الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب أغابيوس: غالبية الشعب المسيحيّ لن يُتاح لهم الحضور للاحتفال بأسبوع البصخة

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقع الأب أغابيوس كاميل عبر صفحته الرسمية عبر "فيس بوك" إن غالبيّة الشعب المسيحيّ لن يُتاح لهم الحضور إلى الكنيسة للمشاركة في الصلوات والخدمات والقدّاسات الخاصّة بأسبوع البصخة المقدّسة خلال الاحتفالات بأسبوع الألم.
وأضاف كاميل: "قد يتساءل البعضُ في قرارةِ نفسِه عن معنى ما نعيشه في هذه الأيّام المقدّسة خاصّة وأنّ غالبيّة الشعب المسيحيّ لن يُتاح لهم الحضور إلى الكنيسة للمشاركة في الصلوات والخدمات والقدّاسات الخاصّة بأسبوع البصخة المقدّسة، وبالأخصّ قدّاس خميس الأسرار، ذلك الحدث الجلل الّذي يجسّد أحد أهمّ أيّام السنة الطقسيّة إذ نحتفل فيه بتأسّيس أسرار الملكوت، سرّ كهنوت العهد الجديد وسرّ إفخارستيّا جسد الربّ ودمه وسرّ الاتّضاع العجيب في غسل الأرجل. هذا ما دعاني أن أعيد معكم قراءة واقع حياتنا المسيحيّة على ضوء أسرار الإيمان الّتي قد تغيب عن أذهان الكثيرين نتيجة إهمال الدور الكهنوتيّ للعلمانيّين المؤمنين بالمسيح".
وتابع: "دعونا نركّز اليوم على الدعوة الكهنوتيّة لشعب الله دون إغفال دور الكهنوت الخدميّ في بنيان جسد المسيح وتحقيق هذه الدعوة الكهنوتيّة لسائر أعضاء جسد المسيح السرّي [أي الكنيسة]، لَعَلَّنا نكتشف معًا أبعاد دعوتنا المسيحيّة إلى القداسة ونتقرّب من السُبل المختلفة الّتي تتيح لنا أن نحيا هذه القداسة بواسطة تقديم ذواتنا ذبيحةً حيّةً مقدّسةً مرضيّةً أمام الربّ (رومية 12/ 1)".
وأكمل: أوّلًا وقبل كلّ شيء يجب أن نميّز بين الكهنوت الخِدَميّ [أي الكهنوت الخاصّ بالمرتسمين في الدرجات الكهنوتيّة] وبين الكهنوت الملوكيّ [أي كهنوت شعب الله الخاص بكلّ المعمّدين].. الكهنوت الخِدَميّ هدفه هو مساعدة المؤمنين أن يحقّقوا كهنوتهم الملوكيّ ومساعدتهم على الوصول إلى قداستهم الخاصّة، بواسطة الأسرار الّتي تساعد كلّ مؤمن أن يحيا اتّحاده بالمسيح كلٌّ حسب دعوته الخاصّة".
وأكمل: "يتّضح جليًّا إذًا: أنّ كهنوت الخدمة هو خادمّ للكهنوت الملوكيّ وضامن لإتمامه، فلا يمكن أن يكون هناك تعارض بينهما بأيّ شكل من الأشكال.
إنَّ خميسَ العهد لَيومٌ محوريٌّ في تاريخ الخلاص، بل محوريٌّ أيضًا في حياة كّل منّا، ففي هذا اليوم قطع اللهُ مع العالم عهدًا جديدًا، بواسطة ذبيحة ابنه، حيث أعلن عن هذا اليوم بفم نبيّه إِرْمِيا «ها إِنَّها تَأتي أَيَّام، يقولُ الرَّبّ، أَقطعُ فيها مع بَيتِ إِسْرائيلَ عَهدًا جَديدًا،... [حيثُ] إنِّي أَجعَلُ شَريعَتي في بَواطِنِهم وأَكتُبُها على قُلوبِهم، وأَكونُ لَهم إِلهًا وهم يَكونونَ لي شَعبًا» (إرْميا 31/ 31-33). لقد أراد المسيح أن يجعل مِنَّا مَملَكَةً مِنَ الكَهَنَةِ لله أَبيه (رؤيا 1/ 6) فأعلن لنا أسرارَ الخلاص أسّس لنا سرّ كهنوت الخدمة، ووهبَنا نعمة تناول جسده المقدّس ودمه الكريم إذ أَشْرَكَنا جميعًا، نحن المؤمنين به، في كهنوته، ووهبنا نعمة الاتّحاد به". 
واستطرد: "إنّ كلّ مؤمن معمّد يمارس خدمةً كهنوتيّة متى قدّم من نفسه ذبيحة حيّة كلّ يوم على مذبح حياته الواقعيّة، متى كانت حياته بخورًا طيّبًا تشتمّه الناس فتمجد الله أباه الّذي في السماوات" ودعونا إذًا نتأمّل معًا بعضَ الوسائل الّتي تساعدنا على تحقيق هذا الكهنوت الملوكيّ في حياتنا اليوميّة.
1- ذبيحة الإفخارستيّا والصلاة
إن الوسيلة الأولى الّتي تضمن للمسيحيّ أن يحيا كهنوته الملوكيّ هي أن تكون حياته نفسها ذبيحةً إفخارستيّة، أي أن تكون حياته كلّ حينٍ ذبيحة شكر لله، في كلّ مرّة نقبل فيها جسد المسيح ودمه نطلب أن نتحوّل نحن إلى خبز مكسور من أجل الآخرين. فذبيحة التسبيح الّتي يجب أن نرفعها في كلّ حين تتحقّق في حياة المسيحيّ متى صارت حياتُه صلاةً وأضحت صلاتُه حياةً تثمر مجدًا وإكرامًا لاسم المسيح الّذي يحمله. بكلمات أخرى تتحقّق هذه الذبيحة في حياتنا كلّما تلاشت المسافة الّتي تفصل بين ما نقوله وما نعيشه، بين ما نعلم به وبين ما نحياه.
2- ذبيحة كلمة الله الحيّة في حياتنا اليوميّة
الذبيحة الثانية الّتي ينبغي أن نقدّمها هي ذبيحة الكلمة. أستطيع أن أقول: إنّ مَن يسمع كلمة الله ويعمل بها فهو يمارس خدمةً كهنوتيّة، ذلك لأنه يقدّم لله ذبيحة المسيح الكلمة المحيي. إنّ الكنيسة أمّنا المقدّسة تكرّم كلمة الله نفس إكرامها لجسد المسيح لأنّه كما أن الإفخارستيا هي الخبز الحيّ النازل من السماء لحياة العالم كذلك كلمة الله هو المسيح نفسه الواهب الحياة للعالم. كلّ مرّة نتأمل كلمة الله ونصلي من خلالها يولد المسيح في قلبنا ونتحد به. لذا نلاحظ أنّه في القدّاس نتناول أوّلا المسيح الكلمة بواسطة القراءات الكتابيّة الّتي تقدسنا نحن السامعين لكي نستحقّ أن نتناول المسيح حمل الله في الجسد والدّم. كلّ مرّة نتكلّم بكلام الله نمارس خدمة كهنوتيّة إذ نتقدّس كلّنا بواسطة كلمة الله الحيّة والفعّالة والأقوى من كلّ سيف ذي حدّين (عبرانيين 4/ 12).
3- ذبيحة المحبّة للفقير الذي هو أيقونة المسيح الحيّة
هناك نصّ رائع للقدّيس يوحنّا ذهبيّ الفمّ يُقرأ في صلوات الساعات حسب الطقس اللاتينيّ يؤكّد فيه أنّ خدمة الفقراء والمعوزين هي خدمة كهنوتيّة قد تكون أعظم من أيّ خدمة كهنوتيّة أخرى، إذ يقول: 
«أتبغي تكريمَ جسدَ المسيح؟ لا تسمح إذًا أن يُعرّضَ للخزي في أحد أعضائه، أي في الفقراء المحرومين مِمّا يستر عريهم! 
لا تكرمه هنا في الكنيسة بأقمشة من حرير، بينما تهمله في الخارج حيث يعاني البرد والعري! لأنّ الّذي قال " هذا هو جسدي"(متّى 26/ 26) مؤكّدًا الحقيقةَ بكلمةٍ، قد قال أيضًا "كنتُ جوعانًا ولم تُطعموني"(متّى 25/ 42) "وكلّ ما لم تفعلوه بأحد هؤلاء إخوتي الصغار فبي لم تفعلوا" (متّى 25/ 45). إنّ جسد المسيح الكائن على المذبح ليس بحاجة إلى الزينة بل إلى النّفس النقيّة، لكنّ ذلك الّذي في الخارج يحتاج إلى الكثير من الاهتمام والرعاية. 
لنتعلّم إذًا أن نهتم بالمسيح وأن نكرمه بالطريقة الّتي يريدها هو نفسه... مَن يتَصَدّق يُمارس خدمةً كهنوتيّة! أتبغي رؤية مذبحه؟ إنّ مذبحه أعضاء المسيح!