الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

آلهة مصر القديمة| «حتحور».. البقرة السماوية والأم الكونية مرضعة الملوك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعددت المظاهر المعبرة عن الحضارة المصرية فى أوج مجدها، وكان على رأس هذه المظاهر الآلهة المصرية القديمة التى عبرت عن وجودها الاجتماعى والطبيعى، والتى كانت من ضمن جوانب هذه الحياة بكل ما بها من زخم وتناغم وازدهار. وقد تخطى عدد المعبودات فى الحضارة المصرية القديمة الألف معبود التى كانت تمثل جوانب الحياة المختلفة، كالنمو، والشمس، والخصوبة، والفنون، والحياة والموت، وغيرها، إضافة إلى أن العديد من النصوص المصرية القديمة ذكرت أسماء بعض الآلهة دون الإشارة إلى طابعها أو دورها. «البوابة» تصطحبكم خلال أيام الشهر الفضيل فى جولة لتاريخ مصر القديم، فحينما كانت أغلب دول العالم تنام فى العراء، وتقتات من الترحال فى دروب الصحارى، وتلتحف السماء غطاء لها، كانت مصر قوة ضاربة على كل المستويات، فمصر أول بلدان الأرض التى عرفت الإله ووحدته وعبدته، بل وجعلت لكل قوة كامنة فى الطبيعة أو فى الحياة المصرية «رمز» يعبّر عنها، أُطلق عليه لقب «إله»، لم يكن هذا الإله يعبد لدى المصريين، ولكنهم كانوا يجلونه ويقدسونه، لاعتقادهم أن روحه تحوى القوة الخارقة المسيطرة على هذا الجانب من جوانب الحياة، وفى حلقة اليوم سنتحدث عن الإله «حتحور».
ظهرت الربة «حتحور» بصور وخصائص مختلفة، وعبدت فى أماكن عديدة فى مصر كلها، وعُرفت كربة للموسيقى، والحب، والعطاء، والأمومة، واندمجت مع الربة «إيزيس»، وقد قورنت فى بلاد اليونان والرومان بالآلهة «أفروديت»، وكانت المعبودة «حتحور» واحدة من أهم وأشهر المعبودات المصرية، بل ومن أوسعها انتشارًا على الإطلاق، ويرجح البعض ظهور عبادتها منذ عصور ما قبل التاريخ.
ذُكرت حتحور فى الميثولوجيا المصرية على أنها البقرة السماوية التى ترضع الملك عند ولادته، وهى الأم الكونية التى تلد الأرواح، وكان المعتقد المصرى القديم يرى أن كل طفل يولد فى البيت الملكى فى مصر القديمة هو صورة من حورس الذى ولدته أمه «إيزيس» بعد موت أبيه «أوزوريس» وخبأته وسط مستنقعات الدلتا ونباتات البردى وأرضعته هناك، وفى معبد دندرة بعض المشاهد التى تصور السبع حتحورات وهن يستقبلن الطفل الوليد حورس بالدف والصلاصل، وفى مقبرة الملكة نفرتارى بوادى الملكات هناك مشهد يصور السبع حتحورات فى صورة سبع بقرات، حيث احتلت «حتحور» مكانة كبيرة فى قلوب المصريين القدماء، ومن أهم مراكز تقديسها فى مصر مدينة دندرة، وقد امتد تأثير حتحور إلى خارج مصر، فكانت مقدسة أيضا فى لبنان، والصومال.
عُرفت «حتحور» فى العديد من صور العبادة كربة السماء العظيمة، وربة للحب والرقص والشراب، ومعبودة للموتى، وراعية للملكية، وسيدة للبلاد الأجنبية، وقد اعتبرت كمعبودة ذات طبيعة عالمية؛ ولذلك فقد تشعبت وتعددت علاقتها بالعديد من المعبودات، فقد ارتبطت بالسماء، و«حور» السماوي، ووصفت بـ«سيدة السماء»، و«سيدة النجوم» كابنة للمعبود «رع»، أما الشعائر والطقوس الدينية التى أقيمت لها، فقد تأسست على الأرجح منذ الأسرة الرابعة تقريبًا، وهناك شواهد على وجود كهنة من الرجال والنساء فى العديد من أماكن عبادتها منذ الأسرة الرابعة على أقل تقدير، ولارتباطها بالأمومة، ثم بالمعبود «رع» والملكية بوصفها أمًا للمعبود «حورس» الملك، وابنة للمعبود «رع» منذ أن أصبح لعقيدة الشمس شأن كبير، تكونت لها علاقة بالشعائر والعقائد الملكية.
تميزت المعبودة حتحور بقناعها ذو الوجه المسطح بأذنى بقرة، حيث يكون مغطى بالباروكة، أو بدون الباروكة، ويختلف عن شكل المعبودة فى الهيئة الآدمية الكاملة للرأس، ويتميز بالتصوير الأمامى وأذنى البقرة بدلًا من الأذن الآدمية، ويعتبر أقدم تصوير لحتحور «وهى تمسك بالصلاصل فى يديها» هو الموجود على الجدار الشمالى لمقصورة «دندرة»، من عصر الملك «منتوحتب، نب حبت رع»، والمنظر يصور «حتحور» فى شكل سيدة بتاج «حتحور»، تمسك بالصلاصل والـ«منيت» فى يديها، وتوجههما نحو الملك الجالس أمامها، وقد ظهرت «حتحور» فى العديد من المناظر بعد ذلك مع الصلاصل، وهناك العديد من المناظر لتقديم الصلاصل بين الملك والمعبودة «حتحور» فى معبد «دندرة».