الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

حسن إسميك: التأويل شرط لازم لنجاح أي مشروع لتجديد الخطاب الديني

 حسن إسميك، رئيس
حسن إسميك، رئيس مجلس أمناء مركز استراتيجكس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال حسن إسميك، رئيس مجلس أمناء مركز استراتيجكس للدراسات والأبحاث، إن تجديد الخطاب الديني يستلزم جهدا كبيرا للكشف عن عناصر الثبات داخل منظومة الدين، والتي حدد أغلبها النص الديني نفسه، إما بشكل مباشر كالإيمان بالله وحده لا شريك له، وقد نصت عليها آيات كثيرة من قبيل: (إِن الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، أو أركان الإسلام كما في الحديث النبوي: (بُني الإسلام على خمس..)، ومثله أركان الإيمان الستة، وإما بشكل غير مباشر عبر الأحكام العقائدية والسلوكية التي تُعدّ من أصل الدين، أو ترتبط مباشرة بهذا الأصل، كالنطق بالشهادتين والإيمان والتصديق والتزام أحكام الشريعة وغيرها.
وأشار حسن إسميك في تصريحات صحفية إلى أنه على الرغم من أن ثنائية التراث والحداثة قد شغلت الفكر الإنساني، وما زالت موضوعًا حاضرًا حتى الآن، وتتطلب جدلية "الأصالة والمعاصرة" تطوير مشاريع الخطاب الديني في ظل رؤية واضحة لعلاقة التراث بالحداثة، بحيث لا يلغي الأول الثانية بحجة التمسك بالعقيدة وحفظ الإسلام، ولا أن تطغى الحداثة على الدين فيرفضها المجتمع ويحاربها نصرة لإيمانه ومعتقده، وهذا ما رأيناه في حالات كثيرة تحولت فيها مقولات بعض أنصار الحداثة إلى رفض الدين بالمطلق، واعتباره السبب الأول في التخلف عن ركب المعاصرة.
وأكد، أنه يقع على عاتق الخطاب الديني المتجدد مسئولية إنتاج وعي ديني مجتمعي يزيل عن التراث معيقات التقدم والمدنية، ويكيف مقولات الحداثة ومفاهيمها ورؤاها مع حاجات المجتمع وحدود تصوراته ومسلماته وقيمه.
ويرى حسن إسميك، أن استبعاد التأويل أدى إلى تعليب النص الديني وقولبته ضمن تفسيرات جامدة، والتمسك بها رغم تناقضها مع تطور العلوم واكتشاف الحقائق الكونية الجديدة، أو قصورها عن مواكبة تقدم المجتمعات وتبدل سماتها وحاجاتها ومشكلاتها. والأمثلة على ذلك كثيرة، كمشكلة كروية الأرض ورفضها من منطلق ديني، أو مشكلات تعليم المرأة وعملها وحقها بالريادة والوصاية على نفسها.
وشدد على أن التأويل ضرورة ملحة وشرطا لازما لنجاح أي مشروع تجديدي في الخطاب الديني، أما التفسير فلا غنى عنه كتاريخ للمعنى ومستودع للدلالات اللغوية التي يُبنى عليها اشتقاق المعاني الجديدة واستنباطها، في إطار مناهج تأويلية تعطي العقل الريادة على النقل، دون الإخلال باتساق منطق اللغة من جهة، ودون التناقض مع أصول الدين وثوابته ومقاصده الكلية من جهة ثانية.
وتابع: ولتحقيق قاعدة (لا إفراط ولا تفريط) ينبغي أن يتضمن الخطاب الديني المتجدد تفصيلًا واضحًا لأحكام الدين المطلقة الثابتة، وتعينات هذه الأحكام في الفتاوى النسبية المتغيرة، مع الحضّ على إعادة الاعتبار للاجتهاد كمصدر أساسي للتشريع، والتشجيع عليه، والبحث في مناهجه وطرائقه، مضيفا أن إغلاق باب الاجتهاد أدى إلى تخلف الخطاب الديني وتقصيره عن الاستجابة لمتطلبات المجتمع واحتياجاته.
وقال: إن هناك حاجة ماسة لاستخدام الفلسفة في تجديد الخطاب الديني، فلا يمكن قيام مشروع تجديدي إلا بإعادة بناء المفاهيم وتوضيح أطرها ودلالاتها ومقاصدها.
وأشار إلى أن الإسلام اليوم أحوج إلى الخطاب القائم على حقائق العلم الموضوعي، والاستناد إلى روح الوعي العلمي، وإلى فلسفات العلوم التي لم تغير تفاصيل أيامنا العادية فحسب، بل طالت أيضا رؤيتنا لذاتنا، وللكون من حولنا، ولتصوراتنا عن الوجود وماهيته، ومكانتنا فيه، لافتًا إلى أن الوعي العلمي هو الضامن الحق لتحقيق رسالة الإسلام وحضارته، وهو الذي حققها في عصور ازدهار الحضارة الإسلامية سابقًا. 
ونوه بأن جوهر مفهوم تجديد الخطاب الديني هو مخاطبة الجمهور بلغة العصر، وتوجيه أهداف الشريعة نحو الحفاظ على مصالح الناس وحقوقهم، وإعادة بناء الخطاب على قيم المعاصرة والحداثة، وعلى رأسها نبذ العنف وقبول الآخر والاعتقاد بالشراكة الإنسانية بين الجميع، واعتبار دنيوية الإنسان وحقه في العيش وإعمار الأرض، والحفاظ على حياته وكرامته، وبهذا يتحقق جوهر الخلق وغايته، ونكون لله خلفاء على هذه الأرض، تصديقا للآية الكريمة: (إني جاعل في الأرض خليفة).