السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

في ذكرى خلعه.. كيف كانت النهاية المأساوية للسلطان العثماني عبد العزيز الأول

السلطان العثماني
السلطان العثماني عبد العزيز الأول
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوافق اليوم 30 مايو ذكرى خلع السلطان العثماني عبد العزيز الأول، خليفة المسلمين الرابع بعد المائة وسلطان العثمانيين الثاني والثلاثين والرابع والعشرين من آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة.
تضاربت الأقوال حول تاريخ مولد عبد العزيز، فتشير بعض المصادر إلى أنه مولود في 9 فبراير 1830 وأخرى أنه ولد يوم  18 فبراير، وكان الابن الثاني للسلطان محمود الثاني؛ وبعد وفاة والده صار شقيقه الأكبر عبد المجيد سلطانًا في السابعة عشر من عمره وكان لم يتجاوز العاشرة؛ وفي 7 يونيو 1861 تولى الحكم، وكانت أولى فرماناته بإقرار الصدر الأعظم محمد أمين عالي باشا في مكانه، ثم استحدث وسامًا خاصًا أسماه "الوسام العثماني" يمنح لمن قدّم خدمات جليلة للدولة، وقدم وسامه في المرتبة على الوسام المجيدي الذي استحدثه أخيه.
ورغم استقرار عهده نسبيا في البداية، شهدت أواخر فترة حكمه مظاهرات لطلاب المعاهد الشرعية في إسطنبول، ثم نشأ حزب من الوزراء وعلماء الدين وسائر كبار الموظفين من المدنيين والعسكريين يطالب بخلع السلطان، وكان يتزعم هذا الحزب مدحت باشا بالاشتراك مع وزير الحربية حسين عوني باشا ذو السلطة الواسعة في الجيش، ما جعله يشعر بالقلق ويبدأ في نقل ثروته إلى روسيا؛ وبينما كان مشغولًا بهذا كان الرافضون لوجوده يقنعون شيخ الإسلام خير الله أفندي بمحاسن خلع السلطان، وبعد مفاوضات دامت يومين فقط صدرت فتوى خلع عبد العزيز؛ وقرروا خلعه في  30 مايو 1876 بالاتفاق مع سفيري إنجلترا والنمسا، وأعلم الأسطول الإنجليزي بالتدخل لإنقاذ قادة الانقلاب في حال حصل أي طارئ.
وفي الساعة الثالثة من فجر ذلك اليوم الذي وافق الثلاثاء، دخل سليمان باشا ومعه ثلة من الضباط إلى قصر جراغان حيث كان يقيم الأمير مراد ليخبروه بارتقائه العرش، ونقلوه إلى مبنى وزارة الحربية حيث كان الوزراء في انتظار "الخليفة الجديد"، وبعد وصوله وأمام الوزراء وكبار الضباط ونقيب الأشراف وشريف مكة، وقرأ شيخ الإسلام فتوى خلع السلطان، ثم أطلقت المدفعية مائة طلقة معروفة باسم "مدافع الجلوس" وسار المنادين في شوارع الآستانة يخبرون بحادثتي الخلع والارتقاء، وقيل أن سكان الآستانة قد ابتهجوا بهذا الانقلاب، ولم يأسف أحد على خلع السلطان لا في الداخل ولا في الخارج عدا قيصر روسيا وسفيره في الآستانة.
وقام رديف باشا بإبلاغ السلطان عبد العزيز نبأ خلعه بعد مبايعة مراد الخامس، ولم يبد أي مقاومة بعد أن رأى الجند يحاصرون القصر، وغادر إلى قصر الباب العالي بزورق يرافقه اثنين من أولاده هما يوسف عز الدين ومحمود جلال الدين، وتبعته زوارق أخرى تحمل أمه ونساءه وجواريه وخدمه، وفي أعقاب مغادرته القصر اتجه موكب مراد الخامس من مبنى وزارة الحربية إلى قصر دولمة بهجة.
قضى عبد العزيز في قصر الباب العالي ثلاثة أيام، ثم أرسل إلى مراد الخامس رسالة يطلب فيها نقله لقصر جراغان لكونه لا يحب قصر الباب العالي، فأجابه السلطان الجديد لطلبه؛ ويقول الكونت دي كيراتيري في كتابه "تاريخ السلطان مراد الخامس" أن السلطان قد منع من التجول خارج القصر الذي أحيط بثلاث صفوف من الجند، ولم يستطع النوم طوال الليلة الرابعة من بعد خلعه، فتلاشت قواه مع الفجر فأخذ يطيل التأمل والتفكير مع إطلاق شتائم بحق حسين عوني باشا، ثم غرق في النوم ولدى استيقاظه بدت علائم الارتياح على وجهه، وقد طلب قراءة الصحف التركية ثم طلب مقصًا ومرآة ليشذب لحيته كما كانت عادته، ثم طلب من الخدم ووالدته مغادرة الغرفة. وبحسب الرواية الأولى فإن السلطان إذاك قطع بالمقص عروق يده اليمنى فنزف الدم لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة قبل أن يخرّ السلطان على الأرض، فأحدث انقلاب جسمه صوتًا سمعه من كان في الطابق السفلي، وعندما قدم الخدم وأمناء القصر شاهدوا السلطان يتخبط ولم يكن قد لفظ أنفاسه بعد، ولكن وقبل وصول الأطباء كان قد مات. أما الرواية الثانية لوفاته فتقول أن حسين عوني باشا ورديف باشا تخوفا من عودة السلطان المخلوع، فأرسلا أربع رجال إلى القصر، وهو نائم فثبتوه في مكانه، ثم قام أحدهم بأخذ مقص كان بالقرب منه وقطع عروق السلطان، وقد دفن قرب والده السلطان محمود الثاني.