الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو.. ثورة شعب (3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا في المقال السابق عند اللقاء الأهم والأخطر بعد الثلاثين من يونيو، حيث التقى مرسى في الثانى من يوليو الفريق أول عبدالفتاح السيسي وذلك بحضور الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، وفى هذا الاجتماع بدا مرسى مهزوزا، متوترا وقد بدأ الحديث متسائلًا للقائد العام عن رؤيته للأوضاع، فقال السيسي: "الأوضاع تزداد سوءًا وسيادتكم لا تريد إيجاد حل للمشكلة"، فرد مرسى: "الأوضاع جيدة والشعب معنا وهو يحترم الشرعية ولذلك فقد رفض الخروج في المظاهرات"، فتعجب السيسي وقال: "كيف وهناك عشرات الملايين قد خرجت وامتلأت بهم الشوارع"، فرد مرسى قائلا: "فوتوشوب..كل اللى شاركوا في المظاهرات لا يزيدون عن مائة وعشرين ألف"، فقال السيسي: "هذه معلومات مغلوطة، الأعداد وصلت إلى 33 مليون"، فردد مرسى:"هذه تقديرات خاطئة وعموما أرجو منك أن تقف مع الشرعية"، فقال السيسي: "الشرعية هى للشعب، والشعب كله في الشارع والقوات المسلحة لن تترك الشعب المصرى وحيدا، أنا أطلب منك الاستجابة لمطالب الجماهير"، فقال مرسى: "هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، إنهم مجموعة حاقدة ومتآمرة على مصر، الشعب مع الرئيس والشعب انتخب الإخوان، الشعب يريدنا خمسمائة عام على الأقل"، واستمر هذا الحوار الجدلى الذى تسرب جزء منه على اليوتيوب والذى يردد فيه السيسي لمرسى: "خايف من إيه، مش بتقول إن الشعب معاك؟"، وكان الحديث آنذاك يدورعن إجراء استفتاء على الانتخابات الرئاسية المبكرة، وقد نشرت صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية في اليوم التالى محتوى هذا اللقاء، كما نقل الأستاذ مصطفى بكرى جانبا من هذا اللقاء الخطير في كتابه سقوط الإخوان والذى انتهى بقول السيسي: "أدعوك مجددا لمراجعة نفسك والموافقة على طلبات الشعب، وهى طلبات سهلة وبسيطة للغاية"، ولكن مرسى أصر على عناده، فغادر السيسي الاجتماع إلى مقر وزارة الدفاع حيث التقى أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة وأبلغهم بما دار بينه وبين مرسى، فبات واضحا للجميع أنه لا أمل من ذلك الرجل الذى يقود مصر إلى حرب أهلية أكيدة، فملايين البشر في الشوارع بينما هو يدعى أنها صور مفبركة، وعلى الجانب الآخر كان عصام الحداد يواصل اتصالاته بالإدارة الأمريكية ويطالبهم بضرورة التدخل لمنع أى إجراء يتخذه الجيش، بينما كان مرسى يحدث الشاطر وبديع ويحكى لهما ما دار بينه وبين السيسي، فقال له بديع "التصعيد لا يقابله إلا التصعيد وإياك أن تتراجع أو توافق على طلب واحد من طلباتهم"، والحقيقة أن المرء إذا توقف بالتفكير المنطقى أمام طلبات الشعب آنذاك فسيكتشف أنها بسيطة للغاية، فتغيير الوزارة لا يتطلب كل هذا العناء، وإقالة النائب العام لا تستوجب كل هذا الجدال، وإذا كان مرسى يدرك أن الشعب معه فلماذا خشى من إجراء استفتاء عليه، وانتهى اجتماع السيسي بأعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة بضرورة دعوة كل التيارات الوطنية إلى لقاء تشاورى صباح الأربعاء 3يوليو للاتفاق على خارطة طريق للخروج من هذا المأزق التاريخى وبالفعل تم الاتصال بعدد كبير من الشخصيات العامة ورؤساء الأحزاب والنقباء وتم توجيه الدعوة لحزب الحرية والعدالة لكن الكتاتنى رفض الحضور، أما مرسى فعلم بالأمر فقرر أن يتوجه للشعب بكلمة يدعوه فيها للوقوف أمام أى إجراء سيتم اتخاذه ضد الشرعية، وهو الخطاب الهزلى الذى أخذ يكرر فيه نفس لفظ الشرعية مائة مرة، ظنا منه أن الشعب سيخرج مدافعا عنه، لكن الخطاب أتى بنتيجة عكسية، وأصبح مثار سخرية منه لدرجة أن بعض المتعاطفين معه انقلبوا عليه بسبب كلماته التى تنم عن تمسكه بالسلطة، وهكذا أصبح مرسى في موقف ضعيف وفى عزلة حقيقية عما يدور حوله، فقد أصغى لقادته في الإخوان ورفض النصح من رجال الدولة المخلصين وأتى أفعالا تؤكد أنه لم يكن مخلصا لهذا الشعب، بل كان إخلاصه لجماعته، فهو الذى أبعد أصحاب الخبرات عن دولاب الحكم وأتى بأهل الثقة من جماعته وهم لا خبرة ولا دراية لهم بأمور الحكم، فكانت النتيجة أزمات اقتصادية وسياسية، أدت إلى غضب إخواننا في دول الخليج عدا قطر، فتسبب ذلك في نقص المواد البترولية مما ترتب عليه انقطاع الكهرباء وأزمة الوقود، وأدى الإعلان الدستورى الذى أصدره إلى قتال بين المصريين، وأثناء حكمه قام أعضاء جماعته بمحاصرة مؤسسات الدولة ومنعها عن أداء دورها، فالبلطجة هى شعارهم، حتى فيما بينهم حين يختلفون، فالإخوان هم من تعدوا على بيت نادر بكار المتحدث الرسمى لحزب النور السلفى حين انتقدهم، وهكذا أصبحت الدولة المصرية على وشك الانهيار حتى توافق الحضور في 3 يوليو على صياغة البيان الذى ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي لتبدأ مصر مرحلة تاريخية جديدة وتطوى صفحة سوداء كتبها مجموعة من تجار الدين والدين منهم برىء.