الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عيد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حلت الذكرى الـ٦٨ لثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، إحدى أهم الاحداث التي غيرت مجري التاريخ في مصر والشرق الأوسط. وبقدر الإنجازات العظيمة لثورة يوليو، فقد كان لها ايضا أخطاء جسيمة.
لقد أحدثت الثورة تغييرات جذرية في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية في مصر، وكانت بمثابة الزلزال الذي اعاد تشكيل المجتمع المصري وامتد تأثير ثورة يوليو إلى كل البلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا ودول العالم الثالث. فكانت بمثابة البركان الذي انفجر في وجه الدول الاستعمارية، خاصة انجلترا وفرنسا، والتي اتفقتا سرا مع إسرائيل على العدوان الثلاثي سنة ١٩٥٦، بعد تأميم شركة قناة السويس الدولية للملاحة الدولية إلى شركة مساهمة مصرية.
وقد بدأت التغييرات الاجتماعية في مصر بعد فترة وجيزة من قيام ثورة ٢٣ يوليو، حيث صدر قانون الاصلاح الزراعي في سبتمبر من نفس السنة، والذي حدد الملكية الزراعية بـ ٢٠٠ فدان للفرد، وقامت بتوزيع باقي الأرض الزراعية على صغار الفلاحين المعدمين حيث كان القضاء على الاقطاع وسيطرة رأس المال على الحكم، أحد أهداف الثورة.
ثم شرعت الثورة في استصلاح الاراضي والصحراء لزيادة الرقعة الزراعية. ولتوفير المياه الضرورية لحياة المصريين، قام عبد الناصر بعقد اتفاقية تقسيم مياه النيل سنة ١٩٥٩ بين مصر والسودان. وفيها تم موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالى، وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص. وتم الاتفاق على أن يتم توزيع الفائض المائي الذي نتج عن بناء السد العالي على الدولتين. وبذلك وصلت حصة مصر إلى ٥٥.٥ مليار متر مكعب، والسودان إلى ١٨.٥ مليار متر مكعب سنويا وهذا الاتفاق مازال أساس التفاوض حول ملف سد النهضة الإثيوبي بين مصر والسودان واثيوبيا حتى اليوم.
وفي مجال التصنيع، تم تعيين الدكتور عزيز صدقي وزيرًا للصناعة سنة ١٩٥٦، وكان عمره ٣٦ سنة. ونجح د. صدقي في بناء أكثر من ألف مصنع، اهمها مصانع الحديد والصلب بحلوان، والغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، والبتروكيماويات بالسويس والإسكندرية وأصبح المنتج المصري من الصناعة هو المتاح في المحلات، والمنتج من الاقمشة والمنسوجات هو الذي يرتديه رئيس الدولة. كما تم الاهتمام بالتعليم الصناعي وإنشاء مراكز التدريب المهنى.
وفي الصحه، تم تعيين الدكتور محمد النبوى المهندس وزيرًا للصحة في سنة ١٩٦١، ومنحه الرئيس عبد الناصر كل الصلاحيات التي مكنته من تأسيس النظام الصحي الحديث في مصر. حيث انشأ أكثر من ٢٥٠٠ وحدة صحية ريفية، ومئات المستشفيات العامة والمركزية، وأكثر من 10 مستشفيات كبرى في المناطق الحضرية، وهو أول من انشأ برامج تنظيم الأسرة، وأول من قام بإلحاق مدارس التمريض بالمستشفيات، وقام بتطوير الإسعاف المصري، وخدمات نقل الدم. وهو الذي أسس فكرة حملات التطعيم الاجباري للأطفال، وأسس نظام التأمين الصحى للعاملين بالحكومة، ووضع أساس صناعة الدواء، وأنشأ هيئة الرقابة على الأدوية.
وفي الثقافة، تم تعيين الدكتور ثروت عكاشة وزيرا للثقافة والإرشاد القومي سنة ١٩٥٨، وفي هذه الحقبة بلغت الثقافة المصرية قمتها، حيث تم إنشاء الهيئة العامة للثقافة الجماهيرية (قصور الثقافة حاليًا)، وبناء قصور الثقافة، والمراكز الثقافية في معظم المحافظات والاقاليم كما تم إنشاء أكاديمية للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية. وفي هذه الحقبة تربعت السينما والاغنية والكتاب المصري على عرش الثقافة العربية.
وفي التعليم، احدثت الثورة تطورا غير مسبوق في مجانية التعليم.. وأدت مجانية التعليم إلى إلغاء الطبقات بين افراد الشعب المصري، وأصبح الفقراء من أبناء الفلاحين قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء وأطباء ومحامين، وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري واختفت الالقاب.
واليوم، أري أن النهضة التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مختلف المجالات، وبسرعة غير مسبوقة، هي أشبه مايكون بما حاول كل من محمد على وجمال عبد الناصر تنفيذه، في مطلع القرن التاسع عشر، وفي ستينيات القرن الماضي وأري ان ماتقوم به الإدارة المصرية الحالية قد اثار غيرة بعض القوي الاقليمية، وقلق وامتعاض بعض القوي الدولية، وأن هناك مخططا شيطانيا لتشتيت تركيز مصر وشغلها في حروب جانبية في الشرق والغرب والجنوب. وكلي ثقة ان القيادة السياسية المصرية على دراية كاملة بكل مايحاك ضد مصر من مؤامرات، وانها تدير الأمور بدقة ويقظة واقتدار.
حمى الله مصر من كل الشرور والآثام، وكل عام ومصر وجيشها وشعبها بخير.