الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من الحصاد الثقافى في عام التحديات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلنت وزارة الثقافة من خلال مجلسها الأعلى منذ أيام أسماء الفائزين بجوائز الدولة، ويحسب لهذا العام قلة اللغط الذى كان يصاحب إعلانها لردح من الزمان ويصل أحيانًا إلى مستوى المواجهة بين العام والخاص ربما بحكم الشخصنة أو التعصب لشخص أو فئة بعينها على حساب الآخرين. ولذا فإننى في المبتدأ أتوجه بالتهنئة للفائزين وللدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة وأمين مجلسها الدكتور هشام عزمى. ذلك أن تقليل الاحتقان المصاحب للإعلان لم يكن لانشغال المجتمع بجائحة الكورونا بل بحكم ارتفاع نسبة موضوعية الاختيار من بين المرشحين، لتبقى مسألة القوائم القصيرة التى تحتاج لإعادة نظر في آلياتها غير المعلنة، فإذا كان الترشح في مستويات الجائزة تحكمه شروط معلنة فإن الدفع بعدد من الأسماء بضعف عدد كل جائزة إلى مضمار التصويت دون إعلان أسباب استبعاد أقرانهم من المرشحين، خاصة في مستوى الترشح للنيل والتقديرية الذى يمثل ترشيحًا مؤسسيًا، مما ينعكس بالحرج على طرفى الترشيح أى المؤسسة ومرشحها. كما أن ظاهرة حجب الجوائز لا سيما التشجيعية باتت مقلقة إذا ما اقترنت في ظاهرها بنضوب الإبداع في المجالات المتباينة، وهو ما أحسبه ليس كذلك بقدر ما تحتاج هذه الجائزة إلى قبلة حياة من نوع خاص تضفى عليها حيوية التشجيع لتظل إسمًا على مسمى. وعلى أية حال فإن تقييم هذا الجانب في نشاط الوزارة ومجلسها سيستلزم منا عودة ذات طبيعة تفصيلية في حينه بإذن الله.
وإذا كان إعلان الجوائز يمثل نهاية دورة لمناشط المجلس تعقبها استراحة محارب قبل الشروع في الدورة التالية لا سيما في لجانه المتعددة، فأحسب أن من حق المعنيين بالعمل الثقافى أن نشد على أيديهم فيما تم هذا العام تحديدًا حيث تواكبت هيكلة لجان المجلس الأعلى مع مستحدثات العصر بعدما تم دمج لجان بعينها كالتاريخ والآثار في حين ظهرت أخرى تتعلق بالمواطنة وحقوق الإنسان مثالًا لا حصرًا. فكان هذا التوجه بمثابة رسالة عملية على طبيعة استيعاب المكون الثقافى لكافة متطلبات المرحلة لا سيما مع التأكيد على أهمية التوجه التقنى الذى بات مطلبًا من شأنه إضفاء المزيد من الحيوية والمرونة والانتشار للمنتج الثقافى، كما يمكنه استمالة الشباب بعدما باتت كلمة ثقافة وكأنها مرتبطة بالماضوية في سياق صراع الأجيال. وهى نقطة تحسب دون شك إلى العطاء الثقافى القائم مع تمنياتى بأن تتوسع هذه اللجان المستحدثة في نشاطاتها من خلال قصور الثقافة من أجل التفاعل الإيجابى المطلوب بين التنظير والتطبيق. 
ونحمد الله أن إحدى أهم المناسبات الثقافية الدولية وهو معرض الكتاب قد أفلت من قبضة الحظر الكورونى، كما أحسن المسئولون صنعًا باختيار جمال حمدان –طيب الله ثراه- شخصية العام للمعرض. وكلى أمل في قضية اختيار الشخصية أن يتم بالتوازى معها اختيار شخصية ثقافية عالمية، لتدرك الناشئة بالبرهان الثقافى إن جاز التعبير أن أرباب الفكر والثقافة في الوطن الأم لا يقلون توهجًا وعطاء من نظرائهم في أرجاء المعمورة. فإذا كان الاختيار يضفى ثقلًا على فعاليات النشاط الموازى للمعرض، فإن التناول المقارن من شأنه إضفاء المزيد من الألق في فهم الشخصية الوطنية المختارة، وما أكثرها في حياتنا الثقافية الحديثة والمعاصرة، ممن حملوا مشاعل التنوير وسطروا بمداد الفكر رؤى وضاءة ما نزال نحيا بها مثلما تحيا أسماؤهم بها. 
ولعل هذا التناول السريع لبعض المحطات في واقعنا الثقافى وحضورها الواثق فيه قد جعل المواجهة القومية لأزمة كورونا على المستوى الثقافى ترتفع إلى مستوى الحدث ومواجهته بحرفية وفق الإمكانات المتاحة. حيث جعلت الوزارة شعار " خليك في البيت.. الثقافة بين إيديك" بمثابة رسالة مضمونها "لست وحدك"، فجاء التنوع في البث ليرضى كل الأذواق بل ويستدعى للذاكرة العديد من المناشط الناجحة التى شهدتها الساحة الثقافية. وهو نشاط نتمنى استمراره بذات التدفق والحماس حتى بعد قرارات عودة الحياة لاعتياديتها، على أمل أن يصبح هذا التوجه ضمن منظومة العطاء الثقافى للوزارة وبما يحقق الأهداف المأمولة وعلى رأسها بعث الخصوبة المستدامة في حقل العطاء الإنسانى المستنير.