الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"الفتاوى التركية" تسببت في العديد من الجرائم والمجازر في دولة الخلافة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تكن الخلافة الإسلامية ذات أهمية تذكر لدى حكام آل عثمان، الذين عشقوا الملك والسلطنة، وأحبوا لقب السلطان أكثر مما سواه، فهم عرفوا الإسلام متأخرين، ولم يلمسوا منه روحا ولا حياة، لكنها الحيلة التى روجها جواسيسهم وعملاؤهم في الشرق، تمهيدا لاجتياحه بجيوش لا تعرف الرحمة.
لقد ارتكب سلاطين الدولة العثمانية العديد من الجرائم والمجازر على مدى تاريخها الطويل، متخذين من فتاوى شيوخ الإسلام وقتها حجة لهم أمام الله، فهم يمتلكون سجل ملئ بالقصص المرعبة في قتل بعضهم لاقتناص السلطنة، فالأب يقتل أبناءه والأخ يذبح أخيه والأم تتآمر على الجميع.
يعد شيخ الإسلام فخر الدين عجمي، الذى أمضى ٢٤ عاما في هذا المنصب خالف فيها الشريعة الإسلامية ليرضى نزوات سلاطين القصر، فأفتى بقتل الإخوة، وأباح معاشرة الجوارى والغلمان، وأجاز سفك دماء المعارضين، وحلل التصوير للأمراء وحرمه على الرعية.
تولى منصبه في عهد مراد الثانى وبعد دب الخلاف بين أولاده على خلافته، تقرب من السلطان وعرض عليه مجموعة من الآراء الفقهية التى تمكنه من تكفير المعارضين، وأصدر مجموعة من الفتاوى التى ملأت القصر بالدماء وأغرقت البلاد في المذابح.
تخلى فخر الدين سريعا عن ولائه لمراد الثانى بمجرد أن لمع اسم الأمير محمد (السلطان محمد الفاتح) فحرضه على الانقلاب على والده وعزله وتنصيب نفسه سلطانا على الدولة في العام ١٤٤٤.
كما أصدر فتوى «القتل باسم الدين»؛ تعتبر مسألة قتل الأخوة عادة عند سلاطين العثمانيين، قانون «القتل سياسة» والذى كان بمثابة تقنين الاغتيالات السياسية.
وسع فخر الدين دائرة سفك الدماء لتشمل المعارضين بفتوى أخرى أطلق عليها البغى تجيز قتل المنافسين له على العرش، معتبرا كل تمرد أو طموح في السلطة جريمة ووصف مرتكبيها بـ «الباغين».
وعند فتح القسطنطينية أصدر فخر الدين عشرات الفتاوى التى مكنت السلطان محمد الفاتح من إعدام الإمبراطور البيزنطى وكبار قادة الجيش وصفوة رجال المدينة، إضافة للسماح له بأخذ نسائهم جواري له.
كما بارك القوانين البيزنطية التى أصدرها السلطان تحت اسم «قانون نامه سي»، وبلغ عددها ٧٥ تشريعا وأصدر فتوى تؤكد أن تلك القوانين الجديدة توافق إجماع المذاهب الإسلامية الأربعة. كما أباح رسم صور السلطان، وتعليقها على جدران القصر، في الوقت الذى كان فيه التصوير محرما وفق إجماع شيوخ الإسلام، في حين حرمها على العامة، وأفتى بتكفير المصورين والرسامين خارج نطاق القصور العثمانية، وحذر من يقدم على ذلك بالإعدام فوق الخازوق.
ويعد شيخ الإسلام زنبيلى أفندي، أحد أسباب مأساة العرب فمنذ تعيينه عام ١٥٠٣ من قبل السلطان بايزيد وهو يحرض على غزو مصر وسوريا، وبات صوته مسموعا في عهد سليم الثانى ولاسيما أنه ساعده في الوصول إلى الحكم ومنحه فتوى تجيز عزل أبيه وقتل أخيه أحمد ولى العهد، لم يقتصر الأمر على الفتاوى بل نصحه برشوة قائد الانكشارية لكسبه وجنوده في صراعه على العرش، بعد أن عزل والده ثم دس له السم، وعقد العزم على القضاء على إخوته وأولادهم، ذبح أخاه أحمد ولى العهد والأمير قرقود وأولادهما بدم بارد برعاية شيخ الإسلام زنبيلى أفندي.
وأصدر زنبيلى فتوى تجيز قتل الشيعة بالسلطنة، فأمر سليم بحصر عدد الشيعة في الولايات المتاخمة لبلاد فارس بشرق الأناضول وقتلهم جميعا عام ١٥١٣، وبلغ عددهم ٤٠ ألفا من قبائل القزلباش، ثم أفتى بإعدام أسرى معركة جالديران والتمثيل بجثثهم. 
كما أصدر 3 فتاوى من شيخ الإسلام تكفر دولة المماليك وتصفهم بالملحدين الذين أضاعوا الدين وتستبيح دماءهم وأعراضهم، وكان نتيجة هذه الفتاوى مذابح دموية للآلاف من أهالى الشام الذين دافعوا عن أرضهم ضد المغتصب التركي، وتكرر نفس الأمر في شوارع القاهرة التى ارتوت بدماء ١٠ آلاف مصرى عارضوا الاحتلال العثماني.
يعد شيخ الإسلام أبوالسعود أفندى، المصباح السحرى الذى استخدمه السلطان سليمان القانونى في تحقيق أحلامه والتخلص من جميع خصومه، فقد أجاز له التخلص من أبنائه واحدا تلو الآخر كما حدث مع الأمير مصطفى والأمير بايزيد، بحجة حماية السلطنة، فمنحه السلطان النفوذ والسلطة، وجعل له الحق في فرض الغرامات وتحصيل الإتاوات، واختصه بحصة من غنائم الحروب، وأهداه الجوارى والغلمان، ورفع راتبه. 
كما أفتى أبوالسعود أفندى بقتل الإيزيديين، فشن سليمان القانونى حملة عليهم عام ١٥٦٤، راح ضحيتها الآلاف وسبى نسائهم، كما ساعد في تحليل الربا لدعم اقتصاد الدولة وقتها وصدرت الفتوى في كتاب أطلق عليه «رسالة في جواز وقف النقود»، تحايل فيها على النصوص الفقهية.