الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

إنجاز علمي عربي إماراتي.. "انطلاق مسبار الأمل" لدراسة غلاف المريخ.. "خبراء" يشرحون كواليس إطلاقه وسبب اختيار توقيت الإطلاق.. ويؤكدون تغييره لنظرة العالم للعرب في مجال الفضاء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انطلق "مسبار الأمل" الإماراتي، صباح اليوم الاثنين، نحو المريخ، حيث تم وضعه على صاروخ ياباني من طراز "إتش- 2 إيه"، في أول مهمة عربية بين الكواكب، لدراسة مناخ المريخ على مدى اليوم والفصول، ليكون بمثابة أول مرصد جوي للكوكب الأحمر، فضلًا عن المهمات التي سبقته، واكتفت بأخذ لقطات ثابتة في أوقات محددة.


صمم مركز محمد بن راشد للفضاء، "مسبار الأمل" بأيادٍ إماراتية، وجرى انطلاقه من مركز "تانيغاشيما" الفضائي في جزيرة صغيرة جنوبي اليابان، بعد أن تم تأجيل المهمة، الأربعاء الماضي، بسبب سوء الأحوال الجوية في المنطقة، وجرى الانطلاق من قبل شركة "ميتسوبيشي" للصناعات الثقيلة، وهى الشركة الموردة للصاروخ الذي حمل "المسبار".
ومن المتوقع، أن يصل مسبار الأمل إلى كوكب المريخ في فبراير عام 2021، وهو العام الذي تحتفل فيه الإمارات بمرور 50 عامًا على تأسيسها، وستكون مهمة الأمل الناجحة خطوة كبيرة للاقتصاد المعتمد على النفط، والذي يسعى إلى مستقبل في الفضاء، كما يعتبره علماء الفلك فرصة استثنائية في مجال استكشاف الكوكب الأحمر، موضحين أن مهمته الأبرز هي الحصول على أول صورة كاملة وشاملة للكوكب الأحمر وطبقات الغلاف الجوي، فيما ستحظى الرحلة بمدار جديد بالكامل عن الرحلات السابقة لتشكل فرصة لجمع بيانات تسهم في تكوين صورة متكاملة لتلك المواقع.
تقوم وكالة الإمارات للفضاء، بالتمويل والإشراف على الإجراءات والتفاصيل اللازمة لـ"مسبار الأمل، حيث عمل فريق من المهندسين والباحثين الإماراتيين خلال الأعوام الستة الماضية، على تطويره، وتم نقله إلى موقع إطلاقه في اليابان في 25 أبريل 2020، وسيجتاز المسبار مسافة 493 مليون كيلومترا يستمد خلالها الطاقة من ألواح شمسية، ويحدد موقعه واتجاهاته عبر جهاز تعقب النجوم.

وأوضح فاروق الباز، عالم الفضاء والجيولوجيا في وكالة "ناسا"، رئيس مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن، عضو اللجنة الاستشارية لوكالة الإمارات للفضاء، أن مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، تكتسب أهميتها العملية لكونها أول مركبة فضائية سترسم صورة واضحة وشاملة عن طبقات الغلاف الجوي للمريخ، وتقديم معلومات يتم كشفها للمرة الأولى عنها.
ويقول الدكتور محمد القوصي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، إن مسبار الأمل إنجاز فضائي مميز بجيع المقاييس، حيث سيضيف للعرب بعدًا جديدًا في مجال الفضاء واستكشافه من خلال الذهاب إلى كوكب المريخ، الذي لا نعرف عنه كثيرًا من المعلومات، كما أنه سيكون وسيلة لمزيد من الاستكشافات الأخرى، مشيرًا إلى أن رحلة المسبار ستستغرق نحو 7 أشهر ليصل إلى مداره على بعد متوسط نحو 20 ألف كم وسيرسل هذه المعلومات إلى محطات استقبال في الإمارات.
وتابع القوصي، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن فريق العمل الإماراتي القائم على "مسبار الأمل" والفرق المعاونة قاموا بوضع 3 أنظمة تصوير على المسبار، الأول: "كاميرا ملونة عالية الدقة" والثاني: "مدى الاشعة تحت الحمراء" والثالث: "مدى الاشعة فوق البنفسجية"، حيث تسمح هذه الأنظمة بإرسال صور إلى محطة الاستقبال الأرضي في دبي، وتعطي معلومات عن تربة وتضاريس المريخ ونسبة بخار الماء والغبار في الغلاف الجوي المحيط بالكوكب الأحمر، وكذلك درجات الحرارة وأسباب نقص غازي الهيدروجين والأوكسجين في الغلاف.
ولفت إلى أن جميع المعلومات التي سيتيحها "مسبار الأمل" ستكون متاحة لـ 200 جهة فضائية عالمية، سيتم الاستفادة منها دون مقابل، وسيكون لها مردود إيجابي على الباحثين المهتمين بكوكب المريخ، مقدمًا التهنئة لدولة الإمارات العربية الشقيقة، ولكل العرب على هذا الإنجاز العلمي والتواجد على الخريطة الفضائية العالمية، مضيفًا أن وكالة الفضاء المصرية تقدمت بنظام كاميرا فضائية، وفازت الوكالة من بين الجهات العالمية المتقدمة لتكون مصر أول دولة تضع مكونًا فضائيًا لاختياره على المحطة الدولية من غير الدول القائمين على تشغيل المحطة، وهي أمريكا وروسيا والصين واليابان، بالإضافة إلى وكالة الفضاء الأوروبية، حيث إن هذه الكاميرا تم تصميمها وتصنيعها بمصر، بمشاركة كل من أوغندا وكينيا والدول التي تحالف معها مصر في هذا المشروع.
وأضاف أن هذه الكاميرا ستقوم بالتقاط صور لمنطقة شرق أفريقيا، وتستخدم هذه الصور لمواجهة تأثير التغيرات المناخية على هذه الدول لمقاومة التصحر، وهجوم أسراب الجراد وغيرها، مما يخدم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

وأكد أن إطلاق مسبار الأمل يغرس في شباب العرب ثقافة تدفعه إلى خوض المجالات التكنولوجية الجديدة، والتي كانت تمثل صعوبة من قبل مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والمواد الجديدة المتقدمة، وبمساعدة الجهات العلمية المحلية أو العالمية سيكون لدينا كوكبة من العلماء الشباب المتمكنين من علوم وتكنولوجيا المستقبل. 
ويرى الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، أن إطلاق مسبار الأمل تم في تمام الساعة 6:58، حيث تم عمل مجموعة من السيناريوهات بعد أن تم تأجيله مرتين قبل هذا الإطلاق، وتم استخدام الأقمار الخاصة بالمناخ لمعرفة سرعة واتجاه الرياح والسحب والأمطار بأنواعها، وبالتالي تم وضع سيناريوهات، مؤكدًا أن موعد إطلاقه أمس كان من المواعيد المناسبة للإطلاق وتم حسابه بالساعة وسرعة الرياح كانت من 4: 8 كليومتر في الساعة، وإذا زادت سرعة الرياح عن 30 عقدة أمس كان إطلاق المسبار سيكون مستحيلًا، كما كانت الأمطار "صفر"، فضلًا عن عدم وجود سحب ركامية أو برق ورعد خلال 10 كيلومتر.
وأضاف النهري، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن هذه الأمور مهمة جدًا وتمت مراعاتها قبل إطلاق "مسبار الأمل"، وتم إشعال الصاروخ من نوعية "إتش 2 إيه- 202"، وتركيب صاروخين مدعمين لعملية الإطلاق، وبعد نحو دقيقة و15 ثانية تم انفصال الصاروخين، وكان هناك قلق بعد مرور 11 دقيقة إلا أنه مر بسلام، ثم بعد مرور ساعة انفصلت مقدمة الصاروخ الذي يحمل كبسولة المسبار، وتحميه من الضغط والحرارة، موضحًا أن المسبار أصبح محررًا في الفضاء وتم تشغيل "مسخنات"، لأنه هناك طبقات الجو العالية ويخشى عليه من التجمد، وتم فتح الألواح الشمسية بمعرفة المسبار ومحطة التحكم الأرضي لتوليد الطاقة وشحن بطارياته حتى يقوم بوظائفه.
وأوضح أن المسبار علميًا مركب عليه وسائل وأجهزة حديثة جدًا، المجموعة الأولى تحتوي على 6 دوافع بقوة 120 نيوتين تعمل على تسريع أو إبطاء المسبار، و8 دوافع أخري 5 نيوتين تعمل على حفظ اتجاه وثبات المسبار بما يسمى بـ"عملية المناوراة" وتم تركيب مستشعر للنجوم لاهتداء المسبار للتعرف على مكانه وموقعه، كما تم تركيب 3 أجهزة علمية متطورة جدًا، الأولى: "كاميرا للاستكشافات الرقمية" ووظيفتها دراسة الطبقة السفلى من الغلاف الجوي للمريخ، ونظرًا لأن هذه الكاميرا ذات عدسة مركبة تسمح بمرور مسارين للضوء واحدة في الأشعة المرئية والأشعة فوق البنفسجية، مما يسمح بقياس العمق البصري لسمك طبقة الجليد في الغلاف الجوي للمريخ تتعرف على وجود الأوزون، كما أنها تصور سطح المريخ بدقة عالية بدقة 12 ميجا بيكسل، والمستشعر الآخر الثاني مقياس طيفي يعمل في مجال الأشعة تحت الحمراء بهدف التعرف على توزيع وانتشار الغبار وبخار الماء والسحب الجليدية في الغلاف الجوي للمريخ.
واستكمل أنه يتم قياس التغيير في أنماط درجة الحرارة، ودراسة الطبقة السفلية من الغلاف الجوي للمريخ في نطاق الأشعة تحت الحمراء، وهناك مقياس طيفي آخر يعمل في مجال الأشعة فوق البنفسجية ووظيفته قياس الطول الموجي للأشعة فوق البنفسجية، فما يميز مسبار الأمل عن المسبارات الأخرى،هو قياس التغيير في ثاني أكسيد الكربون والأكسجين في الغلاف الجوي للمريخ وقياس نسبة التغير في الأكسجين والهيدروجين ومعرفة سبب تأكل طبقة الغلاف الجوي للمريخ، كما أن مسبار الأمل يقيس على مدى الساعة وليس على مدى اليوم كما هو في المسبارات الأخرى، لافتًا إلى أن فوائد مسبار الأمل للعرب هو تغيير نظرة العالم إلى العرب بتحولهم من مستخدمين للتكنولوجيا إلى مصنعين لها، وتغيير اقتصادات المعرفة لاستخدام العلم والتكنولوجيا في الخدمات تأسيس صناعات متقدمة في مجال الفضاء.