الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محمد على إبراهيم.. إلى لقاء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يعز على قلمى أن يكتب عن الصديق والزميل الكبير محمد على إبراهيم الذى فجعنا بخبر وفاته المفاجئ وهو فى قمة نضجه وعطائه ككاتب ومفكر ومثقف وطنى، فقد كانت الكلمة شغله الشاغل ورسالته فى الحياة، وهو لا يكتب إلا مايؤمن به، وفى المرحلة الأخيرة أثبت أنه صاحب موقف يستحق الاحترام والتقدير، خاصة بعد ثورة يناير حين سارع كثيرون إلى القفز من سفينة مبارك طلبا للنجاة كان هو والمرحوم عبد الله كمال من القلائل الذين ظلوا ثابتين على موقفهم ووفائهم، ولم يحولوا ولاءهم ذات اليمين وذات الشمال.
عرفت محمد على إبراهيم منذ مطلع عام 1979 عندما التحقنا فى توقيت متزامن بالقسم الخارجى فى الجمهورية، كان يكبرنى سنا ويسبقنى خبرة، كنت قد تخرجت للتو من كلية الإعلام جامعة القاهرة بينما هو تخرج وعمل فى أماكن متعددة قبل أن يأتى للجمهمورية، وفى عام 1982 وقع اختيار الأستاذ سمير رجب علينا معا لننضم إلى الفريق الذى سينتقل به من الجمهورية إلى المساء ويحقق به طفرة صحفية هائلة تنقذ هذه الجريدة العريقة من الركود الذى كانت فيه.
ورغم تباينات كثيرة بيننا إلا أن الله سبحانه وتعالى قد كتب علينا أن نكون متلازمين على مدى أكثر من ثلاثين عاما، اختلفنا خلالها كثيرا فى الرأى واتفقنا كثيرا، اقتربنا وافترقنا وتشعبت بنا السبل، لكن علاقتنا ظلت محكومة بحقوق الزمالة ووشائج الاحترام المتبادل.
تولى رئاسة القسم الخارجى بالمساء وكنت نائبه، ثم سافر فترة إلى عمان وتوليت بعده رئاسة القسم، وانتقل إلى رئاسة تحرير صحيفة الإجيبشيان جازيت دون أن تنقطع علاقتنا، حيث ظل يكتب مقالا أسبوعيا فى المساء كل سبت، وأخيرا استقر به المقام رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية من عام 2005 إلى 2011 بينما كنت مديرا لتحرير المساء، وخلال هذه السنوات تزاملنا فى مجلس إدارة مؤسستنا حتى عام 2009.
لم يكن محمد على إبراهيم شخصا عاديا، بل كان رحمه الله صاحب شخصية متفردة ذات طبيعة خاصة، كان مرحا كثير الضحك، يتمتع بصوت جهورى تسمعه وهو قادم إليك قبل أن تراه، سريع الغضب سريع الرضا لا يحمل للدنيا هما، يحول كل المواقف التى تعترضه إلى نكتة، واضح فى صداقته وواضح فى خصامه، وفى كل الأحوال لا يحقد على أحد ولا يحمل ضغينة فى قلبه.
فى إحدى جلسات مجلس الإدارة اختلفنا حول قضية من القضايا، وخرجنا من الجلسة على خلافنا، وفى اليوم التالى كان مسافرا مع الرئيس مبارك إلى إحدى الدول الأوروبية، وبعد مرور يوم أو يومين فوجئت به يطلبنى من أوروبا ليقول لى إنه شعر بالسعادة عندما عرف أن مقالا لى قد عرض على الرئيس ضمن الملف الصحفى الذى يعرض عليه يوميا، رغم أننى لم أكن أمتدح الرئيس بالتأكيد وإنما أعترض على كثير من سياساته وسلوك وزرائه فى الحدود التى كانت متاحة لنا، شكرته بالطبع، لكنه عندما عاد أصر على أن يأتى لمكتبى وينقل لى حكاية المقال.
هذا موقف واحد من مواقف عدة تكشف عن روح طيبة وإنسان مصرى أصيل، واسع الثقافة وصاحب قلم وأسلوب لم يكن نسخة من أحد، وإنما وضع به بصمة خاصة فى سجل صاحبة الجلالة.
رحمك الله يا صديقى رحمة واسعة وغفر لك، لا أقول وداعا وإنما إلى لقاء يجمعنا به الله سبحانه وتعالى ثانية فى الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.