الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الكاتبة الزيمبابوية بيرونى رحيم لـ« البوابة نيوز»: زيمبابوى بلد رائع ينتظر من يُعيده إلى المجد مرة أخرى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في روايتها «رسائل سبتمبر»، حاولت المؤلفة الزيمبابوية بيرونى رحيم أن تخوض في تاريخ شائك لبلد أنهكه الاستعمار لوقت طويل، تحمل جنسيته ولا تعرف وطنًا لها سواه، وهى البيضاء البشرة ذات الملامح الأوروبية التى تعود جذورها إلى المحتل، لتبقى لفترة طويلة في أزمة هوية ربما تكون قد حسمتها مع نفسها، لكن الكثيرين لا يزالون يُعانون من تبعاتها.
عبر صفحات الرواية الضخمة، التى نقلها إلى العربية سيد عمر في طبعة صادرة عن العربى للنشر، طرحت الروائية المولودة في مدينة «كادوما» عام ١٩٧٤ عدة تساؤلات منها «أين يمكنك أن تبدأ بتشكيل حياة كاملة؟ الأجزاء ليست متوافقة دائمًا. العديد منها مفقود، أو مُقترض.. من حيوات أشخاص آخرين وذكرياتهم وألغازهم. أين البداية عندما تكون لديك النهاية فقط لتبدأ بها؟»، لتختار أن تسرد روايتها التى جاءت على لسان بطلتها «إيلي»، وهى فتاة صغيرة تروى عن أسرتها وحياتها في زيمبابوي، وتروى عن جدتها التى شكلت وعيها وما أصبحت عليه البطلة عندما كبرت، وتبدأ حكايتها عندما كانت طفلة صغيرة تجلس مع عائلتها بعد الظهر لشرب الشاى عندما أُعلن استقلال زيمبابوي، وانفصال جدتها عن جدها. رحلت جدتها، ومع رحيلها، بدأ عقل «إيلي» الصغيرة يمتلئ بتساؤلات وحيرة كبيرة. وتمر الأيام وتكبر «إيلي» وترحل بعيدًا عن زيمبابوي، ثم تعود مرة أخرى عند وفاة جدتها، فتجد عشرات الرسائل التى خبأتها جدتها، وتبدأ في قراءتهم ظنًا منها بأنهم ربما يساعدونها على فهم تلك المرأة الغامضة، لكنهم يزيدونها حيرة.
عاشت بيرونى منذ أن كانت في الثامنة وحتى أنهت دراستها المدرسية في «بولاوايو» وهى المدينة التى اختارت أن تدور أحداث الرواية بها، وحصلت على الماجيستير في الأدب الإنجليزي من بريطانيا، ثم قامت بتدريسه لمدة عام بسنغافورة قبل أن تعود لتدرسه في زيمبابوى منذ عام ٢٠٠١ وحتى عام ٢٠٠٨. بعدها انتقلت للإقامة في زامبيا، ولا تزال تُدَرِّس الأدب الإنجليزي.
تقول بيرونى في حديث خاص لـ«البوابة» في كثير من الأحيان لا تُعطى المحادثات الحقيقية كاملة، هناك من الحقائق ما تحتفظ به الرسائل للأبد دون تغيير أو تحريف، وهذا ما فعلته البطلة حينما عثرت على رسائل جدتها، والتى تحوى جانبًا آخر مخفيًا من حياتها». تُضيف «أنا شغوفة بالتاريخ وأحب التعمق فيه، خاصة تاريخ بلادى زيمبابوى، وأرى أن الكثيرين منا لا يزالون يعيشون في ظلال الماضى، والذى قد يكون في الكثير من الأوقات عائقًا أمام التقدم إذا ما توقفنا عنده. هناك لحظة فارقة في هذا التاريخ تمثلت في لحظة الاستقلال وما تلى هذه اللحظة من تساؤلات مصيرية حول البقاء والهوية وإلى أين ننتمى حقًا، البلد الذى عشنا وكبرنا وقضينا جل حياتنا فيه، أم ذلك البلد الذى جاء منه أسلافنا ونحمل عبء وجوده كمستعمر عبر بشرتنا البيضاء».
الكاتبة التى فازت روايتها «شمس سبتمبر» عام ٢٠١٠ بجائزة «أفضل كتاب» والتى تمنحها جمعية الناشرين بزيمبابوى، تصف بطلة الرواية بأنها حساسة بشكل كبير، ورغم بساطتها إلا أنها تحمل الكثير من الأبعاد الدرامية «ورغم أننى أحب التاريخ إلا أننى كذلك أحببت أن أوّضح كيف نحن بشكل ما نتاج هذا التاريخ وما الذى حدث في الماضى لنصير نحن بهذه الهيئة الآن، وذلك ينبغى علينا كأشخاص أن نتذكر هذا جيدًا، ونتعلم من التاريخ وما حدث».
ترى بيرونى أن النسخة العربية من كتابها «ضخمة للغاية» وربما أكبر من نسختها الإنجليزية «ولكن هذا ما حدث، أنا لا يُمكن أن أكتفى بعمل قصير أو مقتضب، وهذا ما قلته للناشر الإنجليزي وكررته أمام شريف بكر ناشر النسخة العربية «هى قصة طويلة، ولكنى أظن أن هذا هو حال الماضي، فالرواية ترتحل بك من الحاضر الذى تعرفه إلى خفايا كثيرة في الماضى مليئة بالتفاصيل». مُشيرة إلى أنها في الوقت نفسه استمتعت كثيرًا بكتابة هذه الرواية التى أكد لها الكثير ممن قرأوها أنها رغم ضخامتها لكنها لا تُصيب قارئها بالملل «بل هناك علاقة ما تتشكل بين القارئ والرواية تجعله يخوض في صفحاتها حتى النهاية».
تلفت بيرونى إلى أن الكثيرين يعتقدون أن الرواية هى سيرتها الذاتية وأن التفاصيل الواردة فيها عبارة عن أجزاء من حياتها «ولكن هذا ليس حقيقيًا، ربما هناك بعض الأجزاء المستوحاة من قصتى لكن ليس كل تلك التفاصيل، وحتى ما كان حقيقيًا قمت بالكثير من التغيير فيه، أؤكد لك أن هذه ليست قصة حياتى أو قصة حياة جدتى، فحياة جدتى مختلفة تمامًا، لكنى فقط وجدت خيطًا يربط هذه الحكاية ببعض ما حدث في الواقع وبجزء منى، لذا يُمكن القول فقط أن هذه الرواية مستوحاة من أحداث حقيقية».
تؤكد برايونى أنها م ازالت تُقيم في زيمبابوى، والتى تصفها بأنها بلد رائع لكنه يُعانى من الكثير من الأوضاع الصعبة سواء في الاقتصاد أو السياسة أو مصادر الطاقة، وأن هذا البلد الجميل «ينتظر من يُمكنه أن يُعيده إلى المجد مرة أخرى»، حسب قولها، وتضيف «لم أستطع الابتعاد كثيرًا، رغم أننى سافرت فترة إلى بريطانيا وقضيت مع زوجى سبع سنوات في زامبيا، وهى بلد لصيق لذلك الوطن، لكن دومًا الوطن هو المكان الذى تشعر فيه بالراحة».