الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

كيف استغلت البنوك الأمريكية أزمة الفيروس؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرر الكونجرس الأمريكى في مارس ٢٠٢٠ تشريعا لحماية الأجور the Paycheck Protection Program على خلفية تفشى أزمة فيروس كورونا، الأمر الذى تضمن تقديم قروض للشركات الصغيرة، لا سيما وأن طبيعة هذه الأعمال تعنى على عكس الشركات الكبرى، امتلاك فرصة أقل على الاحتفاظ بموظفيها دون القدرة على منح مساعدات خلال الأزمات المالية، ولكن اللافت للانتباه هو أن العديد من البنوك داخل الولايات المتحدة الأمريكية، والتى وافقت طواعية على تقديم عشرات الآلاف من طلبات القروض إلى الشركات الصغيرة يبدو أنها فشلت في تحمل المسئولية للقيام بذلك بطريقة أكثر شفافية. 
يذكرنا ذلك بما حدث قبيل الأزمة المالية العالمية في عام ٢٠٠٨؛ حيث وجدت نحو ٨٠٪ من الشركات الصغيرة داخل الولايات المتحدة الأمريكية البالغ عددها ٣٠ مليون شركة نفسها في مأزق حقيقى، ورغم تقدم هذا العدد الهائل من الشركات للحصول على قروض من خلال القطاعين العام والخاص، إلا أن مجموعة صغيرة من هذه الشركات (بعض الفنادق الفاخرة، سلاسل المطاعم الوطنية الكبيرة)، والتى تعد بمثابة النخبة كانت لها أولوية كبيرة في هذا الإطار.
فعلى سبيل المثال، حصلت شركة السيارات الأمريكية AutoNation على ما يقرب من ٨٠ مليون دولار، رغم أن الشركة نفسها كانت لا تساوى هذه القيمة في ذلك الوقت، في السياق ذاته، تم تجميد أعمال بعض الشركات الصغيرة الأخرى - التى كان من المفترض أن تستفيد بالفعل من برنامج حماية الأجور- وتحول الأمر فيما بعد لصالح البنوك الكبيرة التى كانت تعانى أزمة مالية في ذلك الوقت مثل JP Morgan Chase وBank of America وWells Fargo، عن طريق تلقيها المباشر لهذه القروض بدلًا من منحها للشركات الصغيرة، بحجة أن هذه الأخيرة قليلة الخبرة وغير قادرة على التصرف فيها بالشكل الأمثل، وبعبارة أخرى، استخدمت البنوك الأموال الفيدرالية لإثراء نفسها وعملائها الكبار بدلًا من خدمة المصلحة العامة. 
ولكن مع تفشى أزمة كورونا بشكل غير مسبوق وتخطى عدد الإصابات داخل الولايات المتحدة الأمريكية لحاجز المليون حالة، وبعد أن قام الكونجرس بتجديد برنامج حماية الأجور وضخ أكثر من ٣٠٠ مليار دولار من الأموال الإضافية، فإن أمام هذه البنوك فرصة حقيقية أخرى لإثبات أنها تستطيع التصرف بكفاءة للمصلحة العامة من خلال دعم الشركات الصغيرة، وبالفعل أعلنت البنوك أنها ستقوم بعمل أفضل هذه المرة، لكن هل سيكون الأمر كذلك؟ 
أكدت بعض البنوك الأمريكية مثل Wells Fargo وJP Morgan Chase وBank of America أنها ستبذل قصارى جهدها فيما يتعلق بالعمل على مساعدة الشركات الصغيرة من خلال منحها هذه القروض، لكن يؤكد المؤلفون أن هذا لا يكفى، بل يجب على هذه البنوك توفير قدر أكبر من الشفافية حول كيفية معالجة طلبات القروض، وتوفير قنوات أكثر انفتاحًا مع المتقدمين للحصول على هذه القروض حول كيفية الحصول عليها، ولا سيما بعد ثبوت بعض عمليات الاحتيال في بنك Wells Fargo الذى يعتبر بمثابة ثالث أكبر بنك داخل واشنطن؛ حيث فُرضت عليه مؤخرًا غرامة مالية بقيمة ١٨٥ مليون دولار من قبل مكتب الحماية المالية للمستهلك، على خلفية قيامه بإنشاء حسابات ائتمانية مزيفة لأشخاص وهميين، وهو الأمر الذى يفرض عليه وعلى البنوك المنوط بها تقديم هذه الخدمة توفير قدر أكبر من الشفافية هذه المرة. 
لذا، يجب على كل من الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب والكونجرس القضاء على الثغرات التى سمحت للشركات والبنوك الكبرى بانتزاع الأموال المخصصة لنظيرتها الأصغر والفشل الإدارى الذى أدى إلى تأخير شيكات المساعدات التى كان من المفترض أن يتم منحها للأسر الأمريكية المتعثرة. 
في النهاية: يرى المؤلفون أن المستقبل السياسى للرئيس دونالد ترامب يتوقف جزئيًا على هذه المبادرة التى يمكن أن تساعد في إنعاش حالة الاقتصاد الأمريكى بشكل أساسى، في الوقت الذى يجب أن يقوم فيه الكونجرس بمراقبة البنوك للتأكد من قيامها بالمهام المطلوبة منها على الوجه الأمثل؛ فمن المفترض أن يتضمن الفشل في الأداء مساءلة علنية وتحقيقات لإدارات البنوك أمام البرلمان الأمريكى. وعليه، يؤكد المؤلفون أنه حان الوقت لقيام الإدارة الأمريكية بدورها فيما يتعلق بتسليط الضوء على عمل البنوك لضمان معاملة الشركات الصغيرة بشكل عادل، وحرمان العمالقة الكبار من الاستيلاء على هذه الأموال.