الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

جريمة الاتجار بالبشر تواجه «كورونا»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استمرار بيوت البغاء فى العمل: رغم تدابير الحظر الجزئى والكلى فى مختلف دول العالم، تستمر شقق البغاء فى العمل كونها غير مرخصة ككيان تجارى، ولا تخضع للضريبة بالتالى هى ليست ضمن المؤسسات المفروض عليها قيود الحظر.
«الانهيار» و«الرواج».. سيناريوهان يواجهان البغاء بيوت البغاء لا تخضع للحظر ومعدلات «الإلكترونى» ترتفع نتيجة الضغوط النفسية.. أسباب تؤدى إلى رواج التجارة
من بين العوامل التى قد تحفز رواج واستمرار الاتجار بالنساء أن أغلب أولئك النساء لديهن ديون للقوادين- الذين جلبوهن من بلدانهن الأصلية- أو النوادى التى يعملن بها

تسبب انتشار فيروس كورونا فى العديد من الأزمات الاقتصادية للدول وللأفراد على حد سواء، حيث نجم عنه تراجع النمو الاقتصادى للدول، انهيار أسعار أسهم كبرى الشركات العالمية، وإغلاق المصانع والكثير من المؤسسات الإنتاجية بما أدى فى نهاية الأمر إلى فقدان الوظائف وارتفاع معدلات البطالة وكذلك معدلات الفقر.
ورغم تأثيره على جميع الأفراد، إلا أنه أثر بدرجة أكبر على الفئات الأكثر عرضة للفقر المقدع والاستغلال وسوء المعاملة وبشكل خاص النساء اللاوتى يتم الاتجار بهن وإقحامهن فى العمل فى البغاء. وفى هذا المقال ستتم الإجابة عن سؤال رئيسى وهو: كيف سيؤثر فيروس كورونا على جريمة الاتجار بالبشر وبالتحديد الاتجار بالنساء فى قطاع البغاء.
رواج أم انهيار الاتجار بالبشر؟
يوجد سيناريوهان محتملان لمصير الاتجار بالبشر وبالتحديد قطاع البغاء فى ظل تفشى وباء كورونا فى أغلب دول العالم:
السيناريو الأول انهيار هذا القطاع كباقى القطاعات: ولذلك للعوامل التالية:
إغلاق النوادى والملاهى الليلية: فقد قام أغلب دول العالم بإغلاق كل المؤسسات غير الضرورية ضمن تدابير الحد من انتشار فيروس كورونا، ومن بينها النوادى والملاهى الليلية التى تتم فيها عملية الاتجار فى البغاء، وكونها تدر عائدا ماديا كبيرا عليها. 
صعوبة الاتصال المباشر: الآن عملية الاتصال بالعميل أضحت شبه مستحيلة وذلك لعدة اعتبارات منها خوف العميل من الإصابة بالعدوى من مقدمة الخدمة، خاصة وأن الفيروس ينتقل من خلال الاتصال الوثيق الذى ينقل إفرازات الجهاز التنفسى- عبر السعال أو العطس- من الشخص المصاب إلى الشخص المتصل به، ولكون الاتصال ضرورى فى تلك التجارة فتزيد مخاطر الإصابة بالفيروس. يضاف لذلك صعوبة الانتقال بل واستحالة حدوثه فى بعض الدول التى تفرض حظرًا شاملًا على تنقل الأفراد. 
الأزمة الاقتصادية وغياب الموارد: يُضاف لما سبق أن الفيروس تسبب فى أزمات اقتصادية للدول والأفراد على حد سواء بما يجبر العميل على التنازل عن الدفع لتقلى هذه الخدمة وتوجيه نفقاته فى الأشياء الضرورية مثل الدواء والطعام، وبالتالى فإن أزمة كورونا تهدد هذا القطاع.
زيادة التوجه للإنتاج الأخلاقى: قد تفتح الضغوط الاقتصادية نافذة للقطاع الخاص لإعادة تقييم سلاسل التوريد العالمية وإعادة النظر فى نماذج التوظيف مع التركيز المتزايد على العمل والإنتاج الأخلاقى، متسلحًا بوعى جديد بالمخاطر العالمية والتى من بينها خطر الرق الحديث- الذى على سبيل المثال يشمل العمل القسرى، الاتجار بالبشر- بما يقلل من معدلات ارتكاب جريمة تجارة البغاء.
السيناريو الثانى: رواج الاتجار بالبشر: 
فى حين أن الانخفاض الحالى فى الطلب العالمى قد يعطل مؤقتًا الظروف الاستغلالية، فمن المرجح أن يكون هذا الأثر قصير الأجل. ففى إطار تجارة البغاء، على سبيل المثال، انخفض الطلب على البغاء التجارى بسبب أنظمة الإبعاد الاجتماعى. ومع ذلك، هناك أدلة على أن البغاء الإلكترونى آخذ فى الازدياد، مما يشير إلى أن العاملين فى هذا القطاع يتكيفون من الظروف الراهنة بما لا يمنع استمرار عملهم. كما أنه فى الأجلين المتوسط والطويل قد يزداد الاتجار بالنساء لعدة عوامل منها:
استمرار بيوت البغاء فى العمل: رغم تدابير الحظر الجزئى والكلى فى مختلف دول العالم، تستمر شقق البغاء فى العمل كونها غير مرخصة ككيان تجارى، ولا تخضع للضريبة بالتالى هى ليست ضمن المؤسسات المفروض عليها قيود الحظر.
حرمان من الرعاية والدعم: لا يعمل أى من التدابير التى اتخذتها الحكومات حتى الآن على التخفيف من الظروف التى تعيش فيها النساء العاملات فى البغاء. وقد استُبعدت هذه الفئة الضعيفة، التى تعيش الغالبية العظمى منها فى وضع غير قانونى، من التدابير الاجتماعية المعتمدة للتخفيف من حالة الطوارئ وما ينجم عنها من أضرار تلحق بالأفراد بسبب الأزمة، لأن تلك التدابير تستهدف فقط الأشخاص الذين هم فى وضع قانونى، ومن ثم فإن غياب تدابير الحماية ضد الفيروس بجانب تردى الوضع الاقتصادى لهذه الفئة قد يدفع النساء العاملات فى البغاء إلى مواصلة ممارسة البغاء لتوفير دخل يغطى نفقاتهن وأسرهن من طعام ومسكن وعلاج.
الخوف من تزايد الديون: من بين العوامل التى قد تحفز رواج واستمرار الاتجار بالنساء أن أغلب أولئك النساء لديهن ديون للقوادين- الذين جلبوهن من بلدانهن الأصلية- أو النوادى التى يعملن بها، بما يعرضهن لاستغلال وتهديد مستمر بالحبس إن امتنعن عن العمل، خاصة وأن القوادين والنوادى يقومان بتوفير سكن وطعام لأولئك النساء فى مقابل عملهن، بما يعنى أن طول فترة الحظر ستزيد من ديونهن وسيزيد اعتمادهن على المتاجرين بهن.
زيادة الضغوط النفسية جراء الحظر: طول مدة الحظر قد تسبب إصابة الأفراد بمشكلات نفسية عديدة بما قد يدفعهم إلى ممارسة البغاء، حتى وإن كان عن بعد فى الدول التى تفرض حظرا كليا، أو ممارسته بشكل فعلى فى حالات الحظر الجزئى. بعبارة أخرى، تزيد الضغوط النفسية وتدابير الحظر من الطلب على ممارسة البغاء بما يجعل تلك التجارة تلق رواجًا.
البطالة وانهيار الاقتصاد: يؤدى انهيار الطلب الاقتصادى وإغلاق الصناعات الرئيسية فى أعقاب جائحة كورونا إلى زيادة عرض الفئات الضعيفة من السكان بحثًا عن العمل. وهذا هو نوع الضعف الذى يسعى التجار إلى استغلاله. فتعمل الصدمة الاقتصادية التى يشهدها العالم كمحرك رئيسى وراء تعرض النساء لعروض توظيف احتيالية تنتهى بهن فى المطاف إلى إجبارهن على العمل فى البغاء. التقدم التكنولوجى: والذى مكن من تطور وسائل الاتصال بما جعل العملية الاتصالية سهلة ورخصية ومتاحة للجميع دون استثناء. هذا التطور- وفى ظل الحظر الكلى- دفع العديد إلى القيام بأعمالهم عن بعد، وبالمثل سهل من عملية ممارسة البغاء عن بعد بمقابل مادى عبر كاميرا الويب أو مكالمات الفيديو عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعى. جدير بالذكر أن المقابل المادى فى بعض الدول مثل إسبانيا من ١٠ إلى ٣٠ يورو لكل ١٠ دقائق، بما قد يجعل البغاء الإلكترونى يدر عائدا أكبر من البغاء الفعلى كما أنه أكثر أمانًا كون احتمالات الإصابة بالأمراض المعدية فيه تكون معدومة.
صعوبة تنفيذ القانون على المتاجرين: قبل انتشار الوباء كانت عملية إنفاذ التشريعات محدودة نتيجة الافتقار إلى الموارد اللازمة بما أعاق مقاضاه المتاجرين بالبشر بشكل عام والنساء بشكل خاص، ومع انتشار الفيروس، تم تحويل الموارد العامة إلى تلبية الاحتياجات الصحية الملحة، بما يجعل عمل الحكومة وتنفيذ القانون للقضاء على هذه الجريمة أكثر صعوبة من ذى قبل.