الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الدراما المصرية ضد الحجر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تكن التوقعات قبل بدء الموسم الرمضاني تتكهن بنجاح موسم الدراما الرمضانية في زمن كورونا خاصة وأن موسم الدراما الرمضانية العام الماضي مُني بخيبات كثيرة. لكننا تناسينا همومنا وتركنا ما تفعله كورونا بالعالم من حولنا، وأمسكنا بـ"الريموت" نقلب بين القنوات المصرية نتابع المسلسلات. وجبة دسمة ما بين الميلودراما والكوميدي واللايت كوميدي والاجتماعي والرومانسي والتاريخي الذي كنا نفتقده لعدة سنوات هي علامات مبشرة باستعادة الدراما المصرية لمكانتها.
ورغم وجود ملاحظات أولية بضعف عنصر الكتابة وضعف السيناريو الذي هو عصب أي عمل درامي يمكن أن يخلده أو يطويه في غياهب النسيان، إلا أن وجود طفرة في الإخراج وتصميم الديكورات وتوظيف التقنيات في الخدع البصرية طغى على الخلل في بعض المسلسلات. تخبرنا مجسات "السوشيال ميديا" مدى تعلق الجمهور بالأعمال المعروضة ومعدلات مشاهدتها والبحث عنها على محركات البحث، بدلا من الانغماس في موجة الاكتئاب والقلق من المستقبل الغامض.
الدراما المصرية لم تترك براثن الحظر الإجباري والحجر الصحي تتمكن منها. والحقيقة أن صناع الدراما أثبتوا لنا مثالا في التمسك بالعمل والاجتهاد في استكمال أعمالهم حتى لا يتوقف تصوير أي عمل، كما أكدوا قدرتهم على التماسك والنهوض من جديد في مواجهة طوفان الإنتاج التلفزيوني الذي تقدمه تطبيقات البث الإلكترونية، مثل: نتفليكس وهولو وأمازون واستطاعوا جذب المشاهدين في مختلف أنحاء العالم العربي لمتابعة إنتاجات رمضان، وللحق الاختيار بين هذا القدر المتنوع من الأعمال لم يكن سهلا لكنه يرضي كافة الأذواق.
شاهدنا كبار نجومنا عادل إمام ويسرا ونادية الجندي ونبيلة عبيد وسميحة أيوب وأحمد خليل وفريدة سيف النصر وافتقدنا صلاح السعدني ويحيي الفخراني... نشاهد النجوم الشباب الذين بتنا ننتظرهم عاما بعد عام أمير كرارة وياسر جلال مثال جاد على التزام النجوم الجدد والوعي في اختياراتهم. نتشوق يوميا لمتابعة الحلقات مع أطفالنا ونناقشها مع أصدقائنا عبر شبكات التواصل الاجتماعي. 
شاهدنا هذا العام إنتاجا مميزا لمسلسل "الاختيار" الذي ينتمي لنوع "الدوكيودراما" أو الدراما الوثائقية ونجح المخرج بيتر ميمي في جذب المشاهدين كبارا وصغارا وقدم لهم ما عجزت عنه برامج "التوك شو" لسنوات طوال في تفسير المكائد ضد أمن وأمان بلادنا واستهداف جيشنا الوطني حماه الله. وهذا أحد أدوار الدراما في تحريك الوعي الجمعي وكتابة التاريخ من زوايا إبداعية ترسخ في الوجدان. أيضا انتعشت الشاشات بأعمال درامية متميزة منها "خيانة عهد" للفنانة يسرا وحلا شيحه، و"بـ100 وش" لآسر ياسين ونيللي كريم بإخراج عصري وجريء للمخرجة الكبيرة كاملة أبو ذكري. 
تحية لصناع الدراما وتحية لطواقم العمل التي تكبدت عناء العمل في ظروف شاقة وضغوط كثيرة ومخاطر العدوى بالفيروس، لكي تقدم لنا وجبة شهية نبني معها ذكريات عائلية تحت الحظر الاجباري!
لكن ما أتمنى غيابه عن الساحة الدرامية هو "الفورمات" الخلطة السهلة المضمون نجاحها على الشاشات العالمية، لدينا الكثير من القضايا والموضوعات المصرية والعربية التي يمكن أن تصل بنا للعالمية، نحتاج فقط المزيد من الحماس نحو الشباب وأفكارهم والتعمق في جذور مجتمعاتنا سنجد ما يلتف حوله الجمهور بكل تأكيد. 
للأسف لن يكون هناك موسم لأفلام العيد كما اعتدنا كل عام مع توالي الأنباء بأننا مجبرون على التعايش مع كورونا لمدة لا تقل عن عقد أي حتى 2030، لكن أملنا في أن تجد السينما دوافعا إبداعية وحلولا بديلة لتقديم أفلام لـ"المحجورين" في البيوت والمشتاقين للسينما أو ربما تعود فكرة السينما في الهواء الطلق " السينما الصيفية" بعد أن تحسن المناخ نوعا ما ولم تعد الحرارة مرتفعة كما كانت في هذا الوقت من الأعوام السابقة. كانت السينما قد ابتكرت من قبل العديد من الحلول البديلة فبعد الحرب العالمية الثانية لجأ السينمائيون إلى حيلة إنتاجية وهي تقنية الـ 16 ملم بدلا من الـ 35ملم، ما وفر لهم المرونة في الحركة وخفض ميزانية العمل، وأتصور أن كورونا سيخلق موجة جديدة من السينما في العالم لأن أحد الحلول المطروحة هو اللجوء للتصوير في الأماكن المفتوحة وفي أحضان الطبيعة ما سيقلل من تكلفة استئجار الاستوديوهات والحاجة المستجدة لتقليل التجمعات، سوف يتمكن السينمائيون من إنتاج أفلام بتكاليف أقل كثيرا من الماضي، وسيتعلق الأمر بسيناريوهات تقوم على شكل فني وبناء درامي يراعي كل هذه الأبعاد بأفكار خلاقة، سوف تزدهر خدمات البث الرقمي وربما تلجأ شركات الإنتاج لطرح الأفلام عبر منصات البث الإلكتروني أولا كما أُطلِقَ العام الماضي فيلم "الأيرلندي".