السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

تحديات كبيرة أمام "حكومة الطوارئ" في إسرائيل في ظل أزمة كورونا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تجنباً للدخول في عملية انتخابات للمرة الرابعة على التوالي خلال عام واحد، وبعد أطول أزمة سياسية شهدتها إسرائيل، توصل رئيس الوزراء الإسرائيلي زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، ورئيس الكنيست زعيم حزب الجنرالات (كحول لفان) بيني جانتس، قبل يومين إلى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة بينهما، سُميت "حكومة طوارئ قومية" وستكون هذه الحكومة برئيسين، رئيس حكومة ورئيس حكومة بديل، بحيث يبدأ بها نتنياهو ويحل محله جانتس بعد عام ونصف.
كان الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، قد منح جانتس كتاب التكليف لتشكيل حكومة قبل شهر، ولكن مدة التكليف (28 يوما) قد انتهت من دون توصل إلى نتيجة، فتوجه إليه كل من نتنياهو وجانتس في اللحظة الأخيرة تماما، بطلب تمديد التكليف أسبوعين آخرين، وفق ما يجيز القانون، لكن ريفلين رفض، ومدد لهما 48 ساعة أخرى فقط، ورفض في الوقت ذاته طلبات عدد من وزراء معسكر اليمين بأن يمنح التكليف لنتنياهو، وانتهى التمديد أيضاً من دون نتيجة، فأحال ريفلين التكليف على الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) الذي سيكون لديه 21 يوما ليحاول جمع 61 نائبا حول أحد المرشحين، فإن لم ينجحوا في ذلك، يحل الكنيست نفسه بشكل تلقائي، ويقرر موعدا للانتخابات خلال ثلاثة شهور.

واقع الأمر أن إسرائيل تعيش معركة انتخابات متواصلة منذ بداية عام 2019، إذ جرت خلالها ثلاث معارك انتخابية، في أبريل وسبتمبر ومارس الماضيين، ولم تستطع الأحزاب الفائزة تشكيل حكومة.
تحديات مستقبلية
ثمة تحديات كبيرة أمام مستقبل "حكومة طوارئ قومية" في إسرائيل في ظل تعقيدات المشهد السياسي الإسرائيلي والمطالب المتباينة لطرفي الاتفاق وهي على النحو التالي:
أولاً: وفقاً لخبراء الشأن الاسرائيلي، فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين نتنياهو وجانتس سيكون بداية لمسار طويل يتوقع أن يستغرق أسبوعين إضافيين حتى يتم تشكيل الحكومة رسمياً.
ففي بداية الأمر يجب التوجه إلى رئيس الدولة وتسليمه قائمة بأسماء أكثر من 61 نائباً يؤيدون تشكيل هذه الحكومة، وبعدها سيتفرغ نتنياهو لإرضاء أنصاره في حزب الليكود، حيث اتضح أن نصف عدد الوزراء الحاليين سيفقدون مناصبهم الوزارية، وينوي نتنياهو منح منصب نائب وزير أو سفير في الأمم المتحدة وموسكو ولندن، لوزراء آخرين.

ثانياً: أرجع خبراء ومراقبون سبب تعثر تشكيل الحكومة في إسرائيل لمدة أكثر من عام، إلى الخلافات المتعلقة بمحاكمة نتنياهو بتهم الفساد، فالليكود يريد أن يضمن بقاء نتنياهو رئيس وزراء حتى لو قررت محكمة العدل العليا (أعلى هيئة قضائية فإسرائيل) قبول الدعوى المقدمة إليها وتطلب منعه من ذلك بسبب لوائح الاتهام.
كما يريد الليكود سن قانون يضمن ذلك، ويقترح بندا في اتفاقية تشكيل الحكومة ينص على أنه في حال صدور قرار محكمة يمنع نتنياهو من تولي منصب رئيس حكومة، تحل الحكومة والكنيست وتعلن انتخابات جديدة، لكن جانتس يرفض هذا التوجه ويعتبره عملية التفاف على المحكمة العليا ومساساً بمكانتها وضربا لمبدأ فصل السلطات.
ثالثاً: الرفض الواضح من قبل بعض النواب بإسرائيل لهذا الاتفاق، وتعقيباً منه على الإعلان عن تشكيل حكومة إسرائيلية، قال رئيس القائمة المشتركة، (التي تمثل عرب إسرائيل) النائب أيمن عودة: "إن ما وصفها بـ"حكومة الاستسلام" التي تجمع جانتس ونتنياهو، تعد بمثابة صفعة لأغلبية المواطنين الذين خرجوا مرة تلو الأخرى إلى صناديق الاقتراع لتنحية نتنياهو".. مضيفا: "أن جانتس لم يتسم بالجرأة اللازمة لتحقيق الانتصار واختار بدلا من ذلك إضفاء صبغة الشرعية على ضم الأراضي والعنصرية والفساد".

في حين قال "يائير لبيد" أحد الأعضاء في حزب الجنرالات (كحول لفان) : "إن نتنياهو أصبح اليوم ليس فقط متهماً بالفساد، بل مسؤولاً عن القضاة الذين يحاربون الفساد، لا يوجد أمر عبثي أكثر من هذا" وكذلك قال العضو "عوفر شلح":هذا يوم أسود في تاريخ إسرائيل، فالجنرال جانتس رضخ أمام الفاسد نتنياهو". 

رابعاً: أصبحت التساؤلات المطروحة من قبل المحللين، هل يحقق الاتفاق مصالح وأهداف طرفيه، "جانتس ونتنياهو"، وهل يصمد أمام مطالب أنصار كل تيار؟، واقع الأمر أن نتنياهو حقق في هذا الاتفاق معظم مطالبه السياسية والشخصية، فقد حصل على حق ضم المناطق الفلسطينية من جهة، وتمسك بقانون القومية من جهة أخرى، وفي المجال القضائي تم ترتيب لجنة تعيين القضاة بضمان أكثرية لليمين، وهو ما اعتبره المعارضون "عبثياً"، حيث إن نتنياهو سوف يعين القضاة الذين سيبتون في أمره، عندما يستأنف الحكم إلى المحكمة العليا.

وقال نتنياهو - في تدوينه نشرها بعد الاتفاق - "لقد وعدت مواطني الدولة بتشكيل حكومة طوارئ وطنية لتعمل على إنقاذ حياة ومصادر الأرزاق للمواطنين، وسأواصل عمل كل ما هو مستطاع من أجل موطني الدولة جميعاً"، في حين كتب جانتس في حسابه على "تويتر" فور التوقيع "منعنا انتخابات رابعة. سنحافظ على الديمقراطية. سنحارب (كورونا). هنالك حكومة طوارئ وطنية. سنهتم بجميع مواطني الدولة".
خامساً: مصداقية كل من"جانتس ونتنياهو"، أصبحت محل شكوك أمام تعهد كل طرف في الوفاء بما تقتضية استمرارية حكومة الطوارئ الوطنية، إذ ستكون مدة هذه الحكومة ثلاث سنوات، نصفها الأقل برئاسة نتنياهو، ونصفها الآخر برئاسة جانتس، ويكون فيها رئيس حكومة وبديل عن رئيس حكومة.
ويرى مراقبون أن هذه الصيغة تم اختيارها بغرض الالتفاف على المحكمة العليا، ومنعها من التدخل لمنع نتنياهو من الاستمرار في الحكومة في النصف الآخر من دورتها، حيث اتفق نتنياهو وجانتس على أن يمددا فترة الحكومة من ثلاث سنوات إلى أربع سنوات ونصف السنة، في حال نجحت التجربة، لكن في حال فشلت التجربة بسبب عدم التفاهم أو بسبب تدخل المحكمة العليا، فسيفرط الاتفاق ويتم حل الكنيست والتوجه لانتخابات جديدة.
فقد كان من المقرر أن تبدأ محاكمة نتنياهو في منتصف مارس الماضي، لكن إجراءات الحجر الصحي التي فرضتها السلطات الإسرائيلية، لاحتواء وباء (كوفيد 19) شملت إغلاق المحاكم مؤقتاً، الأمر الذي أدى حتماً إلى تأجيل محاكمته.

ومع توصل نتنياهو وجانتس لهذا الاتفاق على تشكيل "حكومة طوارئ قومية" يبدو أن أمر المحاكمة أصبح محل شكوك، وهو ما يضع مستقبل الحكومة الجديدة أمام تحديات كبيرة، وسيصبح المشهد السياسي الاسرائيلي، محل تجاذبات وتعقيدات وتشابكات من أجل تحقيق كل تيار أهدافه ومصالحه.