الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

عائشة التيمورية.. طفلة القرطاس والقلم

عائشة التيمورية
عائشة التيمورية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في حي "الدرب الأحمر" والذي كان في بداياته مقرًا للطبقة الارستقراطية ولعائلاتها العريقة، ولدت عائشة التيمورية، ابنة إسماعيل باشا تيمور رئيس القلم الأفرنجي للديوان الخديوي في عهد الخديوي إسماعيل، لتجد نفسها تنمو في بيت علم وسياسة، لأب له مكانة سياسية ومثقف شغوف بمطالعة الأدب، وترث عائشة هذا الشغف رغم أن أمها كانت تعارض هذا وأصرت على أن تتعلم ما تتعلمه الفتيات؛ وخلافا لرأي الأم، أحضر الباشا أستاذين لابنته، أحدهما لتعليم اللغة الفارسية والآخر للعلوم العربية. 
روت عائشة: "فلما تهيأ العقل للترقي، وبلغ الفهم درجة التلقي تقدمت إلى ربة الحنان والعفاف، وذخيرة المعرفة والاتحاف، والدتي تغمدها الله بالرحمة والغفران، بأدوات النسج والتطريز، وصارت تجد في تعليمي وتجتهد في تفهيمي وتفطيني، وأنا لا أستطيع التلقي، ولا أقبل في حرف النساء الترقي، وكنت أفر منها فرار الصيد من الشباك، والتهافت على حضور محافل الكتب بدون ارتباك، فأجد لصرير القلم في القرطاس أشهى نغمة، وأتخيل أن اللحاق بهذه الطائفة أوفى نعمة، وكأنت ألتمس - من شوقي - قطع القراطيس وصغار الأقلام، وأعتكف منفردة عن الأنام، وأقلد الكتاب في التحرير لأبتهج بسماع هذا الصرير، فتأتي والدتي، وتعنفني بالتكدير والتهديد فلم أزدد إلا نفورا، وعن هذا التطريز قصورا، فبادر والدي تغمد الله بالغفران ثراه.
وقال لها: "دعي هذه الطفلة للقرطاس والقلم، واحذري أن تكثري من الكسر في قلب هذه الصغيرة"، وأن تثلمي بالعنف طهرها، وما دامت ابنتنا ميالة بطبعها إلى المحابر والأوراق، فلا تقفي في سبيل ميلها ورغبتها، وتعالي نتقاسم بنتينا، فخذي عفت وأعطيني عصمت، وإذا كان لي من عصمت كاتبة وشاعرة فسيكون ذلك مجلبة الرحمة لي بعد مماتي".
تزوجت عائشة في عمر الرابعة عشرة سنة 1854 من محمد بك توفيق الإسلامبولى، وهيأت لها حياتها الرغدة أن تستزيد من الأدب واللغة، فاستقدمت سيدتين لهما إلمام بعلوم الصرف والنحو والعروض، وأتقنت نظم الشعر باللغة العربية، كما أتقنت اللغتين التركية والفارسية.
تولت عائشة أخيها أحمد تيمور -كان والدها قد توفى بعد ميلاده بعامين- وتعهدته بالتربية والتعليم حتى عرف طريقه، وقد صار بعد ذلك واحدا من رواد النهضة الأدبية في العالم العربي؛ في الوقت نفسه فقدت ابنتها توحيدة التي توفيت في سن الثانية عشر، وظلت سبع سنوات ترثيها حتى ضعف بصرها وأصيبت بالرمد، فانقطعت عن الشعر والأدب.
في سنة 1898 أصيبت عائشة التيمورية بمرض في المخ استمر المرض لأربع سنوات حتى توفيت في الثاني من مايو سنة 1902.