الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الشعر يجمعنا.. "في بيروت" لمحمود درويش

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "في بيروت" للشاعر الفلسطيني محمود درويش.

"في بيروت"
بيروت: شمس ومطر. بحر أزرق/
أخضر وما بين اللونين من قربى ومصاهرة.
لكن بيروت لا تشبه نفسها هذه المرة.
تنظر إلى صورتها في المرآة، وتسأل:
لماذا تريدين أن تشبهي غيرك يا جميلة؟
تضع جمالها على موجة قلقة، وتخفي
أدوات الزينة في الأدراج.
تسرح شعرها بيدين نزقتين وتنتظر، دون
أن تعرف ما تنتظر كوردة على قارعة
الطريق العام. لكن المناخ مكتظ بأسرار
الغيوم القادمة من جهتين: من الصحراء
ومن البحر.. ولا سيطرة للخيال على فوضى
المفاجآت. تضع خيالها جانبًا، وتسلم
نفسها لأغنية تمدح اللامعنى دون أن
ترقى إلى شرف العبث.
بيروت محرومة من نسيان جرحها،
ومحرومة من تذكر غدها المتروك لرمية نرد في لعبة بلا
قواعد، كتجريبيّة شعر ما بعد الحداثة
في مقاهيها الخالية من الروّاد.
لا أحد يربح، والكل خاسر،
حتى لو قال صديقي
أنسي الحاج: "والرابح يخسر والخاسر يربح".
بيروت الحزينة تخدر حزنها
بأغنية سابقة عن زمن سابق: عن
ريف وأرز وبراءة ومبارزة بين عاشقين
على عروس.
فينام الحزن لساعات، لكن
الخوف لا ينام.
بيروت خائفة على نفسها
ومن نفسها، ومما تعدّ لها العاصفة
من معلوم في صورة مجهول!