السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

المخرج ناصر عبدالمنعم في حواره لـ«البوابة نيوز»: الاعتصام أول فعل علني رافض لوجود «الإخوان» في الحكم.. تخلصنا من كابوس كاد يفقد الثقافة المصرية هويتها.. والشباب كانوا أساس ووقود الحركة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهد مطلع يونيو 2013 أول تحرك على الأرض لمواجهة تحركات جماعة الإخوان الإرهابية في سعيها لـ"أخونة قطاعات الدولة». حينما أعلن المثقفون المصريون على اختلاف رؤاهم وتوجهاتهم رفضهم لوجود وزير يتبع الجماعة على رأس وزارة الثقافة، وهو علاء عبدالعزيز، والذى سعى خلال الأيام القلائل التى تولى فيها مقاليد الوزارة إلى قطع أواصر الحركة الثقافية، والإطاحة بكل القائمين على عملية التثقيف والتنوير، وأشهرهم الدكتورة إيناس عبدالدايم، التى كانت تتولى في ذلك الوقت منصب رئيس دار الأوبرا المصرية، وصارت فيما بعد في الموقع نفسه الذى حاول عبدالعزيز استغلال سلطاته للإطاحة بها.


بدأ الاعتصام يوم الأربعاء ٥ يونيو في الواحدة ظهرًا، بعد أن تمكن المثقفون من الدخول إلى مكتب الوزير في الزمالك، وطالبوا برحيل الوزير الإخوانى، وكانت أول مجموعة من المثقفين دخلت وزارة الثقافة وهم: صنع الله إبراهيم، بهاء طاهر، والمخرج ناصر عبدالمنعم، والمخرج الكبير محمد فاضل، والمخرج المسرحى الكبير جلال الشرقاوى، والشاعر الراحل سيد حجاب، والفنان سامح الصريطى، محمود قابيل، سهير المرشدى، والمخرج والمنتج محمد العدل، والمخرج خالد يوسف، والمخرجة مها عفت، والمخرج المسرحى الكبير عصام السيد، والمخرج السينمائى حامد سعيد، والدكتور أحمد عواض، وأسماء كبيرة أخرى عديدة، الذين تصدروا هذا المشهد العظيم لتقديم طلب لمقابلة الوزير وكانوا يعلمون بعدم وجوده بمكتبه.

وفور دخولهم لمقر الوزارة أعلنوا اعتصامهم، ومن هنا بدأ المثقفون في التوافد على مقر وزارة الثقافة بالزمالك وهرب الوزير الإخوانى بلا رجعة؛ وتم تشكيل غرفة عمليات بمكتب الوزير بعضوية اللواء هشام فرج وكيل الوزارة لقطاع الأمن، والمقدم محمد الحسيني.


التقت "البوابة نيوز" بالمخرج الكبير ناصر عبدالمنعم، أحد أبطال حركة المثقفين لتصدى حكم الإخوان، ليفتح قلبه ويروي لحظات الساعات الأولى من دخول مبنى وزارة الثقافة والسيطرة على الموقف والتحكم في بوابة الدخول، بمشاركة ومساندة عدد كبير من مثقفى وفنانى مصر.

ومن الأشياء التى يتذكرها «عبدالمنعم» في اليوم الأول في ظل فترة الوزير الإخوانى في ٥ يونيو ٢٠١٣، أن الوزير قرر إقالة عدد من القيادات المعينة بالوزارة، وطلب المثقفون من هذه القيادات عدم المشاركة خاصة في اليوم الأول من الاقتحام، حتى لا يصبح الأمر بمثابة مسألة شخصية، وإنما أصبح دفاعا عن ثقافة وطن بأكمله.

ويواصل ناصر عبدالمنعم: «كان من بين المتواجدين خارج مبنى الوزارة، الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزير الثقافة الحالى، والدكتور أحمد مجاهد، والدكتور سامح مهران، ومجموعة أخرى كبيرة، وعندما تمكنا من الدخول للمبنى، نتج عن ذلك السيطرة التامة على الوضع بفضل جهود العاملين بقطاع مكتب الوزير، وكذلك الشباب الموجودين بالمبنى، الذين استطاعوا طرد رئيس قطاع مكتب الوزير الإخوانى، وتمت السيطرة على الأمر في لحظات قليلة جدا، وعلى الفور بدأت الحركة في تكوين مجموعات الاعتصام وتقسيم المهام بحيث تسير الأمور بكل سلاسة، لأن الهدف من ذلك هو الاستمرار حتى إقالة الوزير أولا، ثم بعد ذلك تطور الحدث والأمر أصبح ليس إقالة وزير فقط، ولكن الفكرة في قضية إسقاط حكم الإخوان نفسه، والتخلص من هذه الجماعة وحكمها الفاشي».


وتم توزيع المهام على المعتصمين، منها مجموعات البيات والإعاشة، النوباتجيات، وكذلك التأمين التام للموقف، ومجموعة الإعلام التى تعمل على صياغة بيانات الاعتصام والتواصل مع كل القنوات، ووكالات الأنباء، وكيفية توصيل الأصوات لخارج مصر، إضافة إلى جهود الشخصيات العامة ومشاركتهم ببعض الكلمات لمؤازرة المعتصمين، وكذلك تبرعات الفنانين المالية لمساندة المعتصمين.

٢٥ ليلة فنية عالية المستوى كانت من أهم مميزات هذا الاعتصام، وبصفته المسئول عن النشاط الفنى لهذه الحركة أو المبادرة يقول المخرج ناصر عبدالمنعم: «هذا النشاط تكون بالجهود الذاتية، فقد استطاعنا تنفيذ مسرح مصغر في الشارع، والتواصل مع الفنانين المتضامنين للاعتصام بالمشاركة". ويضيف: «تضمن النشاط باليه راقص في الشارع، وموسيقى، وفنون تشكيلية، وغيرها من ألوان الفنون، وذلك أمام الوزارة والذى حقق نجاحا كبيرا، وأصبح شارع شجرة الدر بالزمالك ملتقى الفنون للناس في الشوارع، حتى بدأت حركة «تمرد» بالتوافد وتوزيع بعض الاستمارات لجمع توقيعات من المواطنين لسحب الثقة من الإخوانى محمد مرسى العياط وأعوانه».


الفن والثقافة وجهان لعملة واحدة والاستمرار بها كان الهدف الرئيسى لهذه الفعاليات الفنية والثقافية، هكذا أكد المخرج، وأن هذه الرسالة الموجهة للإخوان تفيد بعدم قدرتهم على تهديد الهوية الثقافية المصرية، والاستمرار حتى لو بالشارع موضحا أن الفن مقاومة، وترجع أهمية هذه الحركة أو المبادرة أن اعتصام مبنى وزارة الثقافة كان أول فعل علنى واضح رافض وموثر بقوة في وجود الإخوان المسلمين بالحكم.

ومن المخاطر التى تعرضت لها هذه الحركة أو المبادرة، أن مجموعة من شباب الإخوان توافدوا من أجل تحرير مبنى وزارة الثقافة من هذه الاعتصامات، ولكن تصدى لهم شباب الحركة المعتصمون واستطاعوا تلقينهم درسا قاسيا، حتى فر هؤلاء الإخوان هاربين مثل الفئران متجهين نحو كوبرى ١٥ مايو، موضحا أنه قبل تاريخ ٥ يونيو ٢٠١٣ ليس في مخيلة أحد أن المثقفين سيقومون باقتحام مبنى الوزارة، واتجه الإخوان لتقديم بلاغ للنائب العام باتهام نحو ٣٣ مثقفا، وكان له الشرف والفخر أنه واحد من بين هذه الأسماء، لاقتحام مبنى وزارة الثقافة، وتعطيل خطة سير عمل منشأة رسمية، مؤكدا «أنه لولا نجاح ثورة ٣٠ يونيو والتفاف الشعب المصرى حولها لأصبحنا جميعا في السجون".


الفن والثقافة وجهان لعملة واحدة والاستمرار بها كان الهدف الرئيسى لهذه الفعاليات الفنية والثقافية، هكذا أكد المخرج، وأن هذه الرسالة الموجهة للإخوان تفيد بعدم قدرتهم على تهديد الهوية الثقافية المصرية، والاستمرار حتى لو بالشارع موضحا أن الفن مقاومة، وترجع أهمية هذه الحركة أو المبادرة أن اعتصام مبنى وزارة الثقافة كان أول فعل علنى واضح رافض وموثر بقوة في وجود الإخوان المسلمين بالحكم.

ومن المخاطر التى تعرضت لها هذه الحركة أو المبادرة، أن مجموعة من شباب الإخوان توافدوا من أجل تحرير مبنى وزارة الثقافة من هذه الاعتصامات، ولكن تصدى لهم شباب الحركة المعتصمون واستطاعوا تلقينهم درسا قاسيا، حتى فر هؤلاء الإخوان هاربين مثل الفئران متجهين نحو كوبرى ١٥ مايو، موضحا أنه قبل تاريخ ٥ يونيو ٢٠١٣ ليس في مخيلة أحد أن المثقفين سيقومون باقتحام مبنى الوزارة، واتجه الإخوان لتقديم بلاغ للنائب العام باتهام نحو ٣٣ مثقفا، وكان له الشرف والفخر أنه واحد من بين هذه الأسماء، لاقتحام مبنى وزارة الثقافة، وتعطيل خطة سير عمل منشأة رسمية، مؤكدا «أنه لولا نجاح ثورة ٣٠ يونيو والتفاف الشعب المصرى حولها لأصبحنا جميعا في السجون".


التمهيد الأول

كانت هذه الحركة التاريخية بداية الطريق إلى ثورة ٣٠ يونيو، هكذا أكد المخرج ناصر عبدالمنعم، مضيفا أنها التمهيد الأول العلنى الصارخ والواضح الذى أعلن أن هناك مثقفين بمصر يرفضون حكم الإخوان المسلمين، حتى إذا تغير وزير الثقافة، فقد تستمر الحركة إلى ٣٠ يونيو، ويرحل هذا الحكم الفاشى، ونظرا لصعوبة هذه الأيام العصيبة والشاقة الرائعة لتلك الحركة، التى بسببها تشعره بالفخر لكونه أحد المسئولين عن جزء منها، محققا نجاحا كبيرا ومؤثرا، ممثلا في النشاط الفنى الذى حقق صدى كبيرا محليا ودوليا، في ظل تواجد بعض القنوات الدولية التى ساندت هذه الحركة مباشرة ورصد المشهد لحظة بلحظة.


وقد نشأ من خلالها أفكار تجريبية رائعة منها: مسيرة «القباقيب» في ٣٠ يونيو، وكانت هذه المسيرة مستوحاة من شجرة الدر، حيث إن وزارة الثقافة تقع في شارع شجرة الدر بالزمالك وكانت هذه الفكرة من بين الأفكار التى اقترحتها المخرجة مها عفت، وحققت نجاحا كبيرا، إلى جانب الدور المنفصل للمعتصمين، بالإضافة إلى الشباب الذين هم أساس ووقود هذه الحركة، وقاموا بتأمين هذا الاعتصام مدافعا عنه بقوة حتى تحقق الحلم وحققت الثورة أهدافها في إسقاط حكم الإخوان المسلمين الفاشى من مصر.


وعن الإنجازات التى حققتها ٣٠ يونيو بالنسبة للجانب الثقافى، قال «عبدالمنعم». «لقد تخلصنا من كابوس كبير كاد أن يفقد الثقافة الوطنية المصرية هويتها، ويتجه بها نحو طريق آخر تجاوزته مصر من سنوات طويلة، خاصة التحديث بمفاهيم الدولة المدنية، والأخذ بالأسباب، وإعمال العقل، والتنوير، والاستنارة، وقبول الآخر، كل ذلك كان يؤدى إلى الانغلاق تماما، بالإضافة إلى فرض سيطرتهم على الوضع وكذلك مؤسسات الدولة بسرعة شديدة وغباء منهم ساهم هذا في التعجيل برحيلهم، وقد استطاعنا بهذا الرحيل استرداد أنفسنا ومؤسساتنا الثقافية ودورها التنويرى، أى استرداد هوية مصر التى نفخر بها جميعا وعدم السماح لأى شخص العبث بها، والعودة من جديد".