الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رفقا بوالدينا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مايقارب الثلاثة أشهر، على وضعية الحجر الصحى الكورونية، ولعلها أكثر أذا ما حسبت مقالى الأول عنها عقب معرض الكتاب الدولى بالقاهرة،و لقائى الشاب الصينى بجناح بلده، والمنزعج من توصيف ترامب بأن الجائحة صينية المفعول،وعلينا أن نترك الصين فى شأنها، مع توصيفات كراهية أخرى عن مصاب الصين، وذلك معتاده شفاهة، وتدوينا لحظة أستلم الكرسى المعبر عن صعود الشعبوية المتطرفة بأمريكا. 
شرع العالم فى احترازات أربكت مفاعيل البشر فى حياتهم اليومية، بل وضربت باقتصاديات معيشهم، وألقت بظلال بطالة، وانغلاق خدمى رسمى وخاص ،فاق أثره حوادث سبقت، الشوارع خالية، والمحلات مغلقة، وصناديق الموتى انقرضت حال إيطاليا وإسبانيا.وشهدنا أقسى وأبشع صورة،ما ظهر فى مجتمعات أوروبية،حين مارسوا أساليب نازية،القتل التعسفي تجاه كبار السن العجزة،وكثيرهم دافعوا ضرائب تأمينية، لأجل أن يحوزوا رعاية صحية يضمنها قانونهم فى عثرة كِبرهم،وكلنا يتذكر برنامج أوباما كير الذي شرعه أثناء ولايته،وأوقفه ترامب الذى براجماتيته الانتخابية ساعة كورونا جعلته يعيد النظر ويجدوله ضمن آلية مكافحة الوباء.
وكنت زرت رفقة فريق صحفى دولى أثناء دورة تدريبية تعليمية، دار رعاية بسان فرانسيسكو 2009م، إذ موقع غابى يشع بالأخضرار، بداخله مبنى دار كبار السن، يشرح النفس بألوان الحوائط،وزهوة الغرف والأسرة، المزدانة بصورهم وذكرياتهم، وبعض نتاجهم من لوحات تشكيلية، رسوم وكولاج، وصناعات يدوية، ولجنا مكتبة صغيرة،كان إعلان طلب التبرع بالكتب معلقا أعلى طاولة المشرفة عليها، وقد فاجأونا بلوحة صفت عليها أعلام دولنا ترحيبا بنا.
وكما حكى لنا نماذج منهم عن أجراءات التحاقهم بالدار، وحجزهم المسبق، نظير مبلغ مقتطع على مدى سنوات عمرهم الوظيفى، ما نتاجه أن يحظى با
لإقامة والعناية المدفوعة الأجر فى ملجأ العجزة، وذلك ما جعلنى ومن بعض واقع حال عندنا،حين يقع إهمال أبناء عاقين يرمون بوالديهم فى دور عجزة عاجزة عن إيوائهم، واعتقدت أن حلا كهذا يحفظ كرامة الأمهات والآ
باء الذين رماهم حظهم العاثر فى "ضَنوة" قاسية القلب، فلهم أن يدفعوا قسطا من مرتبهم،مخصوص بحجزهم أماكن إقامة مقننة،وموافية لشروط التأمين الصحى والغذائى حتى وفاتهم بما فى ذلك ترتيب جنازة تليق بكرامتهم. 
وما لفتنى فى تلك الزيارة جملة من الشباب والشابات المتطوعين من خصصوا بعضا من وقتهم لتمضية وقت مفيد وممتع يدلل على فعل التكافل والتقدير الإنسانى الذى يُزرع مبكرا فى النشء، رأينا بعضهم ينتحى ركنا يعزف ويغنى لمجموعة منهم، وشابة تجلس على الأرض تمسك كتابا وتقرأ بدا وكأنه سيرة ذاتية لعظيم قدم للإنسانية عملا مفارقا،وكانت نقاشات ومداخلات من الكبار، من يقدم أضافة بكونه قرأ الكتاب أو معادلا له فى الموضوع، وسيدة مسنة تشير ضاحكة إلى أن الفاعل الملهم كان مقدرا ومحبا للنساء وقصص تقديره معبر عنها فى آرائه
التى دونت بالسيرة، كنا فى جولتنا كصحفيين زوار، نعرج على تلك الجماعات الشابة المتطوعة حتى خروجنا إلى الغابة،حيث صفت كراسي مريحة أخذنا نصيبنا من القعود عليها، وشاهدنا شابا من المتطوعين يدرب بعضهم على رياضة اليوغا، لحظات سكون متربعين كما لو أنه يتأملهم مُكبرا جيلهم، ويتأملونه شاكرين كرم عرفانه، وغير بعيد من موقع الغابة، جماعة من الكبار تمددوا مسترخين على الأعشاب وكانت أشعة الشمس تنعكس بخطوط منكسرة على قبعاتهم السعفية الصفراء التى غطوا بها وجوههم وهم متمددون على بساط أخضر بهيج، فبدا المشهد لوحة فنية سيدها الإنسان المتناغم مع الطبيعة، الإنسان الذى جرى التضحية به على مذبح البشاعة الكورونية.