الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المنسى لا يُنسَى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت زيارتى الأولى لوحدات الصاعقة، أثناء دراستى لعام كامل فى كلية الدفاع الوطنى..ورغم علمى المسبق ببطولة هؤلاء الرجال وتميزهم، إلا أننى لم أتخيل كم التدريبات العنيفة، والمشقة التى يتحملونها، كى تتغير طبيعتهم البشرية، ليتحملوا ما لا يتحمله بشر..تذكرت شعورى بالفخر والزهو بهؤلاء الرجال، وما أصابنى من خوف عليهم جميعا من أصغر مجند لأكبر قائد، أثناء متابعتى لمسلسل"الاختيار"..والذى يثبت ويؤكد انها وحدها الاختيار.."مصر" كنانة الله، التى يقف أبناؤها على مدى التاريخ لحمايتها والحفاظ عليها..لم يمل هذا الشعب من الدفاع عنها، امام اعداء كثر يتكالبون عليها..ظن هؤلاء أن محاولات الإلهاء التى يقومون بها جرفت الشباب بعيدا عن الانتماء الوطنى والمشكلات القومية، لتهب نسائم الوطنية وعشق التراب من خلال عمل درامى يحكى عن أبطالنا المرابطين على الجبهة، تاركين الأهل والأحبة، بكل ما داخلهم من مواجع أو أزمات أو احتياجات إنسانية من ملازمة الوالدين فى كبرهم أو مرافقة الزوجة وشريكة العمر لأوقات ومشاعر هى حق إنسانى لكليهما..ورغم أن طبيعة مشاهدى مسلسلات رمضان البحث عن الترفيه أو الرومانسية، أو على الأكثر المسلسلات الاجتماعية والدينية..ولكن الامختيار فرض نفسه على الجميع كبارا وصغارا، وخلق جوا خاصا أثناء عرضه، وجعل للمشاهد طقوسا وتحضيرات، من أهمها التفاف الجميع، والصمت الذى لا يهزمه إلا فترة الإعلانات البغيضة على نفوس المتابعين..أما أهم التحضيرات فهى علبة المناديل التى تتداولها الأسرة أثناء المتابعة لكثرة البكاء على من يستشهد من شبابنا الأبطال، وغيرها من لقطات ولحظات مؤثرة ومؤلمة، عشناها فعليا وما زلنا نستشعرها مع كل شهيد نودعه، فالحرب مستمرة ولا تمر أيام قليلة حتى نزف شهداء جدد للجنة..وهو ما جعل للمسلسل أهمية خاصة،
وربما ستزداد أهميته بمرور الوقت..فإذا كنا نحن عشنا وعاصرنا تلك الأحداث وما زلنا نعيشها، وبالتالى اصبحت الصورة مألوفة لنا، نعرف جيدا الأحداث وتسلسلها، ونفتقد نسبيا عنصر التشويق، رغم شغفنا بالتفاصيل المرتبطة بأبطالنا، إلا أن الأجيال القادمة سيصبح المسلسل بالنسبة لها توثيق لتلك الفترة وهذه اللحظات..المسلسل يحكى عن البطل أحمد المنسى الذى لا يًنسَى، ليس لبطولته وحماية وطنه فقط، ولكن لكونه نموذجا وقدوة فى الأخلاق والتدين وبر الوالدين والقدرة على القيادة، ومع قصة المنسى البطل الشهيد عدة قصص لابطال آخرين..وعلى الجانب الآخر هشام عشماوى الذى تحول من إبن لقواتنا المسلحة، بعد أن نال هذا الشرف الذى يسعى للحصول عليه عشرات الآلاف من الحاصلين على الثانوية العامة كل عام..ولكنه كفر بالنعمة وتحول إلى عدو لدود لجيش بلده وحامى حماها..أظهر المسلسل الفرق بين الخير والشر، بين رضا الله وطاعته، وبين التخبط والبغض وموت المشاعر السوية..نعيش كل ليلة داخل حياة المنسى، والذى يؤدى دوره الفنان أمير كرارة بنضج وعمق، فأصبحنا جزءا من المنسى نفرح ونحزن معه، ونتلهف رؤيته، ونشعر بحب ولهفة الزوجة الصابرة القادرة المحبة المتلهفة..ورغم اجادة الفنانة سارة عادل فى تجسيد الشخصية، إلا أن صورة السيدة الفاضلة منار زوجة البطل الشهيد تفرض نفسها على عيوننا..فقد عرفناها عندما وقفت متحدثة بلباقة وقوة، أمام رئيس الجمهورية وجمع غفير، وهى تتحدث عن زوجها وصفاته وذكرياته، بقدرة وبطولة تُشرف زوجها البطل الذى تركها حاملة لأمانة تربية أبطال جدد..وعلى النقيض ما يصيبنا من ضيق وكره لهشام عشماوى، والذى أداه بجدارة الفنان أحمد العوضى فى دور ربما يؤثر على محبته فى قلوب المشاهدين مستقبلا، وهو ما يحسب له قبوله تجسيد تلك الشخصية التى سقطت فى الخيانة وبيع الوطن وموت الضمير، واستشهد على يديه شباب كل ذنوبهم أنهم ينتمون للجيش الذى يحميه ويحمى اهله!..ولكن من عبثوا بفكره أنسوه قيمة حماية الوطن والدفاع عنه..أحببنا المسلسل رغم عدم خلوه من المثالب، والتى لن أكتب عنها حتى ينتهى عرضه كاملا، ليكون النقد منصفا وموضوعيا..كما أننى فضلت أن أتكلم عن حالة الحب والارتباط التى نشعرها جميعا..الاختيار عمل وطنى كان للرئيس السيسي الفضل فى الالهام بالفكرة، عندما تحدث عن بطولة المنسى وتكريمه، وضياع عشماوى وإهانته وذله وهو عائد إلى مصر، وأرضها ترفض أن يخطو عليها، فتعرقلت خطواته عليها!..هذا العمل خطف قلوبنا منذ الحلقة الأولى، وعلم أولادنا حب الوطن وقدسية أرض سيناء، ورددوا مع المنسى كلماته لابنه (رفح..الشيخ زويد..العريش)..تحية لكل من شارك فى
هذا العمل الجاد، وكل من اختاره للعرض فى رمضان لينال أبطالنا ملايين الدعوات.