الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر عادت شمسك الذهب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في البدء كانت مصر، ثم ظهرَ العالمُ من حولها، في البدء كانت مصر، ومن بعدها وُلد التاريخ ليفتحَ صفحاتِه ليسجلَ أحوالَ البلاد والعباد وبزوغَ حضاراتٍ وسقوطِ وأفولِ حضاراتٍ أخرى.. في مصر، بدأت الحضارة والطب والعمارة والتحنيط والزراعة والصناعة، وبدأ الدين وعبادةُ الإلهِ الواحد.. بدأت الأديانُ قبلَ نزولها من فوق سبع سماوات.. بدأ التوحيد قبل أن يتنزلَ الوحى على أنبياء يدعون إلى الله. في مصر القديمة بدأت صناعةُ البناء والتشييد، ولا تزال المعابد والمسلات والأهرامات خيرَ دليل على هذه الصناعة، بدأ الطب والهندسة وصناعة التجميل، وما كان كلُ هذا ليبدأ أو يزدهر سوى بفضل نهر النيل الذى ظهرت هذه الحضارة الأولى في تاريخ البشرية على ضِفْتِيْه؛ فمصر كانت ولا تزالُ وسوف تظلُ هبةُ النيل.
مصر هى مهبطُ الأديان.. كل الأنبياء مروا من هنا أو كانت لهم علاقة بهذه الأرض الطيبة، نبى الله إبراهيم جاء إلى مصر وتزوجَ منها السيدةُ هاجر أمُ العرب أجمعين والتى أنجبت لنا نبى الله إسماعيل، وموسى عليه السلام وُلد هنا وكانت دعوته في هذه الأرض، وعيسى عليه السلام جاء إلى مصر في رحلةِ العائلةِ المقدسة مع والدتِه السيدة مريم العذراء ويوسف النجار، وتزوجَ نبيُنا الكريم محمد من ماريّة القبطية المصرية.. الدين والتوحيد والسجود والركوع والصلاة لله الواحد.. صلاها أتباعُ جميع الديانات في مبتداها على ترابِ هذه الأرض، ورفعوا أياديهم إلى السماء بأن يحفظَ الله مصر وأهلها من كل سوء وبليّة.. مصر محفوظة ببركات إخناتون وإدريس ويوسف ويعقوب والأسباط والتوراه والإنجيل والقرآن.. مصر محفوظة بعين الله ورعايته وبجنودها المخلصين وشعبها الأمين ما دام على هذه الأرض حياةٌ تنبض أو نبتةٌ تزهر أو نيلٌ يجرى أو سماءٌ تمطر.
مصر مقبرةُ الغزاة أيًا كانت أوضاعها الداخلية، كان الكل يراهن على ضعف مصر وفقرها وتشتتها وعدم استقرار الحكم فيها، وحاولوا أن يأخذوها على حِين غِرّة من أهلها، فماذا كان مصير كل هؤلاء؟، كان مصيرهم الفناء، أين الهكسوس الذين هلكوا على يد أحمس؟، أين التتار والمغول؟، بل أين الصليبيون الذين أذاقهم صلاح الدين مرارة الهزيمة ودخل بيت المقدس.
مصر الآن أكثر تماسكًا وتقفُ على أرضٍ راسخة.. تقفُ بأقدامٍ ثابتة وقاماتٍ تُطاول عنانَ السماء، مصر الآن أفضل وأقوى من أى وقتٍ مضى، مصر لديها درعٌ وسيفٌ يحملهما قائدٌ قلما يجودُ الزمانُ بمثلِه، وخلفه جيشٌ وشعبٌ كالبنيانِ المرصوص يِشُدُ بعضَه بعضًا، مصر لديها أحدُ أقوى الجيوش في العالم أجمع، ولديها العقيدةُ القتالية، ولديها تاريخُ سبعةِ آلاف سنة في خوضِ المعارك، لا تستهينوا بمصر قبل أن تلتهمَكم أسودُها ونمورُها، ولا تراهنوا على صبرِ مصر، فإنما هو صبرُ الحليم، واتقوا شر الحليم إذا غَضِب.
ولأن مصر كبيرة فدائمًا ما تواجه التحديات الجِسام، لا هى أول مرة ولن تكون آخر مرة، تعودنا على ذلك بحكم الجغرافيا وعبقرية المكان الذى تحتله مصر، وبحكم التاريخ الذى تكالبت علينا فيه مختلف الأمم، فانكسروا جميعًا وسقطت دولهم ودالت إمبراطورياتهم، وبقيت مصر وستبقى ليس لنهاية التاريخ، ولكن حتى ما بعد نهاية التاريخ، لأنها بدأت قبل بدايته ومن المنطقى ألا تنتهى إلا بعد نهايته.
مصر ستظلُ الأمنَ والأمان، مَن أرادَها بسوءٍ قصمهُ الله، لن تنالَ منا أضغاث أحلام إمبراطورية بائدة على حدودنا الغربية، ولن يقض مضاجعَنا نقيقُ الضفادع في الجنوب، ولن تستحوذَ علينا ألاعيبُ بهلوانات الإرهابيين وأجهزة المخابرات التى تقف خلفهم في الشرق. مصر قادرةٌ على إدارةِ ملفاتِها التى تقومُ عليها عقليات هذه الأمة وسياسيوها ودبلوماسيوها، مثلما أدارت ملفاتها الداخلية بكل حِنْكَةٍ ودِرَاية جعلت التجربة المصرية لدولة 30 يونيو مشهودٌ لها في العالمين ويُشار لها بالبنان من قِبَل المنظمات الدولية.
ضعوا أيديَكم في يدِ مصر تُفلحوا وتُحققوا كلَ ما تتمنوه من تنميةٍ وازدهار، ولا تُناصبوا مصر العداء، ولا يغرنّكم وسوسةُ الإنسِ والجنِ ممن يقفون خلفَكم ويصبون في أسماعِكم أنكم قادرون على النيْلِ من مصر.
لقد أشرقت الشمسُ على مصر من جديد بعد انقشاعِ ظُلمَةِ أعداءِ النورِ والعُمران، ولن تغيبُ شمسُها ثانيةً.. مصر لن ينالَ منها أحد، وكلُ المصريين قائدًا وجيشًا وشعبًا.. مسلمين وأقباطًا فداءٌ لمصر.. وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون.. طُويت الأقلام وجفت الصحف.