الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

كلمة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم بمناسبة أحد آباء المجمع المسكوني الأول

البطريرك كيريوس كيريوس
البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد آباء المجمع المسكوني الأول في عظته عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك:
هلم يا محافل المستقيمي الرأي لنعيد اليوم للتذكار السنوي الذي للآباء المتوشحين بالله الذين من سائر المسكونة اجتمعوا في مدينة نيقية المضيئة لأن هؤلاء دحضوا اريوس الردي ذا الاعتقاد الكفري ورذلوه بحسن عبادةٍ ونفوهُ من الكنيسة الجامعة بموجب المجمع وعلموا الكل أن يعترفوا جهارًا بمساواة ابن الله في الجوهر والأزلية قبل كل الدهور ووضعوا ذلك بتحريرٍ وحسن عبادة في قانون الإيمان فلذلك نؤمن نحن إذًا ونقتفي اعتقاداتهم الإلهية ونعبد الابن بتحقيق مع الآب والروح الكلي قدسهُ ثالوثًا متساوي الجوهر بلاهوتيةٍ واحدة. هذا ما يقوله مرتل الكنيسة.
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح.. أيها المسيحيون الأتقياء في هذا اليوم الذي هو الأحد السابع من الفصح نعيد للمجمع المسكوني الأول أي الآباء الثلاثمئة والثمانية عشر المتوشحين بالله المجتمعين من كافة أقصى المسكونة في نيقية، هذا المجمع قد صار على عهد قسطنطين الملك الكبير في السنة العشرين من ملكه، لهذا فإننا قدمنا ذبيحة الشكر غير الدموية للإله المثلث الأقانيم في هذا المكان والموضع المقدس.
إن القديسين آباء الكنيسة هم خلفاء الرسل القديسين وهم الذين يحفظون التقليد الرسولي المقدس ونعني به تعليم إنجيل مخلصنا المسيح الخلاصي، كما يوصي القديس بولس الرسول فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا (2تس 2: 15).
إن الآباء الذين ندعوهم "بالمتوشحين بالله" أي هم حاملين الروح القدس هم أولئك الذين من جهة قد تشرطنوا من الكنيسة، ومن جهة أخرى قد صاروا من خلال عملهم وتعليمهم آباءً روحيين للمؤمنين أعضاء جسد الكنيسة كما يذكر ذلك القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ. (1كور 4: 15).
وبكلام آخر إن الآباء الكنيسة الملهمين من الله يُشكلون الضمان والأمان للتعليم السليم والإيمان الصحيح الخالي من الشوائب الذين أكدوا على عقائده وعلى ما يحتويه قوانين المجامع المسكونية والمحلية المقدسة لهذا فإن "الآباء الملهمين" يُعرفوا بأنهم معلمي المسكونة والنجوم النيرة كما يقول مرنم الكنيسة: إن محفل الآباء القديسين قد اجتمع من أقطار المسكونة واعتقدوا بأن للآب والابن والروح القدس جوهرًا واحدًا وطبيعةً واحدة وسلموا للبيعة سرّ التكلم في اللاهوت بإيضاحٍ الذين نمدحهم ونغبطهم بإيمانٍ قائلين يا معسكرًا إلهيًا شريفًا يا مدرعين لاهوتيين لموكب الرب يا نجومًا نيرة للجَلَد العقلي يا أبرجةً منيعةً لصهيون السرية يا أزهار الفردوس العطر تنسمُّها يا أفواه الكلمة الكلي تذهُّبها فيا فخر نيقية وضياء المسكونة تشفعوا بلا فتور من أجل نفوسنا.
وفي الترنيمة السابقة يدعو المرنم الآباء القديسين بأنهم أفواه الكلمة الكلي تذهّبها وذلك لأنهم قد صاغوا عقائد سر اللاهوت والتي تتعلق بالجوهر الواحد وبطبيعة أقانيم الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس. وأيضًا قد صاغوا عقيدة سر التدبير الإلهي والتي تتعلق بتأنس وتجسد المسيح كلمة الله من دماء النقية والدة الإله الفائقة البركات الدائمة البتولية مريم. وبحسب المرتل: إن الآباء الشرفاء الكليي الطوبى المتألهي العقول بالحقيقة قد جمعوا علوم النفس كافةً وفحصوا بالروح الإلهي قانون الإيمان المغبوط الموقر ودوّنوه بكتابةٍ إلهيةٍ التي بها علَّموا بإيضاحٍ أن الكلمة مساوٍ لوالده بالأزلية ومعادلٌ له في الجوهر بغاية التحقيق متبعين تعاليم الرسل بأوفر بيان.
وهذا يعني بأن تأكيد عقائد الإيمان الإلهية من قِبَل آباء الكنيسة كان مصدر إلهامها الحقيقة المعلنة في يسوع المسيح وهذا يعني إعلان الله ذاته للبشر، وذلك من خلال تأنس ابنه وكلمته اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. (مر 13: 31).
وعلى العكس من ذلك فإن تعليم الهراطقة عن الإيمان بالمسيح كان مصدرها أفكارهم نفسها التي هي الخرافات المصنعة كما يقول بطرس الرسول لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. (2بط 1: 16) وطرقهم الملتوية في التفكير والتي سبق وقال عنها القديس بولس الرسول أَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ. (أعمال 20: 29-30).
حقًا إن الرجال الذين يتكلمون بأمور ملتوية هم زعماء الهرطقة عديمي التوبة؛ آريوس الذي أنكر ألوهة يسوع المسيح، ومقدونيوس محارب الروح، ونسطوريوس الذي جزأ وقسّم شخص المسيح الإلهي المتأنس. وإن هذه التعاليم الكاذبة لبقية الهرطقات القديمة والجديدة والمعاصرة ترتبط ارتباط مباشر أو غير مباشر مع الهرطقات التي ذُكرت سابقًا.
فها أيها الإخوة الأحبة السبب الذي من أجله تُكرم الكنيسة معيدةً لأقوال الكلمة الكلي تذهّبها الذين هم الآباء القديسين المجتمعين في المجمع المسكوني الأول في نيقية عام 325 فهم خلفاء الرسل الذين اضطهدوا وافتُري عليهم هم الرعاة الإلهيين عبيد المسيح الأخصاء الذين جمعوا علم الرعاية بأسره كما يقول المرتل. إن علم الرعاية قد كان ثمره دستور الإيمان وغيره من الخدم الإلهية المقدسة.
ونحن مع الآباء المتوشحين بالله وتضرعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم، ومع المرتل نهتف ونقول: إذ قد رأينا في الجبال المقدسة ارتفاعك أيها المسيح يا شعاع مجد الآب فلنسبح لشكل طلعتك المنيرة نسجد لآلامك نكرّم قيامتك ولارتقائك الشريف نمجّد فارحمنا. ونجنا ونجّ العالم أجمع من هذا الوباء القاتل فيروس الكورونا.