الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"العالم يصلي من أجل كورونا".. الأخوة الإنسانية: البشرية بحاجة إلى تضامن حقيقي.. ومستشار الفاتيكان: ليس هناك نص معين وكل على حسب طريقته.. و"بوكوفا": دعوتنا خطوة على طريق وثيقة أبو ظبي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تنطلق بعد غدٍ الخميس، فعاليات الصلاة العالمية الموحدة لمختلف الديانات والتي دعت إليها اللجنة العليا للأخوة الإنسانية يوم 14 من مايو الجاري، وسط تفاعل دولي كبير من قادة وزعماء ورموز دينية متعددة وكُتاب.
عقدت اللجنة مؤتمرًا صحفيًا "عن بعد" أمس الاثنين، للإعلان عن تفاصيل المبادرة التي أطلقتها اللجنة أوائل الشهر الجاري تحت عنوان "صلاة من أجل الإنسانية"، مؤكدة أن جميع شعوب العالم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأديانهم ومعتقداتهم عليهم أن يتوجهوا إلى الله بالدعاء والصلاة والصوم وأعمال الخير في ذلك اليوم، كل فرد في مكانه، من أجل أن يرفع الله وباء كورنا عن البشرية، في بيان اصدرته بأربع عشرة لغة.


ما بين الحقيقة والرمزية
وقال المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام للجنة الدولية العليا للأخوة الإنسانية، والمستشار السابق لشيخ الأزهر، إن البشرية في تلك الأيام تواجه بلاء عظيما نتيجة هذا الوباء الذى داهم العالم ولم يستثني أحدًا، مشيرا إلى أنه ومنذ اللحظة التي بدأ فيها ذلك الوباء يغزو العالم عقدت اللجنة العليا عدة اجتماعات بشكل مستمر لبحث خطر الوباء حول العالم وكيف يمكن للبشرية ان تتكاتف مع بعضها البعض لمواجهة خطر ذلك الوباء، حتى تم الإعلان عن تلك المبادرة.
وأضاف، أن هذه المبادرة التي تحمل في طياتها معنيين أحدهما حقيقي ويتمثل في اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يرفع هذا الوباء عن البشرية وأن يوفق العلماء والباحثين في الوصول إلى دواء ولقاح لهذا الوباء، فالصلاة لا تغنى أبدا عن العلم والبحث العلمي، أما عن المعنى الرمزي فيتمثل في أنه فرصة حقيقة أمام العالم ليتوحد ويرتفع فوق الخلافات والصراعات، فالعالم كله عانى إما نفسيًا أو معنويًا من كل صور الخراب والدمار التي لحقت به على مر العصور الماضية

الإنسان دائما بحاجة إلى التوجه إلى الله
وفى رده على سؤال أحد ممثلي وسائل الإعلام حول مدى حاجة البشرية إلى تلك المبادرة في الوقت الحالي، أوضح عبد السلام أننا جميعا بحاجة إلى هذه المبادرة اليوم والأمس والغد أيضا، موضحا أن الإنسان دائما بحاجة إلى التوجه إلى الله سبحانه وتعالى في كل المحن، فجميع الأديان أوصت اتباعها بصدق التوجه إلى الله سبحانه وتعالى عند البلاء واعتقد أن الجميع يدرك الآن اللحظة الفارقة التي تعيشها البشرية، كما أن الدعوة هنا هي دعوة للدين والعلم، وهذا الترحيب الكبير الذى لاقته المبادرة هو بمثابة بارقة أمل، فالعالم يمكن ان يجتمع وسيجتمع في 14 من مايو الجاري من أجل الصلاة والدعاء، وليرسل رسالة بأن البشرية يمكن ان تكون أفضل ويمكن ان نعيش في سلام ايضا.

وفيما يتعلق برد فعل الهيئات والمؤسسات الدينية والدولية على دعوة اللجنة العليا للصلاة والدعاء من أجل الإنسانية في يوم الخميس 14 مايو الجاري، قال عبد السلام إن القبول الروحي الذي لاقيناه بعد إطلاق المبادرة كان مسار سعادة غامرة لجميع أعضاء اللجنة، وكان مسار سعادة حين وصل لفضيلة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، خاصة أن هذا التجاوب العالمي قد تخطى الحدود، فالآن نحن نتلقى كل عشرة دقائق تقريبا رسالة من مكان في العالم يرحبون بهذه الدعوة ويطلبون المشاركة فيها ويعلنون أنهم سيشاركون ويطلبون أيضا من أتباعهم وأصحابهم المشاركة.
وأشار إلى أنهم تفاجئوا بترحيب العديد من القادة السياسيين البارزين والقادة الدينين والفنانين للمبادرة، وإعلان مشاركتهم، وحتى المنظمات الأممية والمؤسسات المجتمعية أعلنت مشاركتها ايضا، لذلك نستطيع القول إن هذه الدعوة حازت إجماع دولي كبير، وحقا أنها تستحق لأنها دعوة إلى التوجه لله بروح الإيمان الكامنة في كل شخص، والحمد لله كان تجاوب كبير يبعث الأمل ويبعث التفاؤل فهي حقا لحظة تأمل.

دعوة مريحة للغاية
وأضاف أمين عام اللجنة العليا للأخوة الإنسانية أن الدعوة حرة لكل الناس في بيوتهم وفي منازلهم، فهي دعوة مريحة للغاية، فكل إنسان يستطيع أن يغلق بابه عليه وأن يتوجه إلى الله بالدعاء، مشيرا إلى أن اللجنة أطلقت موقعا إلكترونيا رسميا "للصلاة من أجل الإنسانية بجانب صفحاتها على منصات التواصل الاجتماعي والتي يمكن من خلالها متابعة كل ما يخص المبادرة والتفاعل معها.

وفي رده حول ما إذا كان هناك ترتيبات لحشود لأداء الصلاة والدعاء على أرض الواقع، أم سيتم تأديتها عن بعد، أفاد أمين عام اللجنة أنه ليس هناك صورة موحدة للصلاة والدعاء، فاللجنة كانت حريصة جدا في دعوتها، فنحن نتحدث عن أديان مختلفة وعقائد مختلفة ومذاهب مختلفة، نتحدث عن بشر تجمعهم إنسانية وأديان مختلفة، نحن لم نتحدث عن طقوس معينه موحدة، مشيرا إلى أن اللجنة أكدت في دعوتها أن كل إنسان يصلي ويتضرع حسب دينه ومعتقده ومذهبه.
وتابع مضيفا أن الجميع يعلم عن الإجراءات الاحترازية التي حددتها الجهات المختصة والتي أكدت فيها على أنه يجب على كل فرد حماية البشرية، والالتزام بالتدابير الاحترازية وتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي الذي يعد أهم هذه التدابير وبالتالي لا حديث حول أي حشود في أي مكان، كما قلنا كل حسب دينه وشريعته يمكن أن يؤدي هذه الصلاة ومن يريد المشاركة يمكن أن يكون من خلال موقع اللجنة أو منصات التواصل الاجتماعي، ويكون ذلك بدعاء أو بكلمة، فبمجرد أن يعلن أنه يصلي فهذه مشاركة وهي مطلوبة من الجميع.

عبقرية الدعوة
فيما قال المونسنيور يؤانس لحظي، السكرتير الشخصي لبابا الفاتيكان، عضو اللجنة الدولية العليا للأخوة الإنسانية في رده حول أعداد المشاركين في المبادرة، إنه من الصعب وضع أرقام، لكن بكل تأكيد الشيء الذي لمسناه جميعًا، والذي كان مفاجأة للجميع هو الأعداد الكبيرة جدا من كافة القطاعات والذين بدون أن يطلب منهم أرادوا أن يشاركوا في هذه المبادرة، وهذه هي عبقرية الدعوة.
وتابع: نحن أمام خطر عام وشامل لم نطالب بشيء قد يفرق، ولكن طالبنا بشيء قد يجمع ويوحد الناس في التوجه لله عز وجل ليرفع عن البشرية هذه الجائحة وهذا الوباء ويوفق الباحثين ويشفى المرضي، مشيرا إلى أن عدد المشاركين فالمبادرة يتزايد في كل لحظة، وعدد الهيئات التي ترسل رسائل تأكيد للمشاركة في تزايد مستمر، وحتى بعد المبادرة ستظل الفكرة قائمة لنصلي جميعا من أجل أن يرفع الله البلاء دائما.
وفي سؤال عن امكانية أن تبادر اللجنة بإطلاق مبادرة أخرى للصلاة والشكر لله بعد القضاء على الفيروس، قال: "نحن نتمنى أن يكون 14 مايو يوما للقضاء على ذلك الوباء والانتهاء منه ووقتها سنتوجه جميعا بالشكر لله على استجابته لنا في صلواتنا"، موضحا أن هناك تركيز كبير على جانب الصلاة لكن الدعوة هي للصلاة والصوم وأعمال الخير وأعمال التقوى لمن يريدها لهذا لا يوجد شكل معين للمشاركة في هذه الدعوة.
ليست دعوة لدين جديد
وأكد لحظي أن اللجنة العليا للأخوة الإنسانية لا تدعو لدين جديد، بل تؤكد على احترام الاختلاف، فالدعوة هنا دعوة عامة للجميع لكنها فردية لكل شخص، فكل شخص لديه الاختيار في أن يشارك فيها بالطريقة التي يراها مناسبة سواء بالدعاء، والدعاء هنا ليس هناك نص معين، لأن كل شخص مطالب ان يفتح قلبه ويدعو الله لرفع هذه الجائحة بالطريقة وبالكلمات وبالطقوس التي يراها مناسبة حسب إيمانه ومذهبه وعقيدته، كما يؤمن لغير المؤمنين أن يشاركوا أيضا، فهذه الجائحة جعلتنا نشعر اننا أخوة في الإنسانية بعيدا عن أدياننا ومعتقداتنا.

خطوة على طريق وثيقة الأخوة الإنسانية
من جانبها قالت إيرينا بوكوفا الأمين العام السابق لمنظمة اليونيسكو وعضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، إن الصلاة التي ندعو إليها اليوم هي فقط خطوة على طريق وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وهذه الخطوة يجب أن تكون جامعة لمختلف البشر في مختلف أنحاء العالم، متسائلة ما الذي يمكن أن يحدث أكثر من ذلك للبشرية كي تتوحد، لذلك أعود وأستذكر المكتوب في دستور منظمة اليونيسكو والذي يقول أن الاقتصاد وحده لا يكفى بل نريد ان تكون البشرية موحده أيضا، وأن يخاف الإنسان على أخيه الإنسان لكى نصبح نعيش متوحدين وقادرين فعلا على ممارسة حياتنا بطريقة طبيعة أكثر، وأن نتوحد في إنسانيتنا وأن نخاف على بعضنا البعض وكذلك الخوف على بيئة كوكبنا كي نستطيع ان نعيش بسلام.
وفي سؤال لإيرينا بوكوفا حول إمكانية وجود صلوات في مبادرات أخرى مستقبلا كدعوة للصلاة من أجل السلام، قالت إن هذه المبادرة هي أيضا صلاة من أجل السلام وازدهار الإنسانية، ونحن ندعو الجميع لكي نتوحد ونرفع هذه الصلاة لله في هذا اليوم من أجل وحدة البشر، وهذا ما نحن بحاجة إليه اليوم، ولكن يجب أن نهتم أيضا بالقضايا الأخرى التي تمس البشرية مثل التغير المناخي وغيرها، فلا شك أننا نواجه مشكلة تلو الأخرى ويجب ان نتوحد كي نتخطى هذه العواقب.
وفي سؤال للأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية عن وجود دعوات ومبادرات أخرى قريبة ستقوم بها اللجنة، أفاد عبد السلام ان اللجنة معنية بتحقيق أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية، كما أنها تعمل من خلال مبادرات صادقة مخلصة تراعي فيها اللجنة صدق التوجه والهدف، مشيرًا إلى أن الاسمي لهذه الوثيقة وهو خلق الوئام والتعايش والتسامح والإخاء الإنساني بين الناس.
وأضاف أن اللجنة لديها مبادرات عديده بالفعل ولديها مشروعات قائمة وتنتظر التنفيذ وكلها تصب في تحقيق أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية، مؤكدا أن الوثيقة جاءت لتخاطب الإنسان كل الإنسن مهما اختلف عرقه أو دينه أو لونه، مؤكدا أن هناك عدد من المبادرات الأخرى التي ستعمل عليها اللجنة مستقبلا تتحدث عن المواطنة والمناخ والاخلاق.
واختتم داعيا الله أن نتجاوز هذه الأزمة وتعود الحياة إلى طبيعتها حتى يمكن أن نمضي قدما في تنفيذ هذه المبادرات، مشيرا أن اللجنة لا تعمل بمعزل عن الآخرين، فهي تمد يدها لكل من يعمل في هذا المجال لأن كلنا واحد والى هدف واحد نسير، مؤكدا أن البشرية الآن أحوج إلى التضامن الإنساني الحقيقي أكثر من أي وقت مضى.