الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عربي في باريس!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للسير الذاتية وهج وطاقة تنتقل إلى قارئها، ترصد سنوات الدهشة الأولى ولحظات الأمل والأحلام وتكشف المخاوف وكيفية التغلب عليها، فبعد سنوات من العمل والترافع فى القضايا الدولية فى أوروبا وأمريكا، قرر القانونى السعودى البارز د. صالح بن بكر الطيار، كتابة سيرته الذاتية وقصة نجاحه ورحلة حياته من المدينة المنورة إلى باريس.
تجعلنا هذه السيرة التى تلتحم بتاريخ العالم العربى نعايش أحداثا لم نعرفها عن قرب قرأنا عنها فى كتب التاريخ لكن كواليسها الإنسانية تظل غائبة ومحجوبة عنا!. الكتاب يحمل عنوان «سيرة ومسيرة» عن الدار المصرية اللبنانية نرصد معه ملامح شخصية د. الطيار منذ الطفولة والعوامل التى هيأته للوصول إلى تلك المكانة الدولية ورفع اسم المملكة عاليا فى كافة المحافل. وهو الذى تجدد انتخابه أمينا عاما للغرفة التجارية العربية الفرنسية مؤخرا، وأصبح رئيسا لمنظمـة العـدالة الدوليــة بباريس، وعضو العديد من الجميعات الدولية القانونية. 
تتخذ السيرة من البوح والمكاشفة منهجا واضحا يبرز فيه الطيار آلامه وأحزانه قبل أن يبرز نجاحاته وانتصاراته وعلاقاته برؤساء العالم، فالقارئ سيرى عبر محطات حياة الطيار تاريخ الأمة العربية وسيتعرف على تاريخ المملكة العربية السعودية منذ عام 1956 حين ولد «الطيار» ثم مراحل حياته والتطورات المتلاحقة للمملكة وصولا إلى النهضة السعودية الحالية. 
جاءت المقدمة بقلم القانونى المخضرم د. مفيد شهاب، والتى يهيئ عبر سطورها القارئ لأهم مواقف وخبرات الطيار، ليروى الطيار بصدق وحنين ذكريات طفولته فى المدينة المنورة وتأثير والدته المصرية عليه «أمي.. مفتتح وعيى ونقطة ضعفي»، كاشفا عن عمله بخدمة زوار المدينة المنورة وعمله كصحافى أثناء المرحلة الثانوية كمراسل لصحيفة السفير اللبنانية، وذلك لمساندة أسرته وتحمله المسئولية منذ نعومه أظافره فى ظل ظروف اجتماعية صعبة لا مجال فيها للتمتع بالرفاهية حيث كان الشباب السعودى قبل طفرة النفط لا يتمتع برفاهية الجيل الحالي. 
وفى سرد متدفق، تأخذنا سيرة الطيار للأحداث التاريخية والحوادث الكبرى فى تاريخ أمتنا العربية فى القرن العشرين ومنها حريق المدينة المنورة عام 1977 م فى عهد الملك خالد «حريق الشونة» الذى حول شوارع المدينة إلى شعلة من النار وأدى لانهيار قصور وقلاع تاريخية. ثم نتعرف معه على بداية عهد الملك فيصل حينما خرج من المدرسة فى الصف الثانى الابتدائى مع أهل المدينة جميعا لمبايعة الملك فيصل على عرش المملكة، يتطرق بعدها للعلاقة بين الملك فيصل وجمال عبدالناصر وتحولاتها الدراماتيكية. 
ويبرز «الطيار» أهمية فترة التعليم الجامعى التى قضاها بالقاهرة فى فترة مليئة بالتغيرات السياسية والاجتماعية فى الفترة من عام 1978 ولمدة أربع سنوات فى فترة حرجة شهدت قطع العلاقات مع مصر أثناء دراسته بكلية الحقوق ثم اتخاذه قرار استكمال الدراسات العليا بفرنسا دون اتقان كامل للغة؛ ليستمتع القارئ بتقاصيل هذه المغامرة الباريسية فى فصل بعنوان «تذكرة جدة- باريس بلا عودة».
أصبح «الطيار» أول مستشار قانونى سعودى فى باريس، وحصل على وسام من الدرجة الأولى من الرئيس الفرنسى جاك شيراك تتويجا لجهوده فى توطيد العلاقات الفرنسية السعودية. 
وبعد غزو العراق الكويت وأوضاع منطقة الخليج فى ذاك الوقت قرر تأسيس مركز للدراسات عام 1992 ليفضح المخططات التى تستهدف المملكة بأساليب علمية فكان «مركز الدراسات العربى الأوروبي»، حيث لقى تشجيعا من الدكتور عصمت عبدالمجيد، أمين عام الجامعة العربية آنذاك. 
ويتحدث عن الندوة الدولية لجمع الوثائق القانونية التى تثبت ملكية الإمارات للجزر التى تحتلها إيران. يثرى د. الطيار سرد الوقائع بعدة نصائح أو أبيات شعرية ينقل للقارئ ما يؤمن به وما اختبره من تجارب ومبادئ خلال رحلته.
أهم ما فى الكتاب هو الجزء المعنون «شهادة من القلب عن السعودية ومصر» إذ يقدم للأجيال الجديدة تاريخ العلاقات المصرية السعودية عبر سرد شيق لدور الدولتين فى العالم العربي، مطالبا الجيل الجديد فى مصر بعدم السماح لأحد بطمس تاريخ مصر ومطالبا السعوديين بتنفيذ وصية الملك عبدالعزيز بمصر.
وسوف يخلص القارئ إلى أن الحياة رحلة اختبارات ويرضى بالقدر مع التسلح بالعزيمة والإرادة ويختتم سيرته قائلا: «لم أخسر قضية ولم أندم على قضية فى حياتي، كما لم استهدف الخصم بالخسارة وكنت أراعى الله والقانون وعدم الفحش فى الخصومة، وكانت وجهتى دائما الحل الودى ليربح الجميع».