الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إبداعات البوابة| "ضفاير الكلمة" قصيدة للدكتور مصطفى حسين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حِين أفكُّ ضفائر تلكَ الكلمَة
أشعرُ أنّي بعد ثوانٍ
سوف أضاجعُ ألفَ حكاية
أروى حُبي لجميعِ الغاداتِ روايَة

أعرفُ أني أبحثُ عنَي
حين أخط قصيدا تجرِي
بي كي أقطفَ موجَ الغاية

حين أضلُّ بساحِ الشعرِ النّازحِ عنّي
أُدركُ أن ضلالَ الشعرِ هداية
وهداهُ ضلالٌ
وضلالُ هداهُ جيوشٌ غازيةٌ والومضاتُ الرّاية


حين أفكُّ ضفائرَ أنثايَ العازفة على رغباتِ النايْ
أعرف أن الشاعر ليس سوايْ
يضرب بحر الحرف متى أتجلى لحن عصايْ
ديني أن أقطعَ بدماء المعنى لفظ وتينِي
أذبحُ بالجرح المنهوك الشفرة في سهوٍ أعمى سِكّينِي!

ذاك أنا والشعرُ السارحُ خلفَ أمامي!
كيف أمِيزُ اللحظةَ إثر اللحظة
حين تمرُّ الثانيةُ بعامي
أَعصارًا تتصبّبُ عرقا من أعْوامِ!
أشعرُ أني لستُ أنا فأُنادي
حين يمرُّ الماء الدافقُ عبر مسافاتٍ تتدحرجُ في أنهارِي
يتلبسُ إحساسي الداكنُ بضيائِي ليلا يتدثرُ ملءَ نهاري
أطفئ ماء العشقِ بحرِّ النّارِِ
أشعل ُظلّ الكهف جبالا
تنبع من أسرار ستاري!
فأغطي خارطة الدنيا
بتفاصيلي
وأنا العاري!


أهدأ في عاصفة كبرى
ذاك هدوئي!
أما حينَ أثورُ بشعرٍ
تتداعى الغاباتُ يصير شعاعُ الشمس غُبارِي
فأنَا كِسرى الشعرِ وذاكَ الحرفُ سُواري!
فإذا رحتَ تسائلُ عني
أشجارًا تملأ ذاكرتي
فانظر حولك فأنا حولكَ
والأشعارُ تدلُّكَ عنِّي
حينَ تسافرُ في أثماري
والدربُ يسافرُ أعمارا ترسمُ في زهوٍ أعماري


حين أفك ضفائرَ كلِّ سحابة
قطراتٍ ماساتٍ من أفئدةٍ
تنبضُها لغةٌ خَلابة
أشعرُ أن نبيا يبني بي مِحرابَهْ
فيصلي وصلاةُ الحرفِ رجاءٌ
يغرسُ في الآمال ثوابَهْ
يملأ كلَّ سطورِ الحبّ رحيقا
حينَ يصبُّ بصوتِ الوحي كتابهْ

فيموج بهِ بحرُ يقينٍ
يُغرقُ قافيةً مرتابة

بمسافاتٍ منسدلاتٍ
ترسم وجهًا يغمرُ غابة

سربًا من نورٍ يتداعَى
دون سرابٍ
والقلم يهدهدُ بالحبر النازح حين يخط دما بالقلب يحطُّ برحلِ الشوق ركابَهْ

أسرابٌ وجموحٌ يرتع بي فيفوحُ متى يجرفُ أسرابه!

حين أفكُّ ضفائر معنى ينزفني جرحٌ لا أدري ما أو من يبعثُ أسبابَه؟!

إلا حين أعودُ لربّي
أسألهُ فاللهُ الواحدُ علامٌ
مَن أوقدَ للشعرِ ثقابه!
الله الخلاقُ الواحدُ يكشفُ عما غاب نقابهْ
ويعيدُ لشيبٍ مقهور الظهرِ شبابَهْ

أواااااااه فما جفَّ وعاءٌ إلا زاد العزفُ شرابهْ
فكأني ظمأٌ تسقيهِ جنونَ الرغبةِ لغةُ من وجدٍ وثابةْ

حين أفكّ ضفائرَ لغتي الشمسْ
أعرفُ أني أسكنُ في غرفاتٍ من أعرافٍ بين الجهرِ وبينَ الهمسْ
أدركُ أن لا فرقَ يلوحُ لديّ اليومَ فكم أصبحتُ أذوقُ غدِي فِي طعمِ الأمسْ
يزعمُ شِعري
أن لا فرقَ هناكَ يُرى مَا بينَ العيشِ ولونَ الرَّمس
فالحرفُ المَعزوفُ بصدقٍ
يقتل موتَ الموتْ
يغرسُ صوتَ حياةٍ أخرَى بصدَى الصَّمتْ
فيعيدُ الأوتارَ العجلى ودمَ النُّور لنبضِ القَوسْ

مهما رحتُ أفكُّ ضفائرَ أخرَى
وأشمُّ عبيرَ الأثمارِ ثمارًا تترَى
أقضي عمرا آخرَ أبحثُ عن أرضٍ
حين أفك ضفائر نجواي الماردة الريحْ

أشعرُ أني
حينَ أغني

أنسجُ أوتارا تتدلى
فيقولُ الحرفُ على عجلٍ
غرِّدْ ليس دمي بشحيحْ

فسترسمُ خارطةً أخرى
للإحساسِ فتسعى تَطمرُ كل غياباتِ التجريح

حين أفك ضفائر خُطوةْ

مما تخطوه الكلماتُ بعمق النشوةْ

أدركُ أن كتابة شعري

لذتُها من شيءٍ آخرَ

يغرقُ كل سفوحِ الشهوةْ

أعرفُ أنّ قصيدِي حين تراودُ عني اللغةَ الحيرى
ليسَت نزوَةْ

يتشربني حينَ يدي تتذوقُ حبرَ الناي العازفِ بدمي طعمُ القهوَةْ
أغزو العالمَ حينَ أفكُّ ضفائرَ ثانيةٍ
فتثورُ الغزوَةْ

يعبرني بحرٌ في بحرٍ تسبحُ بي أفكارٌ تجرفُ موجَ بحورِ الطينِ الرّهوةْ

تنبتُني من بذرةِ وحيِ اللحظةِ عَنوةْ

فينازعني الهاتفُ سترةَ غفوةْ

وأنا أغرقُ فيّ أصارعُ بينَ جموحِ الماءِ الرملِ العزفِ النزفِ الرغوةْ

حين أفك ضفائرَ شدوٍ لا يسطيعُ سوى وادٍ من صهوةِ روحٍ شَدوَهْ

أنسجُ من خيط غيبي النكهةِ فوقَ خيالِ الومضةِ ربوَةْ

أنحُو نحوًا لا يقدرُ إعصارُ الرهبةِ نحوَهْ

أشتعلُ مياهً مِن آلٍ ظلالٍ يسترُ شمسًا من أنفاسٍ رخوَةْ

ثمّ أدورُ أفورُ أغورُ خلال غيابٍ أسبرُ غَوْرَهْ

أكتمُ أنفاسٍ تتلهبُ فيّ مروجًا
ثمّ أُفيقُ فتلمعُ في حرفِي المتوهجِ نَوْرَةْ

أغمضُ عينَ اللحظةِ حينَ فمي يتفتّحُ ينطقُ زهْرَةْ

مَولدُ قُدرَةْ

تشرحُ كيفَ يقولُ الشاعرُ شِعْرَةْ

حين يفكُّ ضفيرةَ لمحٍ تقطنُ فيهِ الفكرَةُ تعْمُرُ بيتَ الفطرَةْ

ذاكَ الدربُ يدورُ أدورُ كلانا يبدأُ ثم يعيدُ تفورُ تدور تثور الثورَةْ

دورةُ فكرٍ ينبعُ شعرًا ثم الشعرُ يعيدُ يزيدُ تعودُ الكرَّةْ

يطفئُ ماءَ الخاطرِ بالنيرانِ مريدَ الجمرَةْ

ذاك أنا والشعرُ ولونُ الجوّ وطعمُ خطًى أحلاهُ الدفقةُ حينَ تضمدُ جرحَ العثرَةْ

بيتٌ يتبعُ بيتًا فيثلثهُ الثالثُ حينَ يجيءُ الرابعُ أنفاسًا تنتابُ الخامسَ نفثًا
ثم تتمُّ العشرَةْ

أتنهدُ في لفحٍ يهدأ بي إعصارًا من لغةٍ تجري وخزاتٍ حين أفكُّ الزفرةَ إثر الزفرَةْ

فكأنَّ مسافاتٍ عطشَى تبعثُ روحًا من آنيةٍ ترابٍ عظامِ الآنِ النَّخِرَةْ

أسرارٌ أيسرها يرقدُ عصرا كونيًّا يترامَى

مرَّ النكهةِ عذبَ الشفرَةْ
والخاطرُ ماءٌ ينبعُ مني
والقافيةُ النورُ الفأسْ