الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ننشر قصة من مجموعة "سبع عربات مسافرة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تنشر البوابة نيوز قصة من المجموعة القصصية "سبع عربات مسافرة" للكاتب محمد عبد المنعم محمد عبد الغنى زهران، والحاصلة على الجائزة الثانية، بمسابقة يوسف إدريس للقصة القصيرة والتي ينظمها المجلس الأعلى للثقافة، حيث ننشر مقطع من قصة "أصابعي منك في أطرافها قُبل" 
الآن يا صاحبي نحن مجرد عجوزين، نتذكر حكاية جميلة ونرويها فقط كما يروي العجائز حكاياتهم، لمجرد أننا نرغب في استعادتها، أو على الأقل استعادة أوقات جميلة مررنا بها. ولكن منذ البداية كانت هذه حكايتك أنت، أنت بطلها تحديدًا وليست السيدة أبدًا.أيا ما كان الأمر، فأنت في هذه الليلة تبادلت حديثًا طويلًا معهما. 
لا لم يكن حديثًا طويلًا، ربما كان وديًا بطريقة أو بأخرى، عندما رأيتهما ينهضان، خرجت من مكتبي واقتربت منهما، كان السيد يتأبط ذراعها، قلت إن هذه المائدة ستظل مخصصة لهما، قالا إنها مسافران وسيمضيان وقتًا لم يستطيعا تحديده، فشعرت بإحباط مفاجئ وقلت مرة أخرى إن المائدة ستظل لهما فقال السيد بصوت هادئ..
: إذا كنت مصرًا سيكون لطيفًا جدًا أن تحجز لنا المائدة كل أربعاء في الثامنة.
: طبعًا، بالتأكيد هذا من دواعي سروري. 
وضع السيد ذراعه على كتفها بينما يمضيان، فقالت لي:
: سنأتي يوما ما في الثامنة من مساء أي أربعاء.
قلت لها بينما أنظر إلى عينيها إننا جميعًا سنكون بانتظارهما، توقفا ثم صافحاني وأكتفيت بهز رأسي، إذ لم أجد كلامًا مناسبًا، تركاني وخرجا. بقيت قليلًا واقفًا، أنّبت نفسي لأنني رأيت من اللائق أن أرافقهما إلى الخارج. خرجت بسرعة وكانا قد أوقفا تاكسي ركبا ونظرا إلى ولوّحا، فلوّحت لهما. عدت إلى الداخل ولم أشعر بالموائد التى بدأت تفرغ من الزبائن.
.........
كل أربعاء ولسنوات طويلة تظل الشموع موقدة على المائدة الصغيرة في الركن الأيسر من المطعم، بجوار لوحة "السيدة التى تبتسم " من الثامنة حتى الثانية عشرة، وفي التاسعة تحديدًا توضع أدوات المائدة والأطباق الفارغة لشخصين، ويكون طبق السلمون المدخن أو البيكاتا بالشامبنيون معدًا وساخنًا فقط لأنهما قد يصلان في أية لحظة، لذا ينبغي أن نكون مستعدين. وفى أوقات كثيرة.. في ليال تالية كان باستطاعتنا تأمل زبائن دائمين على موائدهم، تتلامس أيديهم ثم ترتفع إلى شفاه تقبل أطراف أصابعها بلطف. بينما أجلس وصاحبي في مكتبي الزجاجي لنسرد تفاصيل أخرى ليست مهمة أبدًا، ونترقب: عجوزين سيأتيان بين لحظة وأخرى، في الثامنة من مساء أي أربعاء.