الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

زيارة «أردوغان» إلى قطر.. التخطيط لإشعال المنطقة.. «العثمانلي» يبحث عن دعم مالي وعسكري للميليشيات في ليبيا.. وتوفير غطاء سياسي وعسكري لـ«حكومة الوفاق»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تركيا تعانى أزمات اقتصادية وتلجأ لـ«البقرة القطرية».. وتطورات الملفات الليبية والسورية تضيق الخناق على حلف «الدوحة- أنقرة»
«أردوغان» يبحث عن دعم قطرى لمواجهة تراجع قيمة العملة التركية وتزايد معدلات البطالة وارتفاع التضخم



في 2 يوليو 2020 قام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بزيارة إلى قطر في إطار تعزيز علاقاتهما تجاه الكثير من القضايا التى تشهدها المنطقة العربية ويتعاونان لتحقيق مصالحهما، وتعد الزيارة بمثابة امتداد لصورة جديدة من العلاقات الثنائية التى شهدت تطورًا كبيرًا بعدما سمحت قطر لتركيا في التواجد السياسى والعسكرى والاقتصادى في الدوحة بعد حدوث الأزمة الخليجية معها بسبب دعمها للجماعات المتطرفة والتدخل في شئون الدول العربية الداخلية، وضمن السياق ذاته فإن هذه الزيارة تعد الأولى التى يقوم بها الرئيس التركى أردوغان خارجيًا منذ انتشار فيروس كوفيد 19 المستجد.
ولعل هذه الزيارة تلقى الضوء على طبيعة العلاقات بينهما وأن الملمح الأساسى لهذه الزيارة وما سبقها من الزيارات التى قام بها أردوغان إلى قطر أو تلك التى قام بها تميم إلى تركيا هو أنها تأتى في ظل الأزمات التى يتعرض لها الجانبان وبخاصة الجانب التركى الذى يعانى من أزمات اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية.

دوافع اقتصادية
تعانى تركيا عديد من الأزمات الاقتصادية الداخلية والخارجية وهو الجانب الأكبر الذى سيطر على مجريات المحادثات بينهما، وقد تضمنت الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في هذه الاتجاه والتى تضمنت تعديلات على الاتفاقية المتعلقة بترتيبات تبادل العملات الثنائية لكل دولة(الريـال القطرى – الليرة التركية) بين مصرف قطر المركزى وبنك تركيا المركزي.
وضمن السياق ذاته فقد وقع الطرفان على مذكرة تفاهم أخرى بين هيئة مركز قطر للمال ومكتب التمويل التابع لرئاسة الجمهورية التركية، بالإضافة إلى التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن تطوير التعاون الصناعى والتكنولوجي، وأخرى بين وكالة ترويج الاستثمار القطرية ومكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية، وفى مجال التخطيط المدنى بين البلدين تم الاتفاق على إنشاء مختبر لتسهيل التجارة وتعزيز حماية المستهلك، الجدير بالذكر أنه منذ ديسمبر 2014 اتفق الطرفان على تأسيس لجنة عليا للتعاون الاستراتيجى تضم عددًا من الوزارات والمؤسسات الخاصة لتعزيز التفاهمات الثنائية المشتركة، وهو الأمر الذى ظهر بصورة واضحة عندما قامت قطر بضخ 15 مليار دولار على خلفية تراجع الليرة التركية في مواجهة العقوبات الاقتصادية التى فرضتها الولايات المتحدة على أنقرة بسبب قضية القس الأمريكى أندرو برونسون.

الملفات الإقليمية
شغلت القضايا الإقليمية التى تشهدها المنطقة العربية محورًا مركزيًا في دائرة النقاش الثنائى بينهما خاصة أن الجانبين يشهدان تقاربًا في وجهات النظر حول معظم القضايا التى تشهدها الدول العربية خاصة الملفين السورى والليبي، وهو الأمر الذى ساهم في تعزيز تعاونهما الاقتصادى والسياسى والعسكرى والتى ازدادت وتيرتها بعد الأزمة الخليجية.
وضمن السياق ذاته فإن قطر تعد دولة مركزية في إستراتيجية تركيا الإقليمية كعامل مساعد في دعم السياسات التركية، في ظل تطابق المواقف الخارجية لكليهما، وهو الأمر الذى سمح لتركيا بإقامة قاعدة عسكرية في الدوحة وإرسال جنودها إلى هناك وفق الاتفاقية التى تم توقيعها في عام 2014، وتم تنفيذها في أعقاب الأزمة الخليجية عام 2017.
ويجب الإشارة هنا إلى أن هذه الزيارة تأتى بعد تطورات جديدة تشهدها المنطقة خاصة في الأزمة الليبية التى انخرطت بها تركيا بصورة مباشرة من خلال دعم حكومة الوفاق وميليشياتها المسلحة، التى تمثل امتدادًا للسياسات التركية في المنطقة، في محاولة من جانب أنقرة لتعزيز تواجدها وإثبات حضورها من خلال ضمان تبعية الدوحة لأنقرة.

أهداف متعددة
تتفاقم الأزمات الداخلية والخارجية التى تواجهها تركيا، وتحاول أن تبحث عن منفذ للتغلب على هذه الأزمات خاصة تلك الأزمات الداخلية التى يواجهها حزب العدالة والتنمية الحاكم على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن أبرز الأهداف من هذه الزيارة هو استنزاف الأموال القطرية في دعم السياسات التركية التى تشهد تراجعًا كبيرًا في الإقليم، ولكن يمكن إجمال هذه الدوافع على النحو الآتي:
1- مواجهة الأزمات الاقتصادية التركية الداخلية بسبب تراجع قيمة العملة التركية وتزايد معدلات البطالة، وارتفاع التضخم، بالإضافة إلى تراجع الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية.
2- البحث عن دعم مالى وعسكرى للميليشيات التى ترسلها تركيا إلى ليبيا من خلال توفير المحفزات المالية التى تمتلكها قطر وتوظيفها في استقطاب هذه الجماعات المتطرفة، خاصة أن الزيارة تأتى بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع التركى خلوصى أكار إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق عسكريًا.
3- اتجاه كل من تركيا وقطر على توفير غطاء سياسى وعسكرى لحكومة الوفاق التى تهيمن عليها وعلى هيئاتها جماعة الإخوان المسلمين، وضمن هذا السياق أشارت بعض التقارير بأن قطر تكفلت بتحمل نفقات التدخل العسكرى التركى في ليبيا، ومن ثم تشير هذه الزيارة إلى التنسيق الثنائى لتوفير الضمانات المالية لاستمرار عمل الميليشيات المسلحة والمرتزقة التى تم إرسالها من سوريا للقتال في مواجهة الجيش الوطنى الليبي، ومن ثم لا يمكن النظر إلى زيارة وزير الدفاع التركى إلى ليبيا ولقائه مع حكومة الوفاق والقيادات العسكرية التركية هناك بمعزل عن الترتيبات التركية القطرية من جانب آخر.

تحالف مستمر
إلى جانب التعاون السياسى والاقتصادى والعسكرى فإن هناك تطابق فكرى وأيديولوجى تجاه دعم قطر لتركيا وهذا العامل يتمثل في جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث تمثل هذه الجماعة بمثابة الإطار الفكرى الجامع لمحورية العلاقة بينهما، وتستثمر كل من تركيا وقطر هذه الجماعة في تهديد أمن واستقرار الدول العربية لصالح تعزيز نفوذهما الإقليمي، وفى المجمل فإن العلاقات التركية – القطرية تمثل نمطًا من أنماط التعاون الوثيق ليس فقط سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا بل أن الجانبين يجمعهما ترابط أيديولوجى يمثل العمود الفقرى لهذه العلاقة والناظم لها.
انعكاسات محتملة
من المحتمل أن تشهد المنطقة العربية والصراعات الدائرة مزيدًا من التفاقم في أوضاع هذه الصراعات خاصة تلك التى تنخرط بها تركيا بصورة مباشرة، ومنهم الأزمة الليبية التى تشهدت تطورات متصاعدة على مختلف الأصعدة في الفترة الحالية، في ظل ضمان تركيا تدفق مزيد من الأموال والدعم القطرى لسياسات تركيا الإقليمية، ومن ناحية أخرى اتجهت الدول العربية إلى اعتماد بعض الآليات التى من شأنها مواجهة التدخلات التركية أعقاب التدخل التركى في منطقة شمال العراق وغيرها من الدول العربية، كما أن التقارب القطرى التركى من شأنه أن يتسبب في زيادة العزلة الإقليمية التى تواجهها منذ بداية الأزمة الخليجية بسبب دعم الدوحة للجماعات الإرهابية والتدخل في شئون الدول العربية وتهديد أمنها واستقرارها، ومن جهة أخرى فإن هذه الزيارة ستضمن استمرار تركيا في سياستها الإقليمية خاصة تجاه قضايا الصراعات في داخل الدول العربية، وهو ما يمكن أن يمثل تهديدًا لمصالح الدول العربية وأمنها الإقليمي.
ختامًا: تتشابك العلاقات التركية القطرية وفق عديد من العوامل السياسية والاقتصادية والعسكرية والأيديولوجية وتمثل هذه العوامل مجتمعة ركائز استمرار علاقاتهما، والتى ساهم في تعزيزها المتغيرات الإقليمية والدولية التى ساعدتهما على التوصل لاتفاقيات ثنائية حول مختلف هذه القضايا بما يضمن التطابق في وجهتى نظرهما.