الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

نذر الحرب تلوح في سماء تركيا واليونان.. تجدد النزاع على بحر إيجة وجزر إيميا وتقسيم قبرص.. قنابل موقوتة بين الجارتين اللدودتين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى ظل أطماع أردوغان التوسعية للسيطرة على غاز المتوسط، تشهد العلاقات بين تركيا واليونان توترا شديدا فى أعقاب اتفاق أنقرة على ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطنى بطرابلس، وإرسالها سفنا للتنقيب عن النفط والغاز فى المناطق التى تعتبرها اليونان جزءا من منطقتها الاقتصادية الخالصة، وهو ما يطرح السؤال: هل تشهد 2020 حربا بين اليونان وتركيا؟

وتأتى الإجابة عن السؤال من رئيس هيئة أركان الجيش اليونانى قسطنطينوس فلوروس، والذى هدد تركيا من الإقدام على اجتياح بلاده، مؤكدا الاستعداد لـ"حرق من يضع قدمه" على الأراضى اليونانية. 
وقال رئيس الأركان اليوناني، فى تصريحات نقلتها قناة "أوبن" التليفزيونية اليونانية: "سنحرق من يضع قدمه على الأرض اليونانية قبل أن نتأكد من هو".
وأكد فلوروس أن احتمال وقوع نزاع عسكرى مع تركيا قائم فى حال أقدمت أنقرة على تخطى "الخطوط الحمراء".
ولفت إلى أن "النزاع العسكرى محتمل، وليس بوسع أحد أن يستبعد هذا الاحتمال، وفى حال حدث أى شيء من هذا القبيل، فهذا لن يقتصر على نقطة واحدة، بل ستتسع رقعته فورا".
وأضاف أن "من سيهاجم القوات المسلحة اليونانية سيدفع ثمنا باهظا، والجيران يعرفون ذلك".
وأكد أن أثينا تعرف ماذا ستفعل فى حال تعرض اليونان لأى اعتداء.
بداية التصعيد
وكانت بداية التصعيد بين البلدين فى أبريل الماضى 2020، حيث تتعدد الملفات الملتهبة بين البلدين، خصوصا السيادة على جزر إيميا، والنفوذ فى قبرص وبحر إيجة، بالإضافة إلى التنافس على غاز المتوسط بين البلدين الجارين.

السيادة على جزر إيميا
كانت الخارجية التركية قد أصدرت بيانا زعمت فيه سيادتها على "إيميا"، وقالت إنها "لن تقبل بأى أمر واقع من الجانب اليونانى نحو التكوينات الجغرافية فى بحر إيجة".
من جانبها، ردّت الخارجية اليونانية بتحذير أنقرة من المساس بجزر إيميا، مؤكدة أن سيادتها عليها "أمر مسلّم به ولا شك فيه".
ويبرز الخلاف حول سيادة جزر "إيميا" بين البلدين من الحين والآخر؛ ففى 29 يناير 2017، قالت وزارة الدفاع اليونانية إن بارجة تركية قاذفة للصواريخ دخلت المياه الإقليمية اليونانية قرب جزر "إيميا".
وأوشك الخلاف بين البلدين أن يصل عام 1996 إلى اندلاع حرب، لولا ضغط كبير من الولايات المتحدة، وذلك بعدما أسقطت تركيا مروحية يونانية وقتلت 3 ضباط كانوا على متنها فوق إيميا.

بحر إيجة وتقسيم قبرص
تتنازع كل من أنقرة وأثينا السيادة على بحر إيجة، لكن اليونان انتزعت الحق فى جزر بحر إيجة منذ عام 1913 (حرب البلقان). وذلك رغبة فى الاستفادة من مزايا إيجة العسكرية والاقتصادية خاصة النفط.
ويطل على إيجة، الذى توجد به جزر كثيرة تعرف بالأرخبيل اليوناني، كل من تركيا واليونان.
أما أزمة قبرص فتتلخص فى تدخل القوات التركية عسكريا منذ عام 1974، وهو ما أدى إلى انقسام الجزيرة إلى شقين: قبرص الشمالية ذات الأغلبية التركية، وهى تابعة فى تسيير أمورها لأنقرة، وقبرص اليونانية (فى الوسط والجنوب).
ومع مرور أكثر من 40 عاما على إعلان استقلالها، لا تحظى قبرص الشمالية باعتراف دولى إلا من تركيا.

غاز المتوسط
لطالما رغبت تركيا فى السيطرة على موارد الغاز القريبة من قبرص فى البحر المتوسط، وما أتبع ذلك من رفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين القاهرة وقبرص الموقعة عام 2013.
وردا على ذلك الرفض، أعلنت كل من مصر وقبرص، فى فبراير 2018، تمسكهما بالاتفاقية كما حذرت القاهرة أنقرة من أى محاولة للمساس بسيادتها على المنطقة الاقتصادية الخالصة فى المتوسط.
وتوّج التفاهم المصرى القبرصى حول الاستفادة من غاز المتوسط، بإبرام البلدين نهاية فبراير 2018، اتفاقا مبدئيا لإقامة خط أنابيب غاز من قبرص إلى مصر.
وقال وزير البترول المصرى طارق الملا، حينها، إن ذلك الاتفاق يسهم فى تحويل مصر إلى مركز إقليمى لتجارة وتداول الغاز والبترول ليكون بمثابة مركز إقليمى للطاقة.
وعلى الجانب التركي، قال مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركية: "لا يمكن لأى جهة أجنبية أو شركة أو حتى سفينة إجراء أى أبحاث علمية غير قانونية أو التنقيب عن النفط والغاز فى الجرف القارى لتركيا والمناطق المتداخلة فيه.
ورغم المحاولات التركية فى منع التنقيب بالقرب من قبرص، إلا أن قبرص فوتت الفرصة على الأتراك عبر السماح لشركة إينى الإيطالية بالتنقيب عن الغاز فى 6 مناطق، وهو ما عده البعض صفعة كبيرة لأنقرة.

العسكريون الفارون لليونان
اكتسب الخلاف بين أنقرة وأثينا شكلا جديدا بفرار ثمانية عسكريين أتراك، شاركوا فى محاولة الانقلاب الفاشلة على نظام أردوغان فى يوليو 2016، إلى اليونان.
وفى يناير 2018، أعلنت الحكومة اليونانية أنها لن تسلم الضباط الأتراك سواء تم منحهم حق اللجوء أو لا، مشددة على أن التأكيد على استقلالية القضاء اليونانى والتزام الحكومة بقراراته. الأمر الذى أثار استياء ورفض تركيا للقرار اليوناني.

ورقة اللاجئين
فى مارس 2020، استدعت وزارة الخارجية التركية، السفير اليونانى لدى أنقرة للاحتجاج على "انتهاكات" للمياه التركية ولتحذير اليونان بشأن وحداتها المنتشرة على الحدود، وفق ما أعلن مصدر دبلوماسى تركي.
وكان حرس الحدود اليوناني قد أعلن، حينها أن سفينة تابعة لخفر السواحل الأتراك صدمت أحد زوارقهم، وأن أضرارا طفيفة أصابت الزورق.
والعلاقات متوترة بين اليونان وتركيا منذ إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أواخر فبراير 2020، فتح الأبواب أمام اللاجئين لمغادرة تركيا.
وتوجّه الآلاف منهم هذا الشهر إلى الحدود البرية مع اليونان، حيث استخدمت السلطات اليونانية الغاز المسيل للدموع لمنعهم من العبور إلى الأراضى اليونانية، وقد سجّلت أعمال عنف وتجريد للمهاجرين الذين يحاولون اختراق السياج الفاصل من مقتنياتهم.
وصعد أردوغان انتقاداته لليونان قائلا إن "لا فرق بين ما فعله النازيون وتلك الصور من الحدود اليونانية".
ونفت اليونان اللجوء إلى العنف واتهمت تركيا بدفع الناس اليائسين للقيام بمحاولات خطيرة للدخول إلى أوروبا.

حرب كلامية
وفى مايو الماضى 2020، اشتعل التراشق الإعلامى والدبلوماسى بين الحكومتين، حيث عبّرت الخارجية التركية عن انزعاجها من تصريحات وصفتها بأنها مسيئة وصدرت عن وزير الخارجية اليوناني، حيث انتقد الناطق باسم وزارة الخارجية التركية حامى أقصوى، بشدة، وزير الخارجية اليونانى نيكوس دندياس، لوصفه تركيا بـ"الدولة البربرية".
إلا أن كلام المسئول التركى لم يثن اليونانيين عن الرد، فقد ذكّرت أثينا أنقرة بأن أردوغان كان وصف اليونان بدولة ذات ممارسات نازية.
وشرح وزير خارجية اليونان تفاصيل العلاقة مع تركيا، كاشفا المصاعب التى تكتنفها فى حوار أجرته معه إحدى المحطّات الإذاعية اليونانية مؤخرا، حين قال إن هنالك مشكلات مزمنة ومتكررة مع تركيا تواجهها اليونان.
وأضاف قائلا إنه من المحزن أن تركيا، وفى خضم أزمتها والأزمة العالمية الحالية بسبب فيروس كورونا، تنبش فى مشكلات لا وجود لها ولا مبرر لها، وذلك بدلا من إيجاد حلول للمشكلات القائمة والعالقة بين البلدين.
وأشار الوزير اليونانى إلى أن مشكلات تركيا ليست فقط مع اليونان، وقال: "انظروا إلى الطريقة التى يعبر بها العديد من المسئولين الأتراك والمسئولين الحكوميين عن أفكارهم ووجهات نظرهم، والتى غالبا ما تذكرنا بعمل عسكرى وشيك"، بحسب تعبيره.
وتابع: "يجب أن تفهم الحكومة التركية أن عليها العمل فى إطار القانون الدولي".
كل هذه المؤشرات وغيرها تزيد من احتمالية قيام حرب عسكرية بين تركيا واليونان فى 2020، إذا أضيف لها أطماع أردوغان فى غاز المتوسط والحالة الاقتصادية التى تمر بها تركيا.