الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أردوغان وسلاطين بنى عثمان يستخدمون سلاح الدين للسيطرة على الشعوب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
افتعال المعارك لإلهاء الداخل التركى عن التدهور الاقتصادى والسياسى.. وحزب «العدالة والتنمية» يسيطر على مفاصل الدولة



لا يكل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان في اللهث وراء سراب استعادة الدولة العثمانية وإحيائها بعد موتها، ولعل قراره الأخير بتحويل متحف آيا صوفيا التاريخى إلى مسجد أكبر دليل على ذلك. أردوغان المأزوم داخليا وخارجيا جراء سياساته العدائية ومحاولاته المستميته قمع المعارضة، التى طفح بها الكيل فالأزمات باتت تضرب تركيا من كل حدب وصوب، لذا لجأ إلى هذه الورقة في محاولة بائسة لاستقطاب إسلاميى المعارضة التركية الذين احتفى بعضهم بقرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، إذ وقع أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركى السابق، ورئيس حزب المستقبل، رئيس حزب الديمقراطية والتقدم «ديفا»، على باباجان، في الفخ الذى رسمه غريمهما أردوغان قائلين عبر حساباتهم الشخصية على موقع تويتر إن فتح أبواب آيا صوفيا للعبادة تحقيق الحنين الذى دام عشرات السنين إلى حقيقة، وليكن فتحا مباركا. الأمر الذى يؤكد أن أردوغان يستغل آيا صوفيا كفاتورة انتخابية لمغازلة مسلمى تركيا في ظل انخفاض وتدهور شعبيته والقضاء مبكرا على البديل والخصم الجاهز في المعركة الانتخابية المقبلة، فضلا عن إلهاء الداخل التركى عن التدهور الاقتصادى والسياسى في ظل سيطرة حزب العدالة والتنمية على رأس الدولة، مما يؤكد أن أردوغان سار على درب سلاطين بنى عثمان في استغلال الدين كوسيلة فعالة للسيطرة على الشعوب.



العثمانلى يستغل الدين
يسعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان جاهدا لترسيخ مشروعه العثمانى الذى يسعى جاهدا لتنفيذه ولو على حساب شعبه وأبناء وطنه، من خلال صبغة دينية فأصبح يتعامل مع كل من يعارضه على أنهم كفار أو أعداء الإسلام، لتحقيق مكاسب سياسية، وإنقاذ شعبيته المتراجعة.
ويدخل قرار تحويل متحف آيا صوفيا لمسجد في إطار حملة سياسية توظف الرسائل الدينية من أجل التحكم في قاعدة الناخبين من عامة الناس ذوى الطابع المتدين بعد أن اختلت هذه القاعدة تحت وطأة الاضطرابات الاقتصادية، التى تفاقمت مع جائحة الكورونا وسياسات أردوغان الطائشة التى أفسدت علاقات تركيا بالكثير من الدول.
الرئيس التركى يحاول دوما أن يظهر في صورة الرئيس المؤمن فتارة يبث لنفسه مقطع فيديو له وهو يقرأ القرآن، جالسا على مكتب وصوته مسموع ويرتل باللغة العربية.
الشرح المرفق للفيديو يقول إن الرئيس كان يقوم بختم القرآن بمناسبة شهر رمضان، مما يعد مثالا صارخا على كيفية استغلال الدين في السياسة بتركيا.
الدين حصان طروادة الذى يتسلل من خلاله أردوغان وحزبه إلى نفوس الناخبين فعندما أيقن الرئيس التركى بهزيمة حزبه في الانتخابات المحلية التى أجريت خلال مارس ٢٠١٩ استخدم مذبحة المسجد في كرايست شيرش بنيوزيلندا للتلاعب بمشاعر الأتراك المسلمين لأهداف انتخابية، للظهور على أنه حامى حمى المسلمين والخليفة المزعوم، فقد عاود قبل أسبوع من موعد الانتخابات البلدية لتوظيف قضية آيا صوفيا من خلال الإعلان عن أنه سيحول هذا المتحف إلى مسجد آيا صوفيا، يومها لمح أردوغان قائلا: بعد الانتخابات سيصبح متاحا الدخول إلى آيا صوفيا مجانا، مثلها في ذلك مثل الدخول إلى المسجد الأزرق.
وفى محاولة منه لدغدغة مشاعر الأتراك صرح أردوغان سابقا بأنه يرغب في تشكيل جيل متدين في البلاد يؤمن بالثقافة العثمانية ويتغلب على الأفكار الغربية، من خلال إلزامية دروس التربية الدينية حتى الصف الثالث الابتدائى وإدراج اللغة التركية العثمانية في المناهج الدراسية كمادة إلزامية، كما رفع حظر الحجاب في مؤسسات الدولة بشكل كامل عام ٢٠١٣.
ووظف أردوغان الخطاب الدينى لتهدئة الداخل التركى وتخديرهم حتى لا ينفجروا في وجه جراء سياساته الفاشلة والأوضاع المتردية التى آل إليه وضع البلاد حتى إن بعض هؤلاء المفتين أوصله لمرتبة الأنبياء، وبعضهم جعل من مساندته فرض عين على كل مسلم وحرمة الوقوف ضده كحرمة الهارب من الحرب، وزعم مفتى تركيا السابق إحسان أوزكس أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم لو كان حيا لزار قصر أردوغان، وكتب على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: «فكرت اليوم لو كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام على قيد الحياة بيننا، هل كان يدخل القصر الأبيض في أنقرة؟ وشعرت هذا المساء عندما كنت بالقصر أنه كان سيدخله حتمًا، لأن هناك إمارات كثيرة من السنّة النبوية الشريفة.
في حين طالب دعاة أردوغان الشعب التركى بقبول أوضاع متردية في البلاد بذريعة محاربة الأعداء فقالوا: «نحن في الحرب؛ فلا يجوز الشكوى عن غياب العدالة، فالسلطات قد تفشل في تحقيق العدل وتنحرف عن الطريق الصحيح وتبتعد عن الصدق وتتعرض للتدهور، ولكن لا يجوز الشكوى عن كل ذلك إذا كان سيتسبب في منح ذرائع للعدو». 
كما أن الرئيس التركى وظف الخطاب الدينى ليكون غطاء لعملياته العسكرية، شأنه في ذلك شأن الجماعات والتنظيمات الإرهابية، مصدرا للشعوب والأمم أنه حامل لواء الخلافة، والمسئول عن نصرة المسلمين في العالم وخلاصهم من الاضطهاد والظلم، والساعى لتطبيق الشريعة الإسلامية، ويخفى عن الناس أن محركهم الأساسى في هذه الحملات الاستعمارية هو ما يجنيه أردوغان من مكاسب مادية وسياسية.
إذ صور على أرباش رئيس الهيئة الدينية التركية ديانت حروب أردوغان بالمقدسة إذ نشر تغريدة على حسابه الرسمى في تويتر، دعا فيها جميع المساجد إلى قراءة «سورة الفتح» كل يوم في صلاة الصبح، وذلك طوال فترة العملية العسكرية في سوريا، سنقرأ ونصلى بسورة الفتح في صلاة الصبح بجميع مساجدنا حتى نحقق الانتصار في العملية العسكرية التى بدأتها قواتنا الأمنية ضد المنظمات الإرهابية في شمالى سوريا، قاصدا الفصائل الكردية، التى تعتبرها أنقرة «إرهابية» نظرًا لارتباطها بحزب العمال الكردستانى الذى خاض تمردا داخل الأراضى التركية، غير عابئ بأن ذلك اعتداء على سلميين عُزل رغم قتل الأطفال والنساء والشيوخ داخل الدولة السورية.
كما استغل أردوغان الخطاب الدينى الخارجى في تبرير جرائمه وتبرير التدخلات التركية في ليبيا بقواعد فقهية وشرعية، مثل «دفع العدو الصائل» و«إقامة الخلافة» و«تطبيق الشريعة»، كفتوى الشيخ الليبى عمر مولود عبد الحميد «إنّ طلب حكومة الوفاق الوطنى (الليبية) المساعدة من الحكومة التركية هو حق شرعى لا غبار عليه كون تركيا دولة مسلمة وليبيا دولة مسلمة.. وإنّنا نؤيد حكومتنا فيما تقوم به؛ لأن من بنود هذه المذكرة نصرتنا على عدو صائل (يعنى روسيا) لا حقَّ له فيما يقوم به».
أما الداعية الليبى المقرب من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية «الصادق الغرياني» فأفتى بأن هذا التدخل التركى «حلال شرعًا ومشروع قانونًا»، واستشهد الغريانى على ذلك بآيات قرآنية، كما قال «الغرياني» في مقابلة مع قناة تليفزيونية تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية تبث من تركيا: «إن مذكرتى التفاهم التى وقّعها رئيس المجلس الرئاسى الليبى فائز السراج مع الرئيس التركى حول ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكرى فرصة شرعية يجب علينا أن نغتنمها؛ لأنه تحالف ضد عدو غادر».



على خطى أجداده.. الكبائر تزدهر في عهده
إسراف الرئيس التركى في استخدام الشعارات الدينية والإسلامية، عبر خطبه الحماسية التى تلهب المشاعر، لم يمنع الدعارة من الازدهار في عهده وتحت حمايته وسمعه وبصره، فهى تدعم اقتصاده المنهار فهى تضخ ما يقرب من ٢٨ مليار ليرة سنويا في ميزانية الدولة.
الرئيس التركى الذى يحلم باستعادة الخلافة العثمانية سار على درب أجداده السلاطين في تقنين الدعارة تذكر المصادر التاريخية أن سكان إسطنبول رفعوا دعوى ضد ٥٠ باغية، اتهموهن بإدارة بيوت للدعارة، وفى المقابل رفع البغايا شكوى إلى الصدر الأعظم محمد صوقولو باشا، فتباحث مع السلطان سليمان القانونى لإيجاد طريقة قانونية تسهل ممارسة البغاء، وجاء المخرج بإصدار فرمان يبيح لهن الانضمام إلى طائفة الراقصات.
استدعى القانونى شيخ الإسلام أبوالسعود أفندى ليصدر فتوى عاجلة تبيح الاختلاط بين الرجال والنساء من أجل زيادة موارد الدولة بعد سلسلة الحروب التى استنزفت الخزانة، فوافق شيخ الإسلام على الفور وأصدر «فتوى الغجر»، التى أسقطت حد الزنا مقابل رسوم شهرية على المومسات.
التقارير الرسمية تؤكد وجود ٦٥ بيت دعارة مرخصا في مدن تركية عدة على رأسها إسطنبول وأنقرة وإزمير وأنطاليا وغيرها يعمل فيها ٣ آلاف بائعة هوى تحت غطاء وحماية الحكم، بموجب قانون جنائى أعدته حكومة حزب العدالة والتنمية وصدق عليه البرلمان في ٢٦ سبتمبر عام ٢٠٠٤ دخل حيز التنفيذ في الأول من شهر يونيو عام ٢٠٠٥.
وينص القانون على عقوبة الحبس من سنتين إلى أربع سنوات في حق من يشجع على ممارسة الرذيلة ويسهل الطريق إليها. أما من يمارسها بإرادته فلا يعاقب.
تضاعف عدد العاملات في الدعارة بمعدل ٢٢٠٪ في ظل حكم العدالة والتنمية، الحملات الأمنية على من يمارسن الدعارة لا تكون بسبب ممارستها في حد ذاتها، وإنما لأنها لا تمارس في أماكن مرخصة من قبل الدولة، فالرذيلة ليست ممنوعة على إطلاقها.
العاملات في بيوت الدعارة مؤمن عليهن من قبل الدولة ولهن حقوق الحصول على معاشات التقاعد، وعلى المرأة التى ترغب العمل في بيوت الدعارة أن تحصل على إذن رسمى موقع من زوجها طبقا للقانون.
كشفت النائبة «لاله كارابييك» عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، أن الدعارة زادت في تركيا بنسبة ٧٩٠٪ منذ عام ٢٠٠٢ الذى تولى فيه الحزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان، وذلك بحسب بيانات وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية.
أردوغان المسكون باستعادة الدولة العثمانية البائدة ورغم صلاحياته المطلقة يرفض إصدار قرار إغلاق هذه التجارة والذى لن يستغرق تنفيذه دقائق معدودة.



غزو ناعم.. المساجد الطريق للتغلغل في أوروبا

لجأ الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إلى التوسع في بناء المساجد والمبانى الدينية العملاقة في عدد كبير من دول العالم، في محاولة بائسة منه لبسط نفوذه، ويعد بناء المساجد خارج حدود تركيا وسيلة تأمل من خلالها أنقرة أن تلعب دورا قياديا في العالم الإسلامي.
وفى سبيل هذا الدور المشبوه تجاهل أردوغان الأزمة المالية والمشكلات الاقتصادية الكبيرة، التى تضرب تركيا إذ بلغت ميزانية رئاسة الشئون الدينية التركية، العام الماضى ١.٧ مليار دولار متفوقة على نفقات ٧ وزارات، هى وزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة الطاقة والموارد الطبيعية ووزارة الثقافة والسياحة ووزارة الصناعة والتكنولوجيا ووزارة البيئة والتخطيط العمراني، كما تفوقت على نفقات رئاسة الجمهورية التى بلغت مليار دولار، مما يؤكد أهمية هذه المؤسسة للنظام التركي. الدول الأوروبية انتبهت لمخطط أردوغان وغرضه الأساس من التوسع في بناء المساجد وباتت تضيق الخناق على نشاط أنشطتها داخل أراضيها، ووفق معهد جاتستون لدراسة السياسات الدولية، فإن تركيا توظف ديانت، كما لو كانت وكالة استخبارات مسئولة، عن جمع المعلومات في الخارج، عبر الأئمة الموظفين في ٣٨ دولة، خاصة ضد أتباع حركة الخدمة.
وبحسب تقرير جاتستون، المنشور في أكتوبر ٢٠١٩، فإن ألمانيا أول من تنبه لتلك الأنشطة؛ إذ أجرت تحقيقات مع عدد من مسئولى المؤسسة لديها، في معلومات، حول ممارسة أنشطة تجسس تخريبية، كما أن النائب في البرلمان الأسترالى «بيتر بيلز»، أعلن حصوله على وثيقة، تثبت وجود شبكة دولية لمخبرين، يعملون لحساب تركيا، في عدة دول، منها أستراليا؛ لجمع معلومات عن المعارضين للحزب الحاكم في تركيا، مقابل رواتب سخية.
أمام هذه الانتهاكات والجرائم، فتحت عدة دول أوروبية، تحقيقات في شبكة تجسس الأئمة الأتراك، ومن تلك الدول «ألمانيا والمجر، النمسا، هولندا، سويسرا، بلجيكا والسويد»، ورصدت التحقيقات، قيام الأئمة بالتجسس على المواطنين الأتراك، المقيمين في دول أوروبية، وجمع البيانات، عن المعادين لنظام أردوغان، وخاصةً الموالين للمعارض فتح الله جولن.
في عام ٢٠١٧، كشف السياسى النمساوى البارز «بيتر بيلز»، فضائح التجسس لنظام أردوغان، قائلًا:«لقد فوجئنا، عندما رأينا، أن تركيا أردوغان، قد بنت شبكة تجسس قوية من اليابان إلى هولندا، ومن كينيا إلى المملكة المتحدة، داخل كل دولة، توجد شبكة تجسس ضخمة، تتكون من مؤسسات وأندية ومساجد، يتم استغلالها من قبل السفارة، والملحق الديني، وضابط المخابرات المحلي؛ من أجل التجسس على منتقدى أردوغان، على مدى الساعة». بعد ذلك، بدأت تتحدث السلطات، في العديد من الدول الأوروبية علنا أو سرا، عن خطط مماثلة، وقد اكتشفت مؤامرات لاختطاف معارضى النظام على أراضيها. من بين المنظمات التى تستخدم لأغراض خبيثة، حركة مللى جوروش، أو «الرؤية الوطنية»، والتى أُنشِئت أواخر ستينيات القرن الماضي، من قبل نجم الدين أربكان، معلِم أردوغان، وهى منظمة إسلامية، تعمل في الغرب، وتتبنى العديد من مواقف وأهداف وتكتيكات جماعة الإخوان؛ لغسل عقول الجماهير، وحققت هذه السياسات نتائج إيجابية؛ إذ حققت أهداف أردوغان، منها، إقناع قطاع كبير من الأتراك في أوروبا، بالتصويت لصالح الحزب الحاكم.
ففى انتخابات الرئاسة الأخيرة، في يونيو ٢٠١٨، حصل أردوغان على أكثر من ٦٠٪، من أصوات الناخبين، في جميع أنحاء أوروبا، ونجحت هذه الإستراتيجية، إلى حد كبير، ورجحت كفة الحزب، في النتيجة النهائية للانتخابات. وتعمل الحركة، منذ فترة طويلة في أوروبا؛ حيث تضم ما يقدر بنحو ٣٠٠ ألف عضو ومتعاطف معها، وتتحكم في مئات المساجد، معظمها داخل ألمانيا، وتعبر السلطات في شتى أنحاء أوروبا، عن قلقها باستمرار حيال تلك المنظمة، وتحديدًا ألمانيا. يشار أن الرئيس التركى أحكم قبضته على «ديانت»، التى تأسست عام ١٩٢٤، بعد إلغاء الخلافة العثمانية، بمسرحية الانقلاب الفاشل، يوليو ٢٠١٦، ووسع من مهامها لتصبح معبرة عن أجندته السياسية والأيديولوجية، بعد أن كانت تتمتع بشبه حكم ذاتي، وأصبحت تمارس نشاطها حاليا، في الكثير من دول العالم، تحت ستار تقديم الخدمات الدينية للمجتمعات الإسلامية، التى تتمثل في تنظيم رحلات الحج، وتوعية الدعاة الجدد، ونشر الكتب الإسلامية، وترجمة القرآن الكريم إلى اللغات المختلفة، وتقديم منح دراسية للطلاب، لدراسة الشريعة الإسلامية في تركيا.
الفتاوى التركية تسببت في العديد من الجرائم والمجازر في دولة الخلافة 
لم تكن الخلافة الإسلامية ذات أهمية تذكر لدى حكام آل عثمان، الذين عشقوا الملك والسلطنة، وأحبوا لقب السلطان أكثر مما سواه، فهم عرفوا الإسلام متأخرين، ولم يلمسوا منه روحا ولا حياة، لكنها الحيلة التى روجها جواسيسهم وعملاؤهم في الشرق، تمهيدا لاجتياحه بجيوش لا تعرف الرحمة. 
لقد ارتكب سلاطين الدولة العثمانية العديد من الجرائم والمجازر على مدى تاريخها الطويل، متخذين من فتاوى شيوخ الإسلام وقتها حجة لهم أمام الله، فهم يمتلكون سجل ملئ بالقصص المرعبة في قتل بعضهم لاقتناص السلطنة، فالأب يقتل أبناءه والأخ يذبح أخيه والأم تتآمر على الجميع.
يعد شيخ الإسلام فخر الدين عجمي، الذى أمضى ٢٤ عاما في هذا المنصب خالف فيها الشريعة الإسلامية ليرضى نزوات سلاطين القصر، فأفتى بقتل الإخوة، وأباح معاشرة الجوارى والغلمان، وأجاز سفك دماء المعارضين، وحلل التصوير للأمراء وحرمه على الرعية.
تولى منصبه في عهد مراد الثانى وبعد دب الخلاف بين أولاده على خلافته، تقرب من السلطان وعرض عليه مجموعة من الآراء الفقهية التى تمكنه من تكفير المعارضين، وأصدر مجموعة من الفتاوى التى ملأت القصر بالدماء وأغرقت البلاد في المذابح.
تخلى فخر الدين سريعا عن ولائه لمراد الثانى بمجرد أن لمع اسم الأمير محمد (السلطان محمد الفاتح) فحرضه على الانقلاب على والده وعزله وتنصيب نفسه سلطانا على الدولة في العام ١٤٤٤، 
كما أصدر فتوى «القتل باسم الدين»؛ تعتبر مسألة قتل الأخوة عادة عند سلاطين العثمانيين، قانون «القتل سياسة» والذى كان بمثابة تقنين الاغتيالات السياسية.
وسع فخر الدين دائرة سفك الدماء لتشمل المعارضين بفتوى أخرى أطلق عليها البغى تجيز قتل المنافسين له على العرش، معتبرا كل تمرد أو طموح في السلطة جريمة ووصف مرتكبيها بـ «الباغين».
وعند فتح القسطنطينية أصدر فخر الدين عشرات الفتاوى التى مكنت السلطان محمد الفاتح من إعدام الإمبراطور البيزنطى وكبار قادة الجيش وصفوة رجال المدينة، إضافة للسماح له بأخذ نسائهم جوارى له.
كما بارك القوانين البيزنطية التى أصدرها السلطان تحت اسم «قانون نامه سي»، وبلغ عددها ٧٥ تشريعا وأصدر فتوى تؤكد أن تلك القوانين الجديدة توافق إجماع المذاهب الإسلامية الأربعة. كما أباح رسم صور السلطان، وتعليقها على جدران القصر، في الوقت الذى كان فيه التصوير محرما وفق إجماع شيوخ الإسلام، في حين حرمها على العامة، وأفتى بتكفير المصورين والرسامين خارج نطاق القصور العثمانية، وحذر من يقدم على ذلك بالإعدام فوق الخازوق.
ويعد شيخ الإسلام زنبيلى أفندي، أحد أسباب مأساة العرب فمنذ تعيينه عام ١٥٠٣ من قبل السلطان بايزيد وهو يحرض على غزو مصر وسوريا، وبات صوته مسموعا في عهد سليم الثانى ولاسيما أنه ساعده في الوصول إلى الحكم ومنحه فتوى تجيز عزل أبيه وقتل أخيه أحمد ولى العهد، لم يقتصر الأمر على الفتاوى بل نصحه برشوة قائد الانكشارية لكسبه وجنوده في صراعه على العرش، بعد أن عزل والده ثم دس له السم، وعقد العزم على القضاء على إخوته وأولادهم، ذبح أخاه أحمد ولى العهد والأمير قرقود وأولادهما بدم بارد برعاية شيخ الإسلام زنبيلى أفندي.
وأصدر زنبيلى فتوى تجيز قتل الشيعة بالسلطنة، فأمر سليم بحصر عدد الشيعة في الولايات المتاخمة لبلاد فارس بشرق الأناضول وقتلهم جميعا عام ١٥١٣، وبلغ عددهم ٤٠ ألفا من قبائل القزلباش، ثم أفتى بإعدام أسرى معركة جالديران والتمثيل بجثثهم. كما أصدر ٣ فتاوى من شيخ الإسلام تكفر دولة المماليك وتصفهم بالملحدين الذين أضاعوا الدين وتستبيح دماءهم وأعراضهم، وكان نتيجة هذه الفتاوى مذابح دموية للآلاف من أهالى الشام الذين دافعوا عن أرضهم ضد المغتصب التركي، وتكرر نفس الأمر في شوارع القاهرة التى ارتوت بدماء ١٠ آلاف مصرى عارضوا الاحتلال العثماني.
يعد شيخ الإسلام أبوالسعود أفندى، المصباح السحرى الذى استخدمه السلطان سليمان القانونى في تحقيق أحلامه والتخلص من جميع خصومه، فقد أجاز له التخلص من أبنائه واحدا تلو الآخر كما حدث مع الأمير مصطفى والأمير بايزيد، بحجة حماية السلطنة، فمنحه السلطان النفوذ والسلطة، وجعل له الحق في فرض الغرامات وتحصيل الإتاوات، واختصه بحصة من غنائم الحروب، وأهداه الجوارى والغلمان، ورفع راتبه. 
كما أفتى أبوالسعود أفندى بقتل الإيزيديين، فشن سليمان القانونى حملة عليهم عام ١٥٦٤، راح ضحيتها الآلاف وسبى نسائهم، كما ساعد في تحليل الربا لدعم اقتصاد الدولة وقتها وصدرت الفتوى في كتاب أطلق عليه «رسالة في جواز وقف النقود»، تحايل فيها على النصوص الفقهية.