الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

حكايات مجهولة|| الشدة المستنصرية.. المجاعة تجتاح العاصمة والناس تأكل بعضها

الشدة المستنصرية
الشدة المستنصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع المقريزى في كتابه «اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء» وصف الأزمة في أرض مصر عقب جفاف النيل في عهد الخليفة الفاطمى الخامس المستنصر بالله، فقد وصل الأمر إلى تدنى قيمة الذهب والفضة وأى ثروة إلى جوار لقمة الخبز، حتى بيعت حارة كاملة وصل فيها ثمن كل دار رغيف خبز واحد.
يقول المقريزى أن الحال تزايد بعد ارتفاع الأسعار ونفاد السلع والبضائع، فأكل الناس القطط والكلاب وارتفع سعرهم، وقد وصل الأمر إلى أن تأكل الناس بعضها البعض وذلك وفق روايات المؤرخين، ويذكر المقريزى أن البعض صنع كلابات وخطاطيف لاختطاف المارين بالطرقات لأكلهم.
ووفق حكاية المقريزي: «كان بمصر طوائف من أهل الفساد قد سكنوا بيوتًا قصيرة السقوف قريبةً ممن يسعى في الطرقات، فأعدوا سلبًا وخطاطيف، فإذا مر بهم أحد شالوه في أقرب وقت، ثم ضربوه بالأخشاب وشرحوا لحمه وأكلوه. 
قال الشريف أبوعبد الله محمد الجوانى في كتاب النقط: حدثنى بعض نسائنا الصالحات قالت: كانت لنا من الجارات امرأة ترينا أفخاذها وفيها كالحفر، فتقول: أنا ممن خطفنى أكلة الناس في الشدة، فأخذنى إنسان، وكنت ذات جسم وسمن، فأدخلنى بيتًا فيه سكاكين وآثار الدماء وزفرة القتيل، فأضجعنى على وجهى وربط في يدى ورجلى سلبًا إلى أوتاد حديد، عريانةً، ثم شرح من أفخاذى وأنا أستغيث ولا أحد يجيبني، ثم أضرم الفحم وأسوى من لحمى وأكل أكلًا كثيرًا؛ ثم سكر حتى وقع على جنبيه لا يعرف أين هو؛ فأخذت في الحركة إلى أن تخلى أحد الأوتاد، وأعان الله على الخلاص، وخلصت، وحللت الرباط، وأخذت خروقا من داره ولففت بها أفخاذي، وزحفت إلى باب الدار وخرجت أزحف إلى أن وقعت إلى الناس، فحملت إلى بيتي، وعرفتهم بموضعه، فمضوا إلى الوالى فكبس عليه وضرب عنقه؛ وأقامت الدماء في أفخاذى سنةً إلى أن ختم الجرح، وبقى هكذا حفرا.
وبلغت مدة حكم الخليفة المستنصر بالله الفاطمى قرابة الستين عامًا ذلك بعدما وصل للحكم صغيرا بعد وفاة أبيه، وشهدت الفترة الأولى من حكمه رخاء رضى عنه الناس، لكن تشاء الأقدار أن يجف النيل وأن يمتنع عن الفيضان لسبع سنوات متتالية فتحدث مجاعة كبيرة عرفت باسم «الشدة العظمى» أو «الشدة المستنصرية».