الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عمرو دوارة يتحدث لـ"البوابة نيوز": "المسرح المصري 150 عاما من الإبداع" يوثق أهم الأحداث المسرحية ودورها الريادي.. مسرح الستينيات واكب نتاجا اجتماعيا وسياسيا قوميا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكد المؤرخ المسرحى عمرو دوارة أن كتابه «المسرح المصرى 150 عاما من الإبداع» محاولة لاستكمال أجزاء الصورة المبعثرة، ومحاولة الإجابة عن كثير من الاستفسارات المرتبطة بالمسرح.ولأن المسرح في مصر أصبح الآن على أجندة المواطن المصرى، وذلك لأنه اقترب من واقعه وهمومه وعبر عنها بشكل جمالى أمتعه بصريا وفكريا. وظل المسرح منذ بداياته عبر سبعة آلاف سنة انعكاسا واضحا ومتميزا لأحداث الواقع، وكذلك أيضا ظل هذا الانعكاس صادقا للمتغيرات والتطورات السياسية، والاقتصادية، والإنسانية، والاجتماعية، ويبقى للمسرح جماعا للفنون دائما، لذلك يهدف كتاب «المسرح المصرى 150 عاما من الإبداع"إلى محاولة استكمال أجزاء الصورة وخاصة المرتبطة ببدايات الحركة المسرحية في مصر، وكيفية انطلاق الشرارة الأولى، وكيفية تشكيل الظاهرة المسرحية ونجاحها في استقطاب الجمهور بمختلف فئاته والتعبير عنه بتقديم عروض تعبر عن واقعها الاجتماعي والثقافى والسياسى.

التقت «البوابة» المؤرخ المسرحى الدكتور عمرو دوارة، ليتحدث عن أهم الجوانب والأحداث المسرحية عن هذا الكتاب، وتخصيص هذا العام للاحتفال بمرور 150 على بدايات المسرح المصرى والرسالة التى يدعو لها. فإلى نص الحوار...


■ المسرح المصرى.. ١٥٠ عاما من الإبداع». رغم أهمية هذا الكتاب فقد نفذت جميع نسخه لماذا لا يعاد طباعته ليصل لجميع مستحقيه بكل أنحاء الجمهورية، وما علاقته بـ"موسوعة المسرح المصرى المصورة» التى قمت بإنجازها؟

- هذا الكتاب هو أقرب الكتب إلى قلبى، لأنه نتاج جهد كبير وخبرة حقيقية، وقد قمت بتأليفه بناء على تكليف من قبل وزارة الثقافة، وربما يكون إصداره ردًا عمليًا على تلك على الزوبعة التى أثارت جدلا بين المسرحيين على التاريخ الفعلى لبداية «المسرح المصري». وذلك بعدما تناولت أبحاث وندوات الملتقى الفكرى المصاحب لمهرجان «المسرح العربي» الذى نظمته الهيئة العربية للمسرح في يناير الماضى بالقاهرة فترة زمنية واحدة تم تحديدها من ١٩٠٥ ١٩٥٢، فقد جاء هذا الكتاب، وكما يظهر جليا من عنوانه ليؤكد البداية بعام ١٨٧٠، وهو يتكون من خمسة عشر فصلا، ويتضمن كل فصل به عقدا زمنيا يرصد فيه أهم الأحداث المسرحية، وجميع الفرق المسرحية التى تأسست خلاله، وكذلك أهم الأحداث السياسية والاقتصادية التى أثرت في المسرح وتأثرت به، أما الموسوعة فترصد وتوثق جميع المسرحيات التى قدمت خلال ١٥٠ عاما موثقة بالصور التى تضم سبعة عشر ألف صفحة، ولكن هذا الكتاب يتكامل معها كدراسة فيرصد أهم الاتجاهات والفعاليات.

■ ماذا عن المسرح المصرى خلال العقد الأول خلال الفترة من ١٨٧٠ حتى ١٨٧٩؟

- في نهاية القرن التاسع عشر كانت هناك صحوة للمناخ الثقافى والفكرى، والتى كان من بين مظاهرها تشجيع التعليم وتنشيط حركة التأليف والترجمة وظهور عدة صحف من إيفاد البعثات العلمية للخارج، أكبر الاثر في نجاح تجربة مسرح «يعقوب صنوع» المسرحية في ١٨٧٠، والتى اتجهت فرقته نحو تقديم الكوميديا الشعبية، ومعالجة بعض القضايا الاجتماعية من خلال بعض الأنماط التقليدية للكوميديا، وهو الاتجاه الذى تطور في العقد الثانى من القرن العشرين بظهور فرق الكوميديا الكبرى، والحقيقة أن تجربته وئدت مبكرا بنفيه إلى باريس في ١٨٧٢، كنتيجة منطقية لتوجيهه بعض الانتقادات اللاذعة للخديو من خلال مسرحياته وخاصة مسرحية «الضرتين» لم تذهب هباء، وتجدر الاشارة أن بدايات المسرح العربى بصورته الغربية الحديثة قد بدأت بمغامرة الرائد اللبنانى مارون النقاش، عن الفنان والأديب سليم النقاش في ١٨٤٧، ومن بعده تجربة الفنان السورى أبو خليل القبانى في ١٨٥٦، وللأسف فقد نجحت قوى الرجعية والتعصب والتخلف في وأد كل منهما مبكرا، إضافة إلى الفرق المسرحية الثلاث التى كان لها الفضل في الريادة في هذا العقد، الأولى فرقة يعقوب صنوع «١٨٧٠ ١٨٧٢». والثانية فرقة «سليم النقاش» ١٨٧٦ ١٨٧٧، والتى كانت صاحبة الفضل في غرس وتأصيل الظاهرة المسرحية بالوطن العربى رغم استمرارها لأقل من عام، أما الثالثة فرقة «يوسف الخياط» ١٨٧٧ - ١٨٨٨، بعد ما قرر الرائد سليم النقاش وصديقه الأديب أديب إسحاق، التفرغ للصحافة بالإسكندرية وترك الفرقة لرفيق رحلته الفنان يوسف الخياط والذى أثبت جدارته وتميزه في تحقيق الاستمرارية للفرقة حتى ١٨٨٨وجذب الجمهور لعروضه.

■مسرح الستينيات كان من أزهى الفترات المسرحية التى حققت نجاحا كبيرا في ذلك الوقت كيف ترى ذلك؟

- واكب مسرح الستينيات القرن الماضى نتاج اجتماعي وسياسى قومى، وازدهرت فيه حركة التأليف المسرحى، واقترب المسرح من قضايا المجتمع فاكتسب جمهورا جديدا، وانفتح على المسرح العالمى من خلال حركة الترجمة والنقد، كما أسهمت في عودة فنانى المسرح ممن أتموا دراستهم في أوروبا في إثراء الحركة المسرحية وتغذيتها بروافد جديدة متعددة المدارس والأشكال، فقد تنوعت التيارات، كما ظهر «مسرح المخرج» الذى يعتمد على كل عناصر العرض المسرحى، وذلك لخلق معادلات مرئية ومسموعة، وتشكيلية، وأدائية للأفكار التى يحملها النص، ومع بدايات ١٩٦٤ نال البحث عن شكل مسرحى مصرى وعربى اهتمام الكتاب من بينهم: توفيق الحكيم، د. على الراعى، يوسف إدريس، ألفريد فرج، محمود دياب، شوقى عبدالحكيم، ومن المخرجين كرم مطاوع، نجيب سرور، عباس أحمد، هناء عبدالفتاح، وغيرهم، ولا شك أن اتجاه الثورة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، هيأ مناخا خصبا أتاح لهذا الجيل الكثير من الفعاليات فيما قام به من تطوير وتجديد، وقد شهدت هذه الفترة تأسيس العديد من الفرق المسرحية، ونهضة الفنون المسرحية في مجال التأليف، والإخراج المسرحى، والديكور والملابس، وفرق مسرح التليفزيون، وفرقة المسرح الحديث، والكوميدى، وفرق مسرح الحكيم، والفنانين المتحدين، الغنائية الاستعراضية، نكسة يونيو ١٩٦٧، ومسرح المائة كرسى، حتى إنشاء أكاديمية الفنون في ١٩٦٩، أول جامعة لتعليم الفنون.


■ما الرسالة التى تدعو لها من خلال مبادرة الاحتفال بمرور ١٥٠ عاما على بدايات المسرح المصرى الحديث؟

- التأكيد على دور مصر الريادى، وأهمية استمرار قوتنا الناعمة، والتأكيد على أهمية دور المسرح وقدرته الفعالة على المشاركة بمعارك التنمية، تنشيط الحركة المسرحية بكل أنحاء الجمهورية، مع الحرص على وصول العروض والفعاليات إلى جميع المناطق بلا استثناء، إلى جانب تطوير وتحديث البنية الأساسية باستكمال تطوير وتحديث بعض المسارح، وأيضا ببناء مسارح جديدة، تغيير نمط الإنتاج بفرق الدولة، وإعادة تشكيل المكاتب الفنية ولجان القراءة وتفعيل دورها، توثيق دور مصر الريادى في نشر الفن المسرحى بكل أرجاء الوطن العربى عن طريق تشجيع الباحثين العرب على تقديم دراساتهم التى تظهر ذلك الدور.

■ لاقت المبادرة هجوما من بعض المسرحيين حول الاختلاف على بدايات المسرح المصرى وخاصة الفترة المحددة ١٨٧٠ بريادة «يعقوب صنوع» كيف ترى ذلك؟

- لم يصل الخلاف في وجهات النظر إلى حد الهجوم، فقد اختلف أحد الأساتذة على تحديد تاريخ البداية - كما هو متفق عليه من الجميع بعام ١٨٧٠ - وذلك نظرا لأنه قد بنى شهرته كلها على نفى الدور المسرحى الكبير للرائد يعقوب صنوع» !! والحقيقة أن هذا الجدل لم يعد له معنى أو مجال بعد نشر كتاب الدكتورة نجوى عانوس الأخير الذى حمل عنوان «يعقوب صنوع رائد المسرح المصرى ومسرحياته المجهولة» الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث أكدت بصورة نهائية وقاطعة وبالوثائق ريادة صنوع للمسرح المصرى خلال الفترة «١٨٧٠ ١٨٧٢».

■ هل هناك أى إجراءات تنفيذية احتفالا بهذه المبادرة؟

- بالفعل أولها إعلان إدارة مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى، تنظيم مناظرة حول بدايات المسرح المصرى وريادة يعقوب صنوع، على هامش الدورة الخامسة من المهرجان، بينهم الدكتور عمرو دوارة، والدكتور سيد على إسماعيل، أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان، وثانيها إعلان المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، برئاسة الفنان ياسر صادق، عن إصدار كتاب التوثيق المسرحى السنوى، احتفالا بهذه المبادرة، إلى جانب التنسيق مع الإدارات المركزية الأخرى التابعة لوزارة الثقافة بشأن بهذه المبادرة.

■ ما رد الفعل الرسمى لوزارة الثقافة نحو هذه المبادرة؟

- الحقيقة أننى سعدت جدا من تقدير الفنانة الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزير الثقافة، لأهمية هذا الحدث فنيا وتاريخيا، وحماسها الشديد لجميع المقترحات التى تقدمت بها، بل وحرصها الشديد أيضا على ألا يتم تفريغ المبادرة من مضمونها وتحويلها إلى مجرد احتفالات كرنفالية تتضمن مجموعة من الكلمات، والإشادات، والتكريمات لبعض الرواد أو تقديم بعض الفقرات الغنائية والاستعراضية بهدف التغطية الإعلامية، وذلك دون تقديم أفعال حقيقية على أرض الواقع للارتقاء بمستوى المهنة أو لوصول المسرح إلى جميع الناس في تجمعاتهم الطبيعية في كل مكان بلا استثناء.