الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

مجازر وانتهاكات وتعذيب.. معارض إيراني يروي كواليس سجون الملالي: انتهكوا كل حقوق الإنسان في معتقلالتهم.. منعوا عنا إقامة الصلاة.. وتناوبوا بالضرب والاعتداء علينا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعتبر حسين فارسي أحد الناجين من مذبحة السجناء السياسيين في السجون الإيرانية في صيف عام 1988، الذين يعيشون الآن خارج إيران.
لقد كان سجينًا سياسيًا في إيران لمدة 12 عامًا وهو على دراية تامة بالمعاملة الوحشية للسجناء وتعذيبهم على أيدي عملاء النظام الإيراني.
في أواخر فبراير 2020، وقعت مأساة مع شقيقه وشقيقته، حيث اقتحم ضباط في وزارة المخابرات في النظام الإيراني مع مجموعة اقتحام منزلهم، مما أسفر عن اعتقال ثمانية من أفراد أسرهم، بما في ذلك أحمد فارسي (شقيق حسين فارسي) وزوجته وولديه، مرضية فارسي (أخت حسين) مع زوجها، وولديه في طهران دون أي أمر من المحكمة؛ وأجرت "البوابة نيوز" مقابلة‌ مع حسين فارسي وفيما يلي نص المقابلة‌:

لتروي لنا سيد فارسي قصتك في السجون الإيرانية وما يحدث من مجازر وانتهاكات وحشية ضد السجناء خاصة السياسيين؟

تم اعتقالي عام 1981. تهمتي كانت أني من أنصار منظمة مجاهدي خلق، وفي ذلك الوقت تم القبض على كل من كان من أنصار منظمة مجاهدي خلق. 
كان الوضع هكذا في طهران، أغلقت قوات الحرس فجأة شارعًا وفتشت جميع الشباب، واعتقلت بعضهم وأخذتهم إلى سجن إيفين.
بالطبع، لو كانوا يعرفون أشخاصًا من أنصار منظمة مجاهدي خلق، لكانوا اعتقلوهم على الفور.
عندما تم اعتقالي، تعرضت للتعذيب الشديد، وكسر رأسي ونزفت بغزارة، وحُكم عليّ أخيرًا بالسجن في محاكمة استمرت خمس دقائق.
لقد كنت في سجون إيفين وقزل حصار وجوهردشت..
في عقد 2000، تم نقل الأشخاص المحكوم عليهم إلى سجن قزل حصار أو سجن جوهردشت بالقرب من مدينة كرج. كان هذان السجنان بمثابة جحيم حقيقي للسجناء.
في سجن جوهردشت، ظل السجناء في الحبس الانفرادي لسنوات وتعرضوا للتعذيب الشديد مع أدنى صوت يخرج من الزنزانة.
كان أخي في الحبس الانفرادي وتعرض مرة واحدة للتعذيب الشديد لتلاوة القرآن بصوت عال.
لم يُسمح لنا حتى بإقامة صلاة الجماعة.
أتذكر مرة أقمنا صلاة الجماعة، وحينها شاهدنا الحراس وتم إخراجنا جميعًا، نحو 20 منا، وتعرضنا جميعًا للتعذيب الشديد.
كان أحد إخواننا من أهل السنة، وقد عذبه الحراس أكثر مما عذبونا نحن الشيعة وقالوا له: "أنت سني. لماذا كنت تصلي صلاة الجماعة معهم؟" 
عملية التعذيب الرائجة في السجون الإيرانية هي ضرب الكابلات على أسفل القدم.
لكن هناك عمليات تعذيب أخرى، مثل التعليق بالسقف والإبقاء عليك مستيقظًا لمدة أسبوع إلى 10 أيام وهناك أنواع أخرى من التعذيب.
في بعض الحالات، فقد السجناء حياتهم نتيجة التعذيب. يعتبر هؤلاء السجناء في عداد المفقودين ولا يقوم النظام بإبلاغ أسرهم بمصيرهم.

كيف هربت من السجن وأين تعيش الأن؟

تم تهريبي خارج حدود إيران عن طريق البر لأنني لم أكن في أمان في إيران وكنت أخضع للمراقبة المستمرة من قبل وزارة المخابرات، وكان يتم استجوابي كل شهر من قبل عملاء وزارة الاستخبارات.
لم يعطوني أنا والآخرين مثلي جواز سفر وإذن لمغادرة إيران، واضطررت إلى عبور الحدود مع الكثير من المخاطر والصعوبات.
خارج إيران، انضممت إلى المقاومة الإيرانية، وأعمل حاليًا على نشر أخبار انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وأحاول أن أسترعي انتباه العالم إلى صوت الشعب الإيراني المظلوم.

قص علينا مأساة ما وقع في فبراير من ٢٠٢٠ وما فعله النظام الإيراني مع أسرتك.. وماذا حدث مع اختك وولديها؟

كما أبلغت، جاء فريق من عناصر وزارة المخابرات إلى منزلهم، الموجود في شقة، ودخلوا الشقة بالقوة وهددوهم بالأسلحة.
ثم فتشوا المنزل وصادروا أشياء مثل طابعة وجهاز لوحي وجهاز كمبيوتر وهاتف عائلي، وأخذوا أختي وأبنائها في نهاية المطاف إلى سجن إيفين، حيث تم استجوابهم وتعرضوا للتعذيب، لا سيما التعذيب النفسي.
في نهاية المطاف، بعد شهر، تم الإفراج عن زوج أختي وأبنائها، لكن أختي كانت لا تزال محتجزة في سجن وزارة المخابرات، على الرغم من إصابتها بالسرطان وأمراض القلب، وتستمر عملية الاستجواب معها.
لا أعرف لماذا لم يُفرج عنها، لكن أعتقد أن عناصر وزارة المخابرات يحاولون كسرها وإجبارها على الإدلاء باعترافات سياسية ضد المقاومة الإيرانية.
تم نقل شقيقتي مرضية الآن إلى سجن قرجك سيئ السمعة. إنه ليس سجنًا، إنه جحيم حقيقي للنساء، وأنا قلق جدًا بشأن حالتها.

نريد منك أن تصف لنا بشاعة ما يحدث داخل سجن ايفين على سبيل المثال؟ وكيف يتم تعذيبكم داخل السجون الإيرانية؟

التعذيب في السجون، بما في ذلك سجن إيفين، أمر شائع. أثناء الاستجواب، كان عملية تعذيبي تتم بشكل بضرب الكابلات على راحة القدم، وهو التعذيب الرئيسي والعام.
عذب النظام السجناء وأصدر حكما بالسجن بناء على نفس الاعترافات.
في صيف 1981، على سبيل المثال، اعتقلت قوات الحرس أربعة شبان في سيارة في طهران. تم اعتقال الشبان الأربعة لأن نوافذ سيارتهم كانت مظللة.
في سجن إيفين، تعرضوا للتعذيب لدرجة أنهم اعترفوا في الليلة الأولى أنهم كانوا ينوون اغتيال مسئولي النظام، وفي نهاية تلك الليلة، حُكم عليهم بالإعدام في محاكمة استمرت بضع دقائق، ونُفذ حكم الإعدام في منتصف الليل.
وترك أحد الأربعة، ويدعى حميد، خطر الإعدام بالصدفة ولم يُعدم في تلك الليلة ونجا.
بعد عام، أعيد النظر في قضية حميد وأصبح من الواضح أنه لم يرتكب أي جريمة وأن الاعترافات كانت بسبب التعذيب، لكن الأشخاص الثلاثة الآخرين تم إعدامهم بدون أي ذنب.
وقد تكررت مثل هذه الحوادث في السجن لدرجة أنه في نفس الوقت كتب آية الله منتظري، خليفة الخميني، رسالة إلى الخميني احتجاجًا على التعذيب الوحشي وإعدام السجناء السياسيين، الذين يتكون معظمهم من أنصار منظمة مجاهدي خلق.
كان أحد ضروب التعذيب التي تعرضت لها النساء هو الاغتصاب، وقام المحققون بالاعتداء واغتصاب النساء والفتيات في السجن لإرغامهن على الاعتراف.
إحدى عمليات التعذيب التي شاهدتها كان تعذيب أم أمام طفلها صغير.
أتذكر أنه في مكان التعذيب والاستجواب، تم تعذيب أم شابة على سرير وتم جلدها بوحشية من قبل معذبيها وجلاديها بكابل على جسدها للاعتراف.
وأحضر أحد الجلادين الطفلة البالغة من العمر 3 سنوات فوق رأس والدتها، وروعت الطفلة لرؤية حالة والدتها وكانت تصرخ بشدة.
هذه مجرد أمثلة على معاملة نظام خميني الوحشية للسجناء السياسيين.

حدثنا عن مذبحة السجناء السياسيين في عام ١٩٨٨؟

إن مذبحة السجناء السياسيين عام 1988 هي جريمة تاريخية لن يغفرها الشعب الإيراني ولن ينساها أبدًا وقد كنت في سجن جوهردشت في ذلك الوقت.
وقد تردد حينها أن وفدًا جاء من جانب خميني ليصدر عفوًا عن السجناء والإفراج عنهم، ولكن سرعان ما تبين أنها فرقة إعدام وتصدر أحكامًا بالإعدام.
كان الإجراء يتم بأخذ السجناء واحدًا تلو الآخر أمام هيئة الموت المكونة من ثلاثة أعضاء، ليطرحوا بعض الأسئلة حول معلومات السجين.
ثم يسألون ما هي تهمتك؟ الجواب على هذا السؤال هو الذي يحدد إذا كان السجين سيعدم أم لا.
إذا رد السجين بأنه كان من أنصار منظمة مجاهدي خلق، أي لو استخدم كلمة المجاهدين، فإن حكم الإعدام سيوقع عليه أعضاء فرقة الإعدام حتمًا.
بهذه الطريقة، تم إعدام آلاف الأشخاص فقط بسبب ولائهم لمنظمة مجاهدي خلف ولقولهم كلمة مجاهدين، وكان أخي حسن أحدهم.
في مذبحة السجناء في عام 1988، يجب أن أقول إن هذا جزء من تاريخ إيران الحديثة، وأحيلكم إلى التقارير والكتب المكتوبة حول هذا الموضوع، ولكن باختصار، أود أن أقول ملاحظاتي الخاصة.
عندما أصدر الخميني فتوى تأمر بذبح السجناء، في غضون أشهر، تم ذبح 30.000 سجين، معظمهم من أنصار منظمة مجاهدي خلق.
لقد شاهدت بنفسي أربع جولات على الأقل من طوابير طويلة من السجناء معصوبي العينين يتوجهون نحو الإعدام. كان هناك ما بين 80 و100 شخص في كل مرة.
يستغرق عمل السجناء حتى نهاية الليل. بعد شهرين من الحبس الانفرادي، اكتشفت أنه لم يبق في سجن جوهردشت سوى 200 سجين.
في عنبري في السجن، تم إعدام 23 سجينا من أصل 30. 
من بين المعتقلين الـ 150، تم إعدام 148 ونجا اثنان فقط. تم إعدام أحد إخوتي في سجن إيفين في نفس الوقت.
هذا ما رأيته في سجني إيفين وقزل حصار وجوهردشت في سهل كرج، وأنا أعلم أنهم تصرفوا في معظم المدن بنفس الطريقة وأعدموا أنصار منظمة مجاهدي خلق.
وقعت عمليات القتل في جميع مدن إيران تقريبًا، وفي بعض المدن، تم نقل السجناء إلى قواعد عسكرية، وتم إطلاق النار عليهم بشكل جماعي، ودفنهم في مقابر جماعية.
في طهران، دفن الشهداء في مقابر جماعية في مقبرة خاوران بالقرب من طهران.
كانت المجزرة إجرامية لدرجة أن خليفة الخميني احتج عليها أيضًا.
إن قصة هذه المجزرة طويلة جدًا، والتي ذكرته هنا بإيجاز فقط، لكن تم إعداد العديد من الكتب والمذكرات عن هذه المجزرة التي يمكن الرجوع إليها.

كيف تصف النظام الإيراني الحالي في ظل الديكتاتورية التي يمارسها ضد شعبه ؟

إن وصف ديكتاتورية خميني الدينية التي تبلغ من العمر 40 عامًا لا يتناسب مع هذا الموجز، لكني سأحاول وصفه باختصار شديد:
منذ البداية، لم تتسامح حكومة الخميني الدينية البعيدة عن الإسلام والشيعة مع أي أيديولوجية أو عقيدة.
قامت بإسكات صوت الحرية بالبنادق.
وقامت بكسر الأقلام الحرة التي لم تحتملها ولاية الفقيه.
وأغلقت الشفاه والأفواه التي نادت بأصوات مختلفة عن نداء "لبيك يا خميني".
إن الحكومة التي أسست على نظرية وأيديولوجية ولاية الفقيه والفتاوى الدينية مليئة بالجريمة والفساد والنهب والإكراه.
رجل اعتبر نفسه فقيهًا ووليًا على الناس. أصدر فتوى اغتصاب الفتيات المسجونات وقتل الأسيرات المجاهدات.
وأصدرت فتوى تدين كل الرجال والنساء الذين شاركوا في المظاهرات السلمية.
وأصدرت بفتوى فتوى ببتر اليد اليمنى والساق اليسرى من خلاف.. وأصدرت فتوى "الضرب حتى الموت" للتعذيب في السجون.
إن فظائع وعنف نظام ولاية الفقيه لم تقتصر على حدود إيران بل ابتلعت ودمرت المنطقة.
ومن أجل التستر على القمع الداخلي، بدأ نظام الملالي تصدير الأزمات ونشر الحروب في المنطقة وتصدير الإرهاب.
بما في ذلك المساعدة الشاملة للديكتاتور السوري في جميع المجالات وقتل وتشريد الشعب السوري المضطهد، التدخل في الشئون الداخلية للعراق، دعم ما يسمى بحركة حزب الله اللبنانية وخلق أزمة وقتل الشعب الأعزل في اليمن وإطلاق الصواريخ على السعودية...
تدريجيا، بعد الحرب، سيطرت قوات الحرس على جميع مفاصل السلطة، ومثل الأخطبوط، استولت على الاقتصاد الإيراني...
جميع أدوات السلطة في أيدي خامنئي، الذي يتابع سياساته من خلال قوات الحرس.

أثبتت جائحة كورونا فشل النظام الإيراني في التعامل معها.. كيف ترى ذلك؟

نعم، صحيح إن هذه الحكومة الدينية المتخلفة، ومسئولوها يفكرون فقط في الحفاظ على السلطة ولا يفكرون في البلد والشعب.
إنهم لا يريدون ولا يستطيعون حل مشكلات المجتمع، خاصة وأن العالم تعرض لفيروس كورونا.
اتضح في إيران أن الحكومة الإيرانية، التي تتكون من حفنة من اللصوص والفاسدين والمفترسين، لا يمكنها التعامل مع هذه الأزمة.
لأن حكومة الملالي لا تمتلك الخبراء ولا الإرادة لحل هذه الأزمة العظيمة، لأنه لحل هذه الأزمة، يجب دفع الثمن من قبل هذا النظام، وعلى وجه الخصوص، فإن خامنئي، الذي استحوذ على الأصول والثروات الرئيسية للبلاد في المؤسسات الاقتصادية والكارتلات الكبيرة، ليس على استعداد لإنفاقها...
لذلك نرى أن ما يقرب من 50000 شخص قد قتلوا بسبب كورونا حتى الآن، وبدلًا من اتخاذ إجراءات احترازية، قام النظام بفتح أبواب المؤسسات والمدارس والمساجد والأماكن العامة وأرسل الناس إلى مذبحة كورونا.
في رأيي، حل الأزمات في إيران، التي تشكل أزمة كورونا واحدة منها، ممكن فقط بإسقاط هذا النظام من قبل الشعب والمقاومة الإيرانية، وليس هناك طريق آخر.


هل يمكن للنظام الإيراني الاستمرار لسنوات أخرى في ظل السخط والغضب الشعبي عليه ؟

الحقيقة هي أن الديكتاتورية المطلقة تجعل من حكومتها الأمنية والعسكرية المطلقة متماسكة، ومن جهة أخرى، لا يزال هناك مجموعة من السلاسل مكونة من أزمات عاصفة، سياسية واقتصادية واجتماعية وداخلية وخارجية، وهذه الأزمات مرتبطة بالأزمة الكبرى والقاتلة لفيروس كورونا، متصلة ولا يمكن حلها، وقد وضعت النظام في طريق مسدود واضح، مما أوضح أنه لا توجد حكومة وأن الأمة متروكة لتعاني من آلامها.
غالبية الإيرانيين يعيشون الآن تحت ضغط اقتصادي ويعيشون تحت خط الفقر، وبالنظر إلى انتفاضات السنوات السابقة، أصبحت إيران الآن مثل بركان جاهز للانفجار في أي لحظة، أو مثل برميل البارود ينتظر الشرارة لينفجر.
لذلك فإن تحرير الشعب الإيراني ومن ثم شعوب المنطقة والعالم من هؤلاء الملالي قريب...
في رأيي، يجب على الدول المجاورة أن تقف إلى جانب الشعب الإيراني لإسقاط هؤلاء الحكام الفاسدين والظالمين.