الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

آلهة مصر القديمة| «إيزيس» ربة القمر وأم المصريين مُربّية حورس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعددت المظاهر المعبرة عن الحضارة المصرية في أوج مجدها، وكان على رأس هذه المظاهر الآلهة المصرية القديمة التى عبرت عن وجودها الاجتماعي والطبيعى، والتى كانت من ضمن جوانب هذه الحياة بكل ما بها من زخم وتناغم وازدهار. وتخطى عدد المعبودات في الحضارة المصرية القديمة الألف معبود التى كانت تمثل جوانب الحياة المختلفة، كالنمو، والشمس، والخصوبة، والفنون، والحياة والموت، وغيرها، إضافة إلى أن العديد من النصوص المصرية القديمة ذكرت أسماء بعض الآلهة دون الإشارة إلى طابعها أو دورها. «البوابة نيوز» تصطحبكم خلال أيام الشهر الفضيل في جولة لتاريخ مصر القديم، فحينما كانت أغلب دول العالم تنام في العراء، وتقتات من الترحال في دروب الصحارى، وتلتحف السماء غطاء لها، كانت مصر قوة ضاربة على كل المستويات، فمصر أول بلدان الأرض التى عرفت الإله ووحدته وعبدته، بل وجعلت لكل قوة كامنة في الطبيعة أو في الحياة المصرية «رمز» يعبّر عنها، أُطلق عليه لقب «إله»، لم يكن هذا الإله يعبد لدى المصريين، ولكنهم كانوا يجلونه ويقدسونه، لاعتقادهم أن روحه تحوى القوة الخارقة المسيطرة على هذا الجانب من جوانب الحياة، وفى حلقة اليوم نتحدث عن الإله «إيزيس».
عُرفت "إيزيس" لدى المصري القديم بأنها ربة القمر التي رمز لها بامرأة على حاجب جبين قرص القمر، ولم تقتصر عبادتها على المصريين فحسب، وإنما عبدها البطالمة والرومان كذلك، وهي أحد أعضاء تاسوع "عين شمس"، باعتبارها ابنة "جب" رب الأرض و"نوت" ربة السماء؛ إضافة لأنها أخت "أوزير" و"ست" و"نفتيس"، وزوجة لأخيها "أوزير"، وأم للمعبود "حـور".
اعتبرها الرومان أم الطبيعة وأصل الزمن، لذلك كرسوا لها عدة معابد في مدن مختلفة، وذاع صيتها بأسطورة أوزوريس زوجها، وشيد لها تماثيل عدة وهي حاملة ابنها حورس، وفوق رأسها قرنان بينهما قرص القمر، وهي الصورة ذاتها التي استوحاها التراث المسيحي في صور السيدة العذراء وهي حاملة ابنها المسيح، وفوق رأسها هالة من النور، حيث كانت "إيزيس" لدى المصريين الأم المقدسة، وزوجة وأخت أوزوريس، التي شاركته في حكم مصر، وعندما قتل جمعت أشلاءه التي كانت قد دفنت في أنحاء شتى من مصر، وأعادت إحياءها بفضل قواها الخارقة للطبيعة.
أنجبت ابنها حورس وساعدته لاستعادة العرش، وقد بجل المصريون القدماء إيزيس، واعتبروها الربة الحامية في جميع أنحاء مصر القديمة، التي عبدوها عبادة قائمة على الحب والإخلاص فصوروا لها صورًا من الجواهر لأنها في اعتقادهم أم الإله، التي تتجلى في هيئة امرأة يعتلى رأسها عرش ذا درجتين، وهو الرمز الذي يُجسّد اسم المعبودة نفسه، كذلك صُوّرت على شكل أنثى يعلو رأسها قرص الشمس وقرنا البقرة، وكان كهنتها الحليقون ينشدون لها الأناشيد ويسبحون بحمدها في العشي والإبكار.
لعبت إيزيس دورًا مهما في أسطورة "أوزيريس" كزوجة وحامية له، وذلك في قصة الصراع والحكم الأسطوري للأرض، فقد حزنت على موت زوجها وأخيها "أوزيريس"، وبكت عليه بكاء مرًا، وقامت برفقة أختها "نفتيس" بالبحث عن جسد زوجها "أوزيريس"؛ وبعد أن وجدته حملت منه ابنهما "حـورس"، الوريث الشرعي لإرث أبيه في الحكم، ويعتبر هذا الدور لإيزيس في الأسطورة هو الدور الأساسي الذي بُنيت عليه أغلب الأدوار الأخرى للمعبودة، وحظيت قصتها بالعديد من الروايات حول هروبها واختبائها في الدلتا بابنها "حـورس" بعيدًا عن يد عمه وقاتل أبيه "سـت"، ورغم كثرة المخاطر التي واجهتها في رعاية وتربية ابنها "حـورس" في أحراش الدلتا بعد ولادته، إلا أنها نجحت في الحفاظ عليه وتربيته، وهو ما عكس أهمية دور إيزيس كإلهة أم لـ"حـورس"، وقد استمرت "إيـزيس" في رعاية "حـور" حتى كبر وقويت شوكته بشكل كاف لكي ينتقم لأبيه، ويحصل على حقوقه في إرثه، والعرش المفقود لأبيه.
لقد جسدت "إيزيس" و"نفتيس" أقدم صورة للنائحات في الأدب والفن المصرى، وقد شُبهت الربتان بطائر الحِـدَّأة، أو السيدات النائحات، وقد بحثت إيـزيس عن زوجها أوزيريس، وصرخت بكاءً على موته، كما أن الربتين قد عُرفتا كربتين حاميتين للمتوفى في العالم الآخر، وقد اكتسبت "إيزيس" دور الحماية من خلال قيامها بحماية زوجها "أوزيريس"؛ فعادة ما تصوَّر مع "نفتيس" وهما تحيطان "أوزيريس" أو "المتوفى" بجناحيهما لحمايته، وذكرت "نصوص الأهرام" أنها قامت بحماية المتوفى مثلما فعلت مع ابنها "حـورس".