الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

زينب الحكيم في فزان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وقف رجال مستنيرون في صف النساء لنيل حقوقهن منذ أواخر القرن التاسع عشر، برزت تلك النداءات المطالبة في شكل تصدٍ معلن على المنابر الخطابية، وفي الميادين، وعلى الصحف، كانت أصواتهم معللة ذلك الانحياز، ومنهم رجال أصدروا كتبًا تناقش المسألة النسائية/النسوية، قضية المرأة ولزوم تحررها من السلطة الجائرة الأبوية/ المجتمعية متخذة من الدين والأعراف ستارًا، فتُمنع المرأة من التعليم أو العمل أو ولوج مجالات ظلت حكرًا على الرجال، كالانخراط في المجال السياسي، ونشاطات المجتمع المدني، ففي ليبيا برزت كتابات محمد فريد سيالة منذ أواخر الأربعينيات، المُعادل لقاسم أمين مصر، والطاهر حداد تونس، في تبنيه ودفاعه عن كسر قيد النساء، في مقالات متتابعة، ثم إصداره كتابًا بالخصوص بعنوان "نحو غدٍ مشرق"، ونذكر أيضًا المفكر الصادق النيهوم، والكاتب الناقد يوسف القويري، ورشاد الهوني، وأحمد الحصايري، وأحمد إبراهيم الفقيه، ورضوان بوشويشه، وإدريس الطيب، وغيرهم من قائمة تطول، ما زال نقدهم ومواجهتهم للذكورية المتسلطة بالمنع والحجب، ومعالجاتهم لأوضاع النساء محفوظة في أرشيف الدوريات جرائد ومجلات، وفي مسار توثيقي لتاريخ وسيرة ناهضات ليبيا يندر في معرض إجابتهن عن أسئلتي حول تفاصيل سيرتهن ألا يذكرن مناصرين داعمين من رجالات العائلة أبا أو زوجا، أو من تشاركوا وظائف معهن، بل من دفعوا لقاء ذلك تنمرا ونعوتا مهينة جراء مواقفهم تلك، ومن رجال ناصبوهم العداء بتهمة إفساد أخلاق النساء، إذا ما تعلمن أو ولجن المجالين العام والخاص. 
نموذج ومثال المناصرين هو الكاتب الصحفي، ورئيس تحرير جريدة "فزان" محمد عمر الطشاني مؤمنا بحق المرأة في الكتابة والتعبير عما يشغلها، وما تأمل أن يتحقق لها، ومن ذلك تعاقده مع الصحفية والإعلامية زينب الحكيم من مصر، إذ تعرف عليها وعلى نشاطاتها مذ كان طالبا بالقاهرة، وسيكلفها بمفتتح قسم للمرأة بجريدة فزان، فتكتب مقالها، وتحرر مايرد من مشاركات، وتعد مادة مختارة تقدم فيها المعارف العلمية والاقتصادية، كما وتترجم مايجعل المرأة مواكبة للحاصل من تطورات حولها القريب منها والبعيد.
قصة زينب الحكيم مع الصحافة الليبية وتحديدًا صحافة المرأة، زمن الانشغال بنهوضها وإثبات موقعها في بناء دولة الاستقلال، ستشرعه بمقال في زاويتها "تَقدُمة" تعرف فيه القراء عن مهمتها بالجريدة، إذ تقطع برحلة الطيران المسافة بين القاهرة ومدينة سبها جنوب ليبيا مايقارب الألفي كيلومتر، وقد ظهر أول مقال لها في زاوية المرأة التي تشرف عليها، في الثامن والعشرين من مارس العدد 129 في عام 1962م (السنة الثالثة لإصدار جريدة فزان)، وندين للموثقة الأديبة شريفة القيادي في كتابها الباحث عن "رحلة القلم النسائي الليبي" إذ لاتهمل كل الاقلام التي ساهمت في رفد المساعي والجهود المحرضة والمحفزة لأدوار النساء الليبيات من الشقيقات العربيات الفاعلات، ومنهن معلمات مربيات، وقاصات وشاعرات وصحفيات وإعلاميات، عشن وأقمن بأكثر من مدينة ليبية، وأحدثن أثرًا، فزينب الحكيم تبدي أملها في أول مقال لها، وقد تابعت نشاط أقلام نسائية في ولايتي برقة وطرابلس، بأن تلحقها كاتبات إقليم فزان، خاصة أنهن برزن في مجالات التعليم والصحة والعمل التطوعي، وترى زينب أن الكتابة أيضا لها دور في التوعية والتثقيف وبموازاة كتابة النصف الآخر، الذي لن يكتب مثلهن وبقدر مقارب عن همومهن الخاصة والعامة، وما يقاسينه من تهميش وإقصاء.
تتوقف الصحفية زينب الحكيم عن إشرافها على صفحة شئون المرأة بعد سنتين (الرابع والعشرين من ديسمبر 1962)، لتستلم قسم شئون المرأة الكاتبة ابنة بنغازي خديجة الجهمي، الإذاعية والشاعرة الغنائية، ومن ستترأس أول مجلة للمرأة الليبية (المرأة الجديدة) عام 1965، وأثناء بحثي على الجوجل عن زينب، وجدت فيديو وحيدًا لها على اليوتيوب، كقارئة للنشرة الإخبارية بالقناة المصرية، وإشارة إلى كونها إذاعية رائدة في مجال العمل الإعلامي، وهي رائدة في ليبيا أيضا فقد عاصرت كبار كتاب ليبيا بجريدة فزان، أمثال يوسف القويري، وسعد نافو، والمناضل عبدالرحمن الجنزوري. والجريدة سجلت في سيرة الصحافة الليبية، كعنوان للنقد الموضوعي، ولها موقعها الوطني حيث اليسار الليبي برموزه، وعلى رأسهم المناضل فاضل المسعودي كانوا من أكسبوها تاريخا في المعافرة بالرأي والرأي المعارض.