الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أوروبا تنتفض لمواجهة أطماع تركيا.. اجتماع بروكسل يناقش تدخلات أردوغان في ليبيا.. ووزراء الخارجية: سلوك أنقرة الإقليمي «غير مقبول»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد اجتماع استمر نحو خمس ساعات، انتهى اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي عقد في بروكسل، أول أمس الاثنين، وكان مخصصًا لمناقشة التدخل التركي في ليبيا، بناء على طلب من فرنسا.
وعقب الاجتماع أكد عدد من وزراء الخارجية على أن سلوك تركيا على الصعيد الإقليمي غير مقبول، ولا أحد يقبل أن تتحول ليبيا إلى غنيمة لتركيا، أو يرضى بتحويلها إلى سوريا ثانية.
وأعلن مفوض العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن التكتل الأوروبي يشعر بالقلق للتدخل التركي في ليبيا والخروقات المستمرة لتوريد السلاح وقال: إن "الوضع في ليبيا سيئ وانتهاكات حظر توريد الأسلحة متواصلة".

وقالت مصادر مقربة لـ"البوابة"، إن المشاورات كانت طويلة بخصوص التدخل التركي المقلق، وأن هناك اتفاقا بين كل أعضاء الاتحاد بأن على تركيا احترام القيم والمصالح الأوروبية من أجل علاقات أفضل بين الطرفين.
وأشارت تلك المصادر إلى أن هناك قلقا فرنسيا ويونانيا وقبرصيا وألمانيا من عدم احترام تركيا للقرارات الدولية بحظر السلاح المفروض على ليبيا، وأن فرنسا تقدمت بخطة وإجراءات للتصدي للتصرفات التركية في البحر المتوسط، وأن كل الخيارات للرد على التحركات التركية في شرق المتوسط متاحة، وأضافت المصادر أن قائمة جديدة ستصدر عن الاتحاد تتضمن مقترحات بفرض عقوبات على تركيا لوقف تصرفاتها في المتوسط.
وأكدت المصادر أن الاجتماع شهد اتفاقًا بين جميع الدول على خطورة النهج التركى، ولكنه اظهر تباينات عديدة بشان اتخاذ خطوات واضحة من الاتحاد الأوروبي لوقف التدخل التركي في ليبيا إذ يرى عدد من الأعضاء أن المساعى الدبلوماسية هي الحل مع تركيا.

الفرقاء الأوروبيون بين مخارج ضيقة وحلول ممكنة 
اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى يأتى في مرحلة حرجة من الصراع في ليبيا، مع قرار واضح لوقف التهديدات التركيا لأمن أوروبا، ووقف إمداد السلاح التركى والمرتزقة، ووقف قوارب الهجرة غير الشرعية التى أضحت تؤرق أوروبا المنقسمة في مواقفها مع التدخل التركى في ليبيا.
حيث لا يبدو أمام أوروبا وبحسب الرؤية التى قدمها مسئول السياسة الخارجية جوزيب بوريل، إلا البحث عن احتواء التأثيرات السلبية للتصعيد في شرق المتوسط، مع إمكانية توسيع عمل الاتحاد في مراقبة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، في إشارة إلى تركيا التى تدعم ميليشيات الوفاق ضد الجيش الوطنى الليبي.
بوريل الذى زار خلال الأيام الماضية، كلا من نيقوسيا وأثينا وأنقرة في محاولة لتقييم إمكانية حل الخلافات القائمة بين تلك البلدان بالوسائل الدبلوماسية، قال إن الاتحاد الأوروبى لا يعترف بجمهورية شمال قبرص ويرفض نشاطات تركيا في ليبيا ومياه قبرص وهى إشارة مهمة لتوجه الاتحاد.
لكن مشكلة الأعضاء الـ ٢٧ تكمن في أن أغلب أعضائه، يختلفون في تقييم الخطر التركي، فدول البلقان والدول الاسكندنافية والبرتغال، لاترى في التدخل التركى أمرا يحتاج إلى كل هذه الضجة، فهى بعيدة عن خطر تركيا، بينما مازال اللاعبون الثلاثة الكبار (فرنسا – ألمانيا – إيطاليا) مختلفين في تقييم الخطر، باستثناء اليونان التى عبرت عن موقف واضح وقامت مع مصر وقبرص باتخاذ خطوات على الأرض لمواجهة تركيا، أما ألمانيا مازالت تراهن على مخرجات (مؤتمر برلين) و٥+٥ التى لم تحرز أى تقدم حتى الآن وتسعى عبر الدبلوماسية طويل النفس لحل الأزمة.
بينما ترى فرنسا أن تركيا خطر لا بد من مواجهته بشجاعة، وأن الحل السياسى وأن ما قدمته القاهرة في مبادرة هو حل عملى للأزمة، فيما ترى إيطاليا أن تقسيم النفوذ في ليبيا، وبالتالى تقسيم الثروة الليبية بين الفقراء الليبيين، هو أحد الحلول.
فيما يعتقد قادة البرلمان الأوروبى أن الاتحاد، ليس ساذجا ويمتلك أوراقا للضغط على تركيا، التى تبتعد أكثر فأكثر عن القيم الأوروبية، حيث البرلمان الأوروبى يمكنه لجم التوسع التركى من خلال فرض عقوبات اقتصادية، تضغط على أردوغان وتدفعه إلى وقف تهديدها للسلم والأمن في البحر المتوسط، وهو ما بحثه وزراء خارجية الاتحاد.


ترسانة من المعطيات 
إن الأزمة الليبية أصبحت لها تأثير واضح على الأمن الأوروبي، والذى أصبح على المحك مع فشل عملية "ايريني" لوقف تدفق السلاح إلى ليبيا، ونجاح أردوغان والوفاق وخلال الفترة من شهر فبراير الماضي، وحتى هذا الشهر بنقل العديد من المعدات العسكرية قدرت بنحو ١٢٠ دبابة تاى وهى صناعة محلية تركية و٢٠٠ عربة مدرعة، وأرسلت تركيا ١٤ طائرة طراز "إف ١٦" موجودة في مطار طرابلس والوطية، وأكثر من ٢٢ طائرة من طرازا "بيرقدار تى بى ٢" و"أنكا أس" وهى طائرات بدون طيار، وأرسلت تركيا منظومة دفاع جوى من نوع "هوك أم أى أم ٢٣" مع ملحقاتها من رادارات. بينما يوجد نحو ١٥٠ خبيرا عسكريا ومشغل رادار ومسير طائرات كلها أتراك في مدينة طرابلس ومصراتة، بينما يقدر عدد المرتزقة بنحو ١٢ ألفا من السوريين، ونحو ٣ آلاف من التونسيين وهناك١٠٠٠ يحملون جنسيات مختلفة تم نقلهم خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر.
بينما تشير آخر المعلومات إلى أن جسرا جويا وآخر بحريا، استطاعت من خلاله تركيا ارسال العديد من المرتزقة أغلبهم «سوريون وتونسيون» تم تدريبهم من قبل تركيا وإيران التى أرسلت عدة سفن شحن إلى ميناء مصراتة خلال الأشهر الماضية، ومنها سفينة «شهر كرد» في ميناء مصراتة الخاضع لسيطرة حكومة الوفاق، وعلى متنها صورايخ (جراد) صناعة إيرانية، وصواريخ ميثاق ٢ «أرض جو».
وقدرت حجم ما دخل من أسلحة عبر البحر المتوسط، بنحو ٤ مليارات دولار دفعت قطر منها نحو ٣ مليارات والباقى دفعه مصرف ليبيا المركزى عبر تحويلات تمت إلى البنك المركزى التركي

صراع الأوروبيين على كعكة ليبيا 
لم يكن لقاء وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، ووزير الدفاع الايطالي، لورينزو جويريني، بجديد في موضوع الملف الليبى وأمن البحر المتوسط، حيث مازالت إيطاليا ترى أن ضمان مصلحتها في نفط ليبيا هى الأهم، بينما ترى فرنسا أن التهاون مع تركيا وتركها تعبث في ليبيا، سيؤدى إلى ضرر كبير لأوروبا.
إن الصدام بين فرنسا وإيطاليا غير مخف على أحد، بخاصة بعد المعركة الدبلوماسية بين البلدين على خلفية التصعيد في التصريحات، وهو ما تجسد حاليًا في المواقف بين الطرفين، حيث تدعم روما حكومة السراج بشكل واضح، بينما يتركز الصراع الإيطالى الفرنسى في ليبيا حول أمرين، الأول هو حسم ملف اللاجئين الذى تُعد إيطاليا أكثر الدول الأوروبية تضررًا من تبعاته، وما يعنيه النجاح في هذا الملف من توليد شرعية نفوذ وهيمنة على الدولة الليبية، إن أريد لها أن تُبنى من جديد أما الأمر الثانى هو احتياطات الغاز الطبيعى الضخمة، فقد غنم الإيطاليون خلال السنوات الماضية كثيرًا من المشاريع في القطاع النفطي، ولا يريدون للشركات الفرنسية أن تنافسهم في القطاع، وأن تقضم من حصتهم نصيبها. وبالتزامن مع الوساطة الفرنسية والإعلان عن التدخل البحرى الإيطالي، بذرائع مقاومة الهجرة غير النظامية في صيف ٢٠١٨، كشف عن أن العملاق النفطى الإيطالى «إيني» التقى بالسراج ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، وتم الاتفاق على استغلال حقل بحر السلام، وهو أحد أكبر حقول النفط في ليبيا ويقدر الاحتياطى فيه إلى ١٤ مليار برميل (يقدر مجمل الاحتياطى الليبى بنحو ٤٨ مليارا بحسب آخر إحصائية عام ٢٠١٩)، ويعد مصدرًا مهمًا من مصادر إمدادات الغاز لخط «غرين ستريم» الذى يمد إيطاليا بنحو ٩،٥ مليار متر مكعب من الغاز سنويًا ويتوقع أن يرتفع إلى ١٢ مليارا بحلول عام ٢٠٢٢.
وبعد أن وقع السراج – أردوغان الاتفاقية الإستراتيجية الأمنية، ظهر واضحا شعور أوروبا بالخطر عبر إمكانية أن تقوم قوات المشير خليفة حفتر، بقطع خط الغاز الواصل إلى صقلية اعتراضًا على الدعم الإيطالى لحكومة فايز السراج، وهو ما تدعمه اليونان وقبرص، بينما ترى اسبانيا أن حقل الغرب في مدينة الزاوية، هى ممكن الخلافات الأوروبية بسبب العملاق الفرنسى «توتال» التى تحاول السيطرة على حقل غاز «نالوت» والقريب من منطقة «مليتا» غرب البلاد، بحكم فوزها بمناقصته سنة ٢٠١٠، قبل أن تعود ليبيا وتلغى العقد مع الشركة الفرنسية بعد جدل قانونى واستندت إلى شركة اسبانيا التى لم تستطع العمل في الحقل بسبب الصراع الدائر.
لكن يبقى خزان فزان هو الهدف الأكبر للصراع الشركات الأوروبية، التى وقع حال صراعها على الصراع السياسى الذى لم تجد أوروبا إلا طريقا واحدا هو وقف أطماع تركيا على الهلال النفطى الليبى ومنع الاستئثار بالغاز في البحر المتوسط.
إيرينى أسد بلا مخالب 
أظهرت «إيرينى» أن هناك عوارا في النظام الأمني الأوروبى بالبحر المتوسط، حيث أطلق الاتحاد الأوروبى مهمة إيرينى لمراقبة تنفيذ حظر الأسلحة على ليبيا، وفق ما أعلن وزير خارجية التكتل جوزيب بوريل يوم الخميس (السابع من مايوالماضى) وتأتى «ايرينى» على خلفية المهمة «صوفيا» التى بدأت في عام ٢٠١٥ وأثبتت فشلها عبر تحايل تركيا بارسال الأسلحة إلى ليبيا
وقال بوريل إن العملية «تظهر التزام الاتحاد الأوروبى بإحلال السلام في ليبيا، حتى في وقت تحارب فيه الدول الأعضاء جائحة كورونا» تأمل المهمة التى يوجد مقر قيادتها حاليا في روما، وبدأت المهمة البحرية بمشاركة البارجة الفرنسية جان بار وطائرة للمراقبة البحرية تتبع لوكسمبورغ، بينما تشارك ألمانيا للمرة الأولى بقوات عسكرية قوامها ٣٠٠ عسكري، وأظهرت عمق الخلافات الأوروبية في الملف الليبى بعد أن تم تأجيل انطلاق المهمة نحو شهر، بسبب خلاف بين إيطاليا واليونان حول قيادتها. لكن اتفق الاتحاد الأوروبى على تداول القيادة بين البلدين كل ستة أشهر. لكن فرنسا وعقب حداثة الفرقاطة «كوربيه» اتهمت تركيا بوضوح بانتهاك حظر الأسلحة الذى فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، ووصفت الحكومة التركية في أنقرة بأنها عقبة أمام تأمين وقف إطلاق نار في ليبيا، وفرنسا تبحث في الاجتماع وضع آلية أزمة للحيلولة دون تكرار الواقعة التى حدثت بين سفن حربية تركية وسفينة تابعة للبحرية الفرنسية في وقت سابق من الشهر الماضى بالبحر المتوسط. وما زال حلف الناتو يحقق في الواقعة، التى تعتبرها فرنسا عملًا عدائيا بمقتضى قواعد الاشتباك الخاصة بحلف الناتو.