الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"بيزنس الأبحاث".. مراكز تبيع أبحاثًا مكتوبة لطلبة الجامعات.. وعروض بتخفيضات في الأسعار.. وتربويون: التواصل والالتزام بالتوجيهات شرط تقييم الأستاذ لطُلابه.. وانتشارها يعود لثقافة الدروس الخصوصة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من تعطل الدراسة، وصدور قرارات وزارة التربية والتعليم باستبدال امتحانات النقل للمراحل التعليمة المُختلفة بنظام "الأبحاث" وتسليمها عبر الإنترنت وذلك في ظل الإجراءات الاحترازية للدولة لاحتواء انتشار فيروس كورونا "كوفيد-19"، فإن "الأبحاث" لم تَسْلَم من أن تكون "بيزنس" يقدمهُ مدرسون خصوصيون، ومراكز متخصصة في المساعدة على إعدادها.

نظام الأبحاث أشاد به الكثيرون، باعتباره خطوة إصلاحية في مواجهة التعليم المبني على الحفظ، غير أن تطبيقه المفاجئ أدى على الجانب الآخر لظهور؛ بيزنس كتابة وبيع الأبحاث، الذي يُعد نظامًا موازيًا لـ"الدروس الخصوصية" وهي الظاهرة التي يعاني منها قطاع التعليم مُنذ سنوات عديدة، دون حل جذري، وبدلًا من أن يدفع أولياء الأمور للدروس، أصبحوا يدفعون للأبحاث.

أبحاث مدفوعة الأجر لطلبة التعليم العالي
ومُنذ إعلان التربية والتعليم عن نظام الأبحاث، وحتى خلال فترة تسليم الأبحاث، سواء كانت نسخة ورقية أو من خلال الإنترنت، في الفترة بين 9 و13 مايو الجاري، عرض بعض المدرسون، وبعض مراكز الدروس الخصوصية، خدماتهم على التلاميذ وأولياء الأمور، بتقديم أبحاث معدة مسبقة، مُقابل مبالغ مالية تتراوح بين 50 جنيه للصفوف الابتدائية و350 جنيها للإعدادية.
كانت الوزارة قد اعتمدت نظام تقديم مشروع بحثي لطلاب الصف الثالث الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي بدلًا من اختبار نهاية العام، في موضوعات حددتها الوزارة، على أن يعد الطالب البحث بنفسه أو في مجموعة من 5 طلاب بناءً على الكتب المدرسية ومنصات التعليم الإليكترونية المستقلة ومواقع بنك المعرفة، وحذرت "التعليم" المدرسين من الفصل إذا ثبت مشاركتهم في إعداد الأبحاث بمقابل مادي، وهددت بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية والمكتبات التي تقوم بتقديم تلك الخدمات، لكن "بيزنس الأبحاث تطور ليصل إلى مراحل التعليم العالي.

يوسف الهواري، طالب بكلية الحقوق جامعة جنوب الوادي، يقول: "قبل يومين، صدر قرار من إدارة الكلية، بإعداد الأبحاث الخاصة بـ5 مواد أدرسها في الترم الثاني من الفرقة الأولى، لكل مادة منهما بحث في 7 إلى 15 صفحة، والحقيقة أنني لم أجرب طريقة كتابة وتنفيذ بحث قبل ذلك، والأمر نفسه ينطبق على أصدقائي والعديد من زملائي بنفس الفرقة، لذلك بدأنا البحث عن بديل".
كان بديل "الهواري" هو أحد مراكز الدروس الخصوصية "الكورسات" بمدينة قنا، الذي أعلن عن تقديم مساعداته لطلبة الكثير من الكليات من خلال؛ إعداد بحث بمُقابل مادي، موضحًا: "وجدنا أن إعداد 5 أبحاث يُكلف 225 جنيه فقط، وهو الرقم الذي أغرى الكثير من أصدقائي، فذهبوا لشرائها، ولازت أنا والبعض الآخر في حيرة من أمرنا، إما بشراء الأبحاث، أو تعلم طريقة كتابة البحث، وتوثق مصادره، وتسليمه على المنصة الإليكترونية للكلية قبل 20 يونيو القادم".

التواصل والالتزام بالتوجيهات شرط تقييم الأستاذ لطُلابه
ويقول الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي، أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس، إن تقديم البحث في المراحل الجامعية لا يكون المقياس الأساسي بالنسبة لأستاذ المادة لتحديد مستوى الطالب، حيث يتواصل الطالب مع أستاذه في مراحل مُختلفة من إعداد البحث لتقييمه. 
ويُضيف شحاته لـ"البوابة نيوز": "الطالب الذي يُقدم بحثًا دون أن يعود لأستاذة، ويتواصل معه، سينتهى تقييمه بالصفر، بسبب انقطاع صلته بمدرس المادة، فمتابعة الأستاذ للطالب شرط أساسي مُنذ بداية البحث وحتى تقديمه، والأمر نفسه من المُفترض أن يكون اُتبع مع تلاميذ المرحلة الابتدائية والإعدادية، بحيث تواصل أستاذ كل مادة مع تلاميذه أثناء فترة كتابة الأبحاث، وقام بتوجيههم، وكل ذلك بجانب خلفية الأستاذ بطلابه، ودرجة تحصيله، فترة الدراسة العادية".
 ويشير الخبير التربوي إلى أن "البحث" لا يأخذ درجة، ولكنه يكون إما مقبولًا أو غير مقبول، وفي الحالة الأولى يعبر الطالب من السنة الدراسية إلى التي تليها، أما إذا رُفض البحث فيتم تكليف الطالب بإعادته، وفي كلا الحالتين؛ تقييم الطالب يكون من خلال مدى التزامه بتوجيهات أستاذه أثناء فترة إعداد البحث، ودرجة تحصيله في فترات الدراسة العادية.
 منوهًا بأن استعانة الطلاب وأولياء الأمور بأبحاث جاهزة، تُباع في المكتبات ومراكز الدروس الخصوصية، لن تُفيدهم. ويكمل شحاته: "من السهل على الأساتذة التفرقة بين الأبحاث المكتوبة ومدفوعة الأجر، والأبحاث التي كتبها الطلاب بأنفسهم، والتزموا فيها بكل التوجيهات أثناء فترة إعدادها"، مؤكدًا أن إعداد الأبحاث مرت بعدة مراحل؛ الأولى نشرت فيها الوزارة موضوعات للبحوث عبر موقعها على الإنترت، ثم نشرت التربية والتعليم عبر منصتها أيضًا نماذج كاملة لأبحاث مُعدة، ليستفيد التلاميذ والطلبة من طريقة إعدادها، بجانب أن كثير من الصحف نشرت نماذج مُختلفة للأبحاث.



الأبحاث فكرة جيدة واستثنائية تناسب ظروف "كورونا"
من ناحيته يقول الدكتور عادل النجدي، الخبير التربوي، وعميد كلية التربية بجامعة أسيوط، إن تطبيق نظام الأبحاث فكرة علمية مقبولة في ظل الوضع الراهن وأزمة كورونا، موضحًا: "كان من الصعب إجراء امتحانات في المدارس والجامعات للحفاظ على صحة الطلبة، وجاءت فكرة "الأبحاث" كأسلوب تقييم للتلاميذ والطلبة، لعبورهم العام الدراسي الحالي، بدلًا من إلغاءه بالكامل، وإعادة السنة مرة أخرى لجميع الطلبة خلال العام القامدم، وهو ما حدث في بعض البلدان".
ويُتابع النجدي لـ"البوابة نيوز": "الفكرة نفسها جيدة، وتناسب الظروف الحالية، وظهور بعض المراكز لبيع الأبحاث أمرًا طبيعًا، لأن "الأبحاث" جاءت في ظروف استثنائية تمر بها البلاد، وحدث بعض التخبط لدى التلاميذ وأولياء الأمور نتيجة اعتقادهم بصعوبة آلية تنفيذ تلك الأبحاث، وأيضًا بسبب ثقافة أولياء الأمور والتلاميذ في الاعتماد على الدروس الخصوصية كخير طريق للنجاح، فضلًا عن أن الصفوف الأولى في الجامعات لم تدرس أساليب وطُرق كتابة الأبحاث، وفي النهاية "الأبحاث" تجربة جيدة تناسب ظروف كورونا والعام الدراسي الحالي".