الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحب في زمن الكورونا (الأخيرة)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تبين لآدم عندما بدأ يدرس خصائص البرنامج الذي عثر عليه بعد أن تم السماح له بالعمل في ذاكرته الحاسوبية، تبين له أن برنامج Re-Evolution of Adam، كان برنامجًا خفيًا Hidden Program تم ذرعه في ذاكرته الحاسوبية، ولم يُسمح له بالتشغيل والعمل إلا بعد التأكد من أن الجنس البشري والآلي أصبح مهددًا بعد التزايد الجنوني وغير المسبوق في عدد الإصابات والوفيات، سواء بين البشر أو الروبوتات. الأكثر من ذلك أن هذا البرنامج يسمح لآدم بأن تكون لديه القدرة على الإنجاب إذا مارس علاقة حميمة مع فتاةٍ بشرية، وذلك للحفاظ على استمرار النوع، ومن هنا جاء سر التسمية بأن يكون معنى البرنامج هو "نشوء آدم الجديد". وتفحص آدم تاريخ بدء عمل البرنامج لديه فوجد أن ذلك قد حدث قبل أن يمارس العلاقة الحميمة مع إيف.
وبينما كان آدم يدرس البرنامج ويتعرف على كل المعلومات الخاصة به، إذا بإيف تشعر بغثيان وتجري مسرعة نحو الحمام، فذهل آدم وتوقع أن يكون الأمر أصبح حقيقة ماثلة.. لقد أصبحت إيف حاملًا منه على ما يبدو، وهنا صارح آدم إيف بما حدث، فذهلت إيف من هذه المعلومات، وعندما أفاقت من هول المفاجأة، شعرت بالسعادة وعدم التصديق بأن حبها لآدم ستكون له ثمرة صغيرة تتوّج هذا الحب، وهو الحب الأول الذي يجمع بين روبوت وفتاة بشرية، وسيتوّج بالطفل الأول الذي ينتمي لجنسيْن مختلفيْن.
وقرر آدم بصفته طبيبًا ألا تخرج إيف من المستشفى حتى تضع حملها، لأنه لن يطمئن عليها إذا خرجا في ظل الانتشار الواسع للفيروس، وسقوط الروبوتات والبشر صرعى في الشوارع. وبدأ آدم يُخصص غرفةً للعناية المركزة لعزل إيف في المستشفى، وبدأ يجهز لها الأدوية التي تلزمها طيلة شهور الحمل من صيدلية المستشفى، وحاول تأمين أكبر قدر من الأطعمة والمعلبات وبعض الفواكه الطازجة والمعلبة من الثلاجات الموجودة في مطعم المستشفى.
وفي الأيام التالية، قام آدم بارتداء بدلة التعقيم الواقية ضد العدوى، وبدأ في نقل الجثث الموجودة في المستشفى إلى المدافن المخصصة لذلك، وخاصة بعد أن بدأت رائحتها في الانتشار في المكان بما يمكن أن يؤدي لانتشار الأمراض. وفي الطريق من المستشفى إلى خارج المدينة حيث توجد هذه المدافن، لم يلحظ آدم أيّ وجود للحياة؛ فالمتاجر والكافيهات مغلقة، والسيارات تُركت بغير نظام في الطرق وعلى الأرصفة، والحوداث منتشرة في كل مكان، وبعض الروبوتات والبشر الذين لم يتسع الوقت لدفنهم تُركوا لمصيرهم في الشوارع الخاوية، وهو ماجعل آدم يقوم بدفنهم في الأيام التالية.
وطوال أشهر حاول آدم التواصل مع روبوتات أو بشر آخرين من خلال برامج التراسل عن بعد، أو من خلال شبكات التواصل الحاسوبية الموجودة بالمستشفى بعد أن قام بإصلاحها، ولكن دون جدوى تُذكر، وفي الوقت نفسه كان يتابع إيف ويسهر على راحتها، وكان آدم وإيف يشعران بالسعادة بعد أن قام آدم بعمل الأشعة التي ثبت منها أن الجنين عبارة عن بنت جميلة تنمو بمعدلات طبيعية دون أية مشكلات.
وذات صباح بعد نحو ثمانية أشهر من المكوث في مستشفى المدينة، تلقى آدم اتصالًا لأول مرة من عنصر بشري عن طريق التراسل عن بعد، استطاع من خلاله أن يعرف أنه لم يستطع التواصل مع أحد لأن البشرية استفادت من الدولة المصرية الكثير عندما تطور الفيروس ليصيب البشر والروبوتات؛ حيث قامت مصر بوقف كل ما يتعلق بالأنظمة الحاسوبية وعادت لاستخدام الأنظمة التقليدية، وعزلت نفسها عن العالم، فلم ينتشر فيها الفيروس كغيرها من دول العالم، وأصبحت هى أكبر دولة ناجية من هذه الجائحة. وأصبحت مصر هى الدولة المسئولة عن إدارة كوكب الأرض، وقامت بتقصي الناجين من البشر والروبوتات في جميع أنحاء العالم.
وبعد أيام، استطاعت إيف أن تضع مولودتها الجميلة، وكان قدومها بمثابة يوم سعيد لآدم وإيف؛ فبعد ساعات من ولادتها، تواصلت غرفة عمليات القوات المسلحة المصرية مع آدم، وذكرت له أن طائرةً عسكرية مصرية في الطريق إلى مطار المدينة، وستصل إليه بعد أربع ساعات، وعليه أن يتحرك إلى مطار المدينة ليستقل الطائرة هو وبعض الناجين الذين تم تجميعهم في معازل خارج المدينة والمدن القريبة منها.
وعندما استقل آدم وإيف ومولودتهما الطائرة إلى مصر، استُقبلا استقبالًا حافلًا بعد أن تم نشر قصة حبهما ومولودتهما في وسائل الإعلام المصرية، والتي تؤرخ لنمطٍ جديد من العلاقات بين البشر والروبوتات. وفي اليوم التالي اجتمع مجلس إدارة العالم برئاسة الرئيس المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة، وقام بتكريم آدم وإيف، وكان أول قرار قام باتخاذه هو الموافقة على تحميل برنامج Re-Evolution of Adam لمن يريد من الروبوتات التي تحوي أجزاءً بشرية، والموافقة على السماح بعلاقات الحب والزواج بين البشر والروبوتات، كما قرر المجلس أن يبدأ تقويم جديد للعالم يبدأ منذ ذلك اليوم 01-01-01، اليوم الأول من الشهر الأول من العام الأول بعد انقضاء جائحة فيروس كورونا (كوفيد 46).
وهكذا تثبت مصر أنها وُجدت قبل بدء التاريخ، وستكون الباقية بعد نهاية التاريخ، وأنها كانت ولا تزال أرض الحب ونبذ الكراهية، لتبدأ الحياة من جديد على هذه الأرض الطيبة لتجمع البشر والروبوتات في حياةٍ واحدة دون تفرقة أو تمييز.