الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

كاهن بإيبارشية طرابلس: المسئولون يتصارعون على المراكز الدسمة والشعب متروك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احتفلت إيبارشية طرابلس المارونية، اليوم، بسيامة الشماس ماريو دميان كاهنًا على مذابح الإيبارشية بوضع يد راعي الإيبارشية المطران جورج بو جودة في كنيسة مار أنطون بدير مار يعقوب في بلدة كرم سدة بقضاء زغرتا.
وعاونه في قداس السيامة النائب العام على الإيبارشية الخورأسقف أنطوان ميخائيل، والخوري سيمون طنوس، والخوري عبدو بو ضاهر، ولفيف من كهنة الإيبارشية، في حضور الأهل والأصدقاء.

وبعد قراءة الإنجيل، ألقى المطران بو جودة عظة قال فيها: "الكهنوت هو محبة المسيح وهو مساهمة معه في عمل الخلاص، والمسيح بذاته، وهو مع كونه في صورة الله، كما يقول بولس في رسالته إلى أهل فيليبي: لم يعد مساواته لله غنيمة، بل تجرد من ذاته متخذا صورة العبد وصار على مثال البشر وظهر في هيئة إنسان فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب، ولذلك رفعه الله إلى العلى ووهب له الإسم الذي يفوق جميع الأسماء، كيما تجثو لإسم يسوع كل ركبة في السماوات وفي الأرض وتحت الأرض ويشهد كل لسان أن يسوع هو الرب".

وتابع: "الكهنوت هو محبة المسيح التي تفوق كل محبة إذ أنها عطاء كلي للذات وتضحية بالذات في سبيل خلاص الإنسان: فهكذا الله أحب العالم حتى أنه جاد بإبنه الوحيد كي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية، وهو لم يرسل إبنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلص العالم (يو3/16-17). وقد عبر المسيح بذاته عن ذلك عمليا في حديثه عن الكرمة الحق عندما أعطى تلاميذه وصيته الوحيدة التي تختصر كل الوصايا الأخرى فقال: وصيتي لكم هي: "أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم، إذ ليس لأحد حب أعظم من أن يبذل نفسه في سبيل أحبائه".

وأوضح:" الخدمة الكهنوتية ليست وظيفة نقوم بها، ولو فعلنا ذلك على أكمل وجه، فإنها تبقى من دون أي فاعلية إن لم تكن مبنية على المحبة. فلا يكفينا أن نصل إلى درجة عليا من الثقافة، مع أهميتها وضرورتها، بل علينا أن نجمع إليها فعل عطاء الذات كليا لخدمة الرب في شخص من توكل إلينا خدمتهم. فالقديس خوري آرس لم يتميز بثقافته العالية ولا بكونه ملفانا في الفلسفة واللآهوت، بل على العكس فإنه قد تعرض للطرد من المدرسة الإكليريكية بسبب قلة استيعابه لهذه الأمور، لكنه أحب الرب حبا كبيرا وأحب أخاه الإنسان فكرس حياته كلها لخدمته، فصار مرجعا روحيا للكثيرين. حتى لإخوته الكهنة والأساقفة والكرادلة، يلجأون إليه ليسترشدوه. وكان يستلهم هذه المحبة من المسيح الذي ربطته به علاقة محبة وطيدة إذ كان يمضي نهاره أمامه في القربان المقدس ويقول إني أنظر إليه وهو ينظر إلى. وهكذا صار شفيعا لكل الكهنة وقدوة ومثالا لهم. بالطبع فإن للكهنوت صفات ووظائف على الكاهن أن يقوم بها، لكنها لا تكفي إن لم تكن تعبيرا عن المحبة للمسيح وللإنسان".

وتابع: "الكاهن نبي يحمل كلمة الله إلى الآخرين ويبشر بها ويكون شاهدا لها. يضع الله كلامه على لسانه كما قال للنبي إرميا: "إني أضع كلامي على لسانك، فمهما آمرك به تفعل وما أقوله لك تقول". فدورنا ورسالتنا الأولى نحن الكهنة هو أن نتشرب كلمة الرب على مثال العذراء مريم التي كانت تسمع هذا الكلام وتعمل بمقتضاه. والكاهن هو قائد ومدبر من واجبه أن يهدم ويبني ويقلع ويغرس، وأن يقتدي بيوحنا المعمدان فيكون صوتا صارخا في برية هذا العالم داعياالناس إلى إعداد طريق الرب وجعل سبله قويمة. لكن قيادته لا تكون بالتسلط والهيمنة وفرض الذات، بل إقتداء بالمسيح الراعي الصالح الذي يعرف خرافه وخرافه تعرفه، فيقودها إلى المرعى الخصيب. وأنك بروح يوحنا المعمدان إخترت شعارا للكهنوتك مستوحى من كلامه فقلت ينبغي لي أنا أن أصغر وله هو أن يكبر. وعلى الكاهن أن يكون خصوصا، رجل صلاة وعلاقة حميمة بالرب، فيقدس ذاته أولا كي يستطيع أن يقدس الآخرين. فعالم اليوم هو بأمس الحاجة إلى علاقة صحيحة بالرب، بعدما تطور وتقدم جدا في العلم والثقافة والأبحاث والدراسات والاكتشافات والإختراعات، إلى درجة أصبح يعتبر نفسه إلها لنفسه ويضع الله جانبا ولا يتقيد لا بتعاليمه ولا بوصاياه. لقد إستسلم الكثيرون فيه للتجارب التي تعرض لها المسيح على يد الشيطان، تجربة المادة وتجربة رفض الله وتجربة السلطة، وكل هذه التجارب لا يشفى منها إلا بالصوم والصلاة".

وتوجه بو جوده إلى الخوري الجديد: "تمت سيامتك في ظروف قاسية يعيشها لبنان على الصعيدين الصحي والاجتماعي، فالإحصاءات تقول إن عدد الفقراء والمحتاجين يزداد كل يوم، فأصبحت نسبة الذين يعيشون تحت درجة الفقر تتعدى الخمسين في المائة وأصبح عدد كبير من المواطنين يتضورون جوعا بينما المسئولون عندنا كأنهم لا يفهمون ذلك، فبدل أن يعملوا على معالجة هذا الوضع ما زالوا يتصارعون للحصول على المراكز الدسمة في الوظائف الرسمية لكي يملأوا جيوبهم وبطونهم، بينما يبقى الشعب متروكا وكل التحركات التي يقوم بها مطالبا بحقوقه كأنهم لا يرونها ولا يشعرون بها.

واستكمل: "أما على الصعيد الصحي فالعالم بأسره يعيش وضعا شديد الخطورة. ففيروس كورونا القاتل قد تحدى ويتحدى كل المجتمع البشري وقد أركع العالم والعلماء والباحثين الذين إعتقدوا أن بإستطاعتهم السيطرة على العالم وقد جعلوا أنفسهم سادة له، فإذا بهم يقدمون اليه الضحايا التي لا تعد ولا تحصى. وقد يكونون هم الذين أوجدوه في مختبراتهم ليجعلوا منه سلاحا قاتلا يفوق بخطورته السلاح النووي، بل إنه يهدم الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله. وفي إمكاننا استعمال المثل الشعبي القائل: "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها". فإن الدول العظمى التي عملت في مختبراتها على إختراع هذا الفيروس كانت ضحيته الأولى، بينما كانت الشعوب الأخرى، الفقيرة والبائسة نتيجته الثانوية. لذلك فإن من واجبنا العمل، فيخدمتنا الكهنوتية، لتذكير الإنسان بحقيقته الأساسية ليسعى لاستعمال العلم الثقافة لخدمته لا لتدمير ذاته. وليتذكر أن هنالك قوة تفوق قوته بكثير، وهي التي أعطته كل الإمكانات التي وصل إليها هي قوة الله الخالق التي لا قوة تفوق قوته، ولو كنا لا نراها ماديا بل هي التي في النهاية تسير هذا الكون. لقد أحببت الرب يسوع إلهك ومخلصك من كل قلبك وكل إرادتك، وهو الذي أنعم عليك بدون إستحقاق سلطان كهنوته المقدس، هو الذي إختارك ولست أنت من إخترته، وانطلاقا من ذلك، لا بد لك في ممارستك لهذا السلطان، من اتخاذ المسيح مقياسا ونموذجا، وهو الذي بدافع محبته، صار خادما للكل. ومن أجل ذلك لقد أردت أن تكون خادما للكل كي تربح الجميع للمسيح إن أمكن، وخصوصا الشبيبة مستقبل الكنيسة. عبر دعوتهم إلى وعي مضامين إيمانهم المسيحي وإنتمائهم الفاعل إلى الكنيسة".

وختم: "الكثيرون يتشكون من أن الشبيبة تبتعد عن المسيح وعن الإيمان وقد يكون ذلك صحيحا في بعض الظروف. لكن الواقع، في نظري، هو أن المسئولية تقع علينا نحن الكبار والمسؤولين لأننا لسنا قدوة ومثالا في نظرهم. فإنهم يتوقون إلى الأفضل ونحن لا نوفر لهم ذلك بمثل حياتنا. وإني أرى في ذلك تحديا لنا كي نعرف كيف نتعامل مع شبيبتنا التي يقول عنها البابا بولس السادس وعن إنسان اليوم بأنها "تفضل الشهود على المعلمين وأنها إذا قبلت بالمعلمين فلأنهم شهود". لذلك فإن علينا نحن الكهنة، أن نكتشف الأرض المشتركة كي نجعلهم يشعرون بأنهم مقبولون ومحبوبون من الرب، فنكون حساسين لحاجاتهم ولا سيما الروحية منها".

بعد القداس، تقبل الكاهن الجديد تهاني الحضور في صالون الدير.