساليب التى تتبعها أجهزة المخابرات في تجنيد الجواسيس، والدوافع التى يتم تجنيدها من خلالها، ومراحل تعامل ضابط المخابرات مع الجاسوس.
وتتأكد في بعض الصفحات القاعدة الشهيرة «المعرفة قدر الحاجة» عندما تجد سرده يمر على بعض النقاط سريعًا أو يكتفى بذكر صلة القرابة بين شخصين أدى أحدهما إلى الإيقاع بالآخر، في دلالة لإعلاء مصلحة الوطن، ليكتفى بإعطاء القارئ صورة تساعده في فهم المغزى وتكوين صورة بعيدة عن تفاصيل لا تهم سوى أصحابها، ولا يُمكن أن تخرج للعلن إلا بنسبة ما في توقيتات يتم اختيارها بعناية، أو يكون قد مرّ عليها خمسون أو خمسة وسبعون عامًا في قوانين حفظ الوثائق في الغرب.
ويختم وكيل جهاز المخابرات العامة المصرى السابق بعرض للسيرة الذاتية لكل من جينا هاسبل مدير وكالة المخابرات المركزية CIA، وهى أول امرأة تتولى إدارة هذا الجهاز الذى يُعّد الأقوى في العالم، وأيضًا كريستوفر راى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI، وبعض أسماء رؤساء أجهزة المخابرات الأشهر في العالم، ومنهم المملكة المتحدة وروسيا وألمانيا وفرنسا، مع عدد كبير من الملاحق التى استخدمها لتوثيق المعلومات الوارد ذكرها في الكتاب.