الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت «122».. يخلق من «السرسى» أربعين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الحقيقة كنت أود ألا أهدر الحروف في ذكر «السرسي» هذا، ولكن لعله يعى ما يتشدق به، فبعض البشر صاروا كالدمى المحشوة بمسجلات تخرج من جوفها ولا تدرك معناها.
لا أعرف متى قابلته ربما أكون قد قابلته وأنا في الصف الأول من المرحلة الإعدادية، كان زميل دراسة، لم تكن بيننا صداقة قوية تسمح له بأن يطلب استعارة دراجتي، لكنه فعل واستحييت أن أرفض، منحتها إياه وأخبرنى أنه سيعود بعد نصف ساعة، انقضى اليوم ولم يعُد، وحينما بحثت عنه وجدته جالسا وعرفت أنه كان يؤجر دراجتى بـ«الشوط»، أصابنى الغضب من فعلته ومن استهلاك دراجتي، لكنه لم يعرض علىّ تعويضا ولم يُقدم اعتذارا.. فصار أول «سرسي» قابلته في حياتي.
في الصف الثالث الإعدادى استأمنت صديقا لى على خطاباتى الغرامية التى كنت أرسلها لفتاة أسرت قلبي، كان يذهب بالرسالة ويأتى بالبشارة ويقول لى: «بتقولك معلش هى مش بتعرف تكتب زيك كلام حلو، بس هى سعيدة جدا بجواباتك وبتبادلك نفس الشعور»، شهور وأنا أُعطى صديقى الخطابات ويعود بنفس البشارة، حتى تفاجأت بخطبتهما، عرفت فيما بعد أنه كان يضع الخطاب في مظروف ويوقع عليه باسمه، ضحكت جدا وقلت لنفسى حينها هذا «سرسى» آخر قابلته في حياتك.
مع أول عمل ألتحق به وبأول راتب اشتريت قميص «جينز» وبنطالا، وتأخرت يوما في العمل فاتصلت بزميل لى لأبات عنده تلك الليلة، رحب بى جدا واستقبلنى بحفاوة وقضينا الليل نٌقلب في الذكريات ونضحك على أيامنا الخوالي، وعلى مشاكساتنا ولهونا في الطفولة، ظللنا نضحك حتى غفت أعيننا، في الصباح استيقظت لأذهب للعمل فلم أجد القميص ولا البنطال، اتصلت بزميلى أسأله: «مش لاقى القميص والبنطلون بتوعى علشان أروح الشغل»، رد في تصنع لذهول: «إنت عندك شغل يا خبر أبيض، ده أنا فكرتك إجازة وكان عندنا مرور فقولت أروح بالطقم بتاعك جديد»، انفجرت في الضحك وقلت لنفسى هذا «سرسى» ثالث قابلته في حياتك.
لم أعد أحسب عدد الدُمى في حياتى ولم أستعد تلك الذكريات إلا بعدما قابلنى «سرسي» جديد في إحدى محطات الصدفة، إذ قال لى صديق «دائما السرسى يأتى من طرف صديق، فلو كان من طرف عدو لأخذت حذري» هذا الرجل صاحب الشارب سيُقدم برنامجا، ومع أنى لا أتفاءل كثيرا بالشوارب الكثيفة التى تُغطى الكلمات وتعبيرات الشفاه، إلا أننى قررت أن أُساعده فجميعنا تعثر في البداية وكان يتمنى أن يمد أحد له يد العون، دارت العجلة وصاحبنا المذيع الألمعى يشكو من ضعف المادة ويؤكد أن الراعى هذا مجرد طُعم وأكلت أنا وصديقى الطُعم، اتفقنا على راتب شهرى حين ميسرة، المهم أن لنا عنده راتبا متى فتح الله عليه، وإحقاقا للحق الرجل تعهد وأكد وأقسم وكرر وأخيرا رأينا ابتسامته من حواف شاربه، فاستبشرنا خيرا، ولأن الأمر بدأ صدفة، عرفنا أنا وصديقى أيضا صدفة أنا صاحبنا الألمعى «مولعها نار»، ضيوف «سبوبة» والعجيب أننا فوجئنا أن صاحبنا يُخرج من جيبه دفتر شيكات ليُحاسب على المشاريب «إيشى خيال يا رجل»، غضب صديقى جدا ولكنى ضحكت جدا جدا وقلت لنفسى هذا سرسى جديد في حياتك لكنه هذه المرة بشارب.