الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حادث الأميرية.. عيون ساهرة.. «لا مصالحة مع دعاة المصالحة»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرءوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟»
هذا هو صوت شاعرنا الخالد أمل دنقل.. فيلكن مدخلنا قبل الولوج لما نريد.
*****
بعد دقائق من آذان المغرب، وبينما الناس تدلف إلى بيوتها، امتثالًا والتزامًا بحظر التجوال الذى يحين موعده بعد قليل، ووسط سكونٍ تام.. تتغير الصورة ويتبخر الهدوء، ويصل العديد من عيون مصر الساهرة من رجال القوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب، إلى منطقة عزبة شاهين بالأميرية شرق القاهرة. 
الناس المشغولة بمتابعة تطورات انتشار فيروس كورونا، لم يتخيلوا أن «فيروس» من نوع آخر، يقطن بينهم، ولم يهتموا بالسؤال عن شلة جاءت لتسكن داخل إحدى الشقق في عمارة ترتفع لعشرة طوابق، وعندما علت أصوات ميكروفون الداخلية لتنبه الجميع بأن يلتزموا بيوتهم ويغلقوا الشبابيك والأبواب، فوجئوا بأن الفيروس الذى يسكن بينهم هم مجموعة من الأشرار الإرهابيين الذين لا دين لهم ولا ذمة ولا ضمير.
كانت الصورة الذهنية التى تولدت على الفور، أننا إزاء إرهابيين معجونين بالخسة والنذالة والانحطاط، ومجموعة تريد استغلال انشغال الحكومة والشعب في مواجهة وباء كورونا، لكنهم لم يدركوا أن أمن مصر، يقظ إلى أقصى الحدود، ويرصد منذ فترة هذه الخلية، فلا تشغله مهمة عن مهمة أخرى ثابتة وواضحة على جدول أعماله.
لقد أثبت حادث الأميرية، أن مصر تحارب على كل الجبهات كل الفيروسات، باحترافية بالغة، كما أثبت الحادث تجاوب المواطنين مع الأمن والتزامهم بالتعليمات، وقدم رجال الشرطة المصرية نموذجًا للتعامل مع مثل هذه الأمور يستحق أن يُدِرِس في أكاديميات الشرطة في العالم، فقد أكدوا ما هو مؤكد من أن رجال القوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب، قادرون على التصدى لقوى الإرهاب دون أى خسائر بين المواطنين، وذلك بعد أن نجحوا خلال ساعات قليلة في السيطرة على الموقف وتصفية الإرهابيين، وكانت الضريبة المعتادة شهيدًا قدمته الشرطة المصرية بنفس راضية، وهو المقدم محمد فوزى الحوفى الضابط بالأمن الوطني.
وإذا كانت أصوات الرصاص قد هدأت تمامًا في عزبة شاهين، فإن الناس في مصر لم يهدأ لهم بال، ففى مثل هذه الحوادث يتطلب الأمر أن نضع النقاط فوق الحروف وتحتها أيضًا ونحلل الصورة ونحدد أبعادها.
نعم.. لا يجب أن يمر الحادث مرور الكرام، ذلك أن هناك دروسًا مستفادة منه ومن تداعياته، ومن المفيد أن نشير إلى البعض منها:
لقد أكد هذا الحادث أن مصر هى مصر منذ فجر التاريخ، تتصدى للغزاة من الخارج ومن الداخل وتنتصر عليهم بفضل يقظة شعبها وشرطتها وقواتها المسلحة، وفى أيامنا هذه نرى أن كل أطياف المجتمع وكل قواه تحتشد في مواجهة جائحة كورونا التى تنتشر في العالم كالنار في الهشيم، دون أن يشغلها ذلك عن حماية الوطن من فيروس الإرهاب بكل مسمياته وعلى الرأس منه جماعة الإخوان الإرهابية التى أفرزت كل المسميات الإرهابية الأخرى.
وأكد الحادث أيضًا أن الذين تشربوا بكراهية الوطن، لن يتوقفوا عن محاولاتهم للعودة عبر عمليات إرهابية خسيسة، يخطط لها أولئك المتعطشون للدماء البريئة، دون أى اعتبار للظروف التى يعيشها الشعب في ظل إجراءات احترازية لحمايته من وباء كورونا، ودون أى إحساس بالحالة النفسية للمصريين الذين يستقبلون عيد القيامة المجيد وشم النسيم وهم «محصورون» في بيوتهم، ويستعدون لاستقبال شهر رمضان دون أى مظاهر احتفالية اعتادها الناس في هذا الشهر الكريم.
بات واضحًا لكل ذى عينين، أن قوى الغدر والإرهاب لا تزال تضمر بمصر شرًا لا حدود له، وعلى كل الذين يخرجون علينا كل فترة، دون حياء، بدعوات للمصالحة مع الجماعة الإرهابية أن يختفوا تمامًا من المشهد، بل يجب أن نرفع شعار «لا مصالحة مع دعاة المصالحة»، ويجب أيضًا معاملتهم معاملة الجماعة التى كشفت منذ سنوات طويلة عن وجهها القبيح في سعيها لتدمير وطن خالد على مر الزمان.
منذ عام 2013 وعلى مدى أكثر من ست سنوات، ابتلينا بنحو 17 دعوة تطرح المصالحة مع هؤلاء الخارجين عن ملة الوطن والدين، دون أن يجيب لنا أصحاب هذه الدعوات، عن أسئلة عديدة، لعل أهمها: كيف نتصالح مع جماعات الدم والخراب؟ كيف نتصالح مع قتلة شهدائنا من الجيش والشرطة؟ كيف نتصالح مع الذين تنتشر أبواقهم عبر قنوات الإرهاب فى تركيا، تحرض ضد مصر وشعبها وجيشها وشرطتها؟ كيف نتصالح مع الذين ارتموا في أحضان ذلك الغلام حاكم قطر؟ كيف نتصالح مع قتلة الأطفال والنساء والأبرياء؟ كيف نتصالح مع من أحلوا قتل النفس وتيتيم الأطفال وترك العديد من نسائنا ثكالى وأرامل؟
على كل دعاة المصالحة مع الإرهاب أن يلزموا حدودهم ويدخلوا جحورهم، ويخرسوا ألسنتهم ويصمتوا تمامًا إن لم يكن لديهم شجاعة الاعتراف بالخطيئة في منهجهم أمام كل هذا الكم من الإرهاب المتأصل والمتواصل.
ما زالت كلمات الرئيس السيسي، في جلسات المؤتمر الوطنى للشباب بجامعة القاهرة يوليو 2018، ماثلة في الأذهان، عندما قال، ردًا على دعوات المصالحة: «نجابه الإرهاب بلا هوادة ولن نلجأ للمصالحات حمايةً للدولة والدين.. والشعب وحده هو الذى يقرر مسألة المصالحة».
نعم.. الشعب وحده وليس غيره فالمعركة ضد الإرهاب باتت معركة الشعب مثلما هى معركة الحكم.. إنها معركة الوطن كله ضد الذين لا يعترفون بالأوطان ويعتبرون «الوطن» مجرد حفنة من تراب.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد.. حمى الله مصر وشعبها وجيشها وشرطتها إلى يوم الدين.